الرئيسية | أقلام حرة | التعليم يبني الشباب ويبني الوطن

التعليم يبني الشباب ويبني الوطن

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
التعليم يبني الشباب ويبني الوطن
 

 

إن شبابنا اليوم مطالب بفهم أشياء كثيرة، مطالب بالتدخل في شؤون سياسية لا حصر لها، والتفاعل في قضايا اجتماعية ودينية أثارت الجدل منذ زمن بعيد، بيد أن تضخمها صار ملحوظا في الآونة الأخيرة، وأصبح لوقعها على الفرد والمجتمع بالغ الأثر، ورغم كل ذلك فإن ما يُطلب من شبابنا اليوم يعد فوق طاقاته المعرفية والنقدية.

 

الشاب المغربي يُطْلَبُ منه مشاركة سياسية فاعلة، وهو في إقباله على بيت السياسة تردُدٌ جليٌّ، إذ لا يكاد يَلمح سوى بصيص نور ضعيف منسلخ بعسر من دجى ذاك البيت. ويُلْتَمَسُ منه، من جهة أخرى، أن يفسر كل حدث سياسي بالبلد على حقيقته وسببيته المنطقية، ويبلغ نتائج يقينية تخلصه من الشكوك والضجر. ويُراد منه أن يموقع الفساد وينبذه، والصعوبة تكمن هنا في موقعة الفساد أكثر مما تبدو في نبذه ومحاربته. ويُسأل الشاب أيضا محبة الوطن بإلحاح، في الوقت الذي تكون فكرته مضطربة في تحديد معنى الوطن.

 

يُنَاشد ويُبْتَغى من الشاب المغربي مقاومة من يمس بوحدة بلده الترابية، والوقوف برباطة جأش في سبيل توحيده واسترجاع ما ضاع منه أو كاد، غير أن هذا الشاب لا يفقه شيئا في تاريخ بلاده أعمق من تلك الذكريات المرفرفة في آفاق الأعياد والمناسبات الوطنية.

 

إن الشاب المغربي مطالب بأن يشارك في سياسة البلد ويتفاعل فيها ويتفانى، ويواكب أحداث الحاضر السياسي بمنطق رزين وروية حسنة، ويتتبع آثار الفساد في البلد فيستأصل بعضه أو يظهره، وينهض من أجل وحدة بلده الترابية بقناعة وشجاعة، لكنه غير قادر على شيء من ذلك، لسبب واحد هو أنه لم يتعلم ذلك!

 

إن كل ما يحتاجه الشاب المغربي اليوم في بلده هو أن يتعلم، أن يتابع دراسته في مدرسة تتوفر فيها شروط التعليم القويم، وتتجلى في رؤاها معالم واضحة للتثقيف والتكوين. يحتاج مدرسين لا تقيدهم نواميس متعالية، ومدراء وخبراء يرسمون خططا ومشاريع تنموية تقصد صقل مهارات الشاب وتشجيعه على الخلق الهادف والنقد البناء. فيمسي الشاب المغربي حينئذ مستعدا إذا طلب منه شيئا في سبيل الوطن، حكيما في أقواله وخلاقا بأفعاله، ويصير حتى إذا ولج بيت السياسة لا تهن همته أو تفسد، وإن أبصر الفساد سعى لمحاربته بشكيمة لا تتضعضع أو تذل، وإن قام لوحدة الوطن نهض نهضة لا يشوبها الارتباك أو يضعفها التردد.

 

فقبل أن يطلب الوالد من ولده حقا من حقوقه أو يشتكي منه إذا كان عاقا لزمه التدبر فيما حق عليه تجاه ولده قبل ذلك، من أمثال التسمية والتربية والتثقيف. وقبل أن يطلب البلد من مواطنيه ما يطلب، وجب عليه أن يتساءل ماذا قدم لهم يوم كانوا يطلبون، حينذاك سوف يتساءل المواطن الشاب، قبل أن يسأله عن ذلك أحد، ماذا قدم لبلده قبل أن يسأل بلده ماذا قدم له. ويغدو كل مسؤول في بلدنا أدرى أكثر من أي شخص آخر بأنه يُسْأَلُ قبل أن يَسأل طالما رفعته ثقة السائل إلى منزلة المسؤول.

مجموع المشاهدات: 1458 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة