الرئيسية | أقلام حرة | التعايش بين الفقر والثراء

التعايش بين الفقر والثراء

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
التعايش بين الفقر والثراء
 

 

الفقراء مهددون من الأغنياء والعكس صحيح والإنسانية تعيش على هذا اللوحة ذات الألوان الظَّلامية والظُّلمانية. ومهما حاولت أنظمة السياسية أن تقضي على الفقر وترسم لوحة اجتماعية بألوان العدل والمساواة، نراها للأسف فاشلة إلى يومنا هذا. كما نلاحظ كذلك انه كل ما كانت الأنظمة ديمقراطية تتقلص مساحات الفقر ولكن في نفس الوقت لا يقل الثراء بل يتضاعف أضعافاً مُضاعفة! كيف ما كان الحال فالمعادلة تبقى غير متوازنة وعادلة. ولكن لماذا؟ لأنه غير ممكن أن نقضي على الفقر بدون القضاء على الغَنَاءِ الفاحش حيث يدعو حضرة بهاء الله إلى: "إلغاء كل من الفقر المُدقع و الثراء الفاحش".

 

أنا لا أتقبل أبدا أن أستاذاً وباحثاً جامعياً وممرضاً ومهندساً يجاهدون في خير وصلاح المجتمع ولا يصل راتبهم إلى واحد في الآلاف من راتب لاعب كرة القدم الذي كل ما يفعله هو قذف كرة بقدمه و هو بمستوى دون البكالوريا ولكن لا أرى لقذفته أي منفعة تُذكر للبشرية بل على عكس هذا نجد فيه مثالاً سلبياً للشباب بحيث يقلدونه في شكله وحتى في البصق والعنف ويسعون إلى ولوج نفس الطريق بابتعادهم عن الدراسة ومحاولتهم "للحْريقْ" إلى الخارج بحلم أن يصبحوا نجوما في ملاعب كرة القدم بحيث يصلون في أسرع وقت إلى الثراء.

 

وحينما يكون الهدف من الحياة هو فقط الولوج إلى الثراء بدون حد وفي أقرب وقت، يرى كثير من الشباب أن طريق الدراسة و طلب العلم ليس هو السبيل الناجح لتحقيق غايتهم ولهذا يتجهون إلى طرق أخرى غير مشروعة وفيها هلاك لهم وخراب للمجتمع (مثل المخدرات والنصب والاحتيال ولعب القمار والسرقة والغش والرشوة و الإرهاب...).

 

لهذا كثير من الخبراء في الاقتصاد يصرحون بأن الأزمة الاقتصادية العالمية ليست بسبب الفقر بل بسبب تضخم الثروات الموزعة بشكل غير عادل سواء على المستوى الوطني أو العالمي بين الدول وبما أن العالم أصبح قرية واحدة فالفرق الشاسع بين ثروة بلد وآخر أصبح يشل توازن عمليات التبادل وهكذا نتجت الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها اليوم.

 

إن غياب القيم الإنسانية والروحانية هو سبب الأزمة الاقتصادية الحالية. و إذا تأملنا في عالم الطبيعة نرى الحيوان يصطاد للأكل فقط وعندما يُشبع حاجياته يرتاح ولا يفكر في مضاعفة الصيد لزيادة ادخاره بـ كميات كبيرة من اللحوم. أما الإنسان على العكس فمهما توفر له من الأموال ليعيش بها ألف سنة من الرفاهية نجده لا يتوقف عن تكديس ثروته حتى الموت. لكن هذا التكديس يكون دائما على حساب الفقير الذي لا تتوفر له أبسط الحاجيات. بمعنى آخر هو أن موارد العالم أو الوطن محدودة حتما وإذا أخدنا مثالا بسيطا كأهل قرية لهم عشرة أطنان من الطحين لطعامهم السنوي، بحيث إذا تأمر شخصان أو ثلاث بطريقة شرعية أو لا على شراء كل هذه الكمية من الدقيق و احتكار بيعها بحيث يبيعونها بأسعار تجاوز إمكانيات القرويين فماذا سيحدث؟ سنرى في هذه الحالة الأغنياء لا يرون في الفقراء سوى وقود لتضخيم أرباحهم بدون أي قيم أخلاقية أو إنسانية أو روحانية. هذه الأزمة الأخلاقية ستكون سبباً بلا شك في الأزمة الاقتصادية التي ستطغى على هذه القرية وهذا الظلم الناتج عن عدم قناعة الأغنياء سيتسبب عاجلاً أو أجلاً في اندلاع ثورة ضدهم لتبدأ دوامة من النزاعات وعدم الاستقرار داخل تلك القرية.و للأسف هذا ما يقع حاليا في العالم بين الدول وداخل كل وطن من الأوطان.

 

بطبيعة الحال سيكون دائما وفي أي مجتمع تفاوت في الثروات و مستويات المعيشة ولكن التفاوت الشاسع بينها هو الخطير! فإذا أصبح إنسان بدون سكن محترم ودون كرامة يتوسل في الشوارع وليس له إمكانيات العلاج أو لا يملك حتى دفع مستحقات خدمة الماء لشربه و نظافته أو إذا كان عامل بمصنع راتبه لا يساوي حتى واحداً في المليون من أرباح الشركة التي يعمل لحسابها فإننا هنا نرى الظلم بعينه وغياب القيم الإنسانية لأن مالكي الشركة يزدادون ثراءً على حساب عمالها الذين يزدادون فقرا مع غلاء مستوى المعيشة. فلو اعتبرت الشركة أن العمال ليسوا مُجرد"خْدّامَة وْ السلام" وإنما شركاء ولهم راتب يسمح لهم بالعيش الكريم بكل حقوقهم، وزيادة على هذا، تُعطى لهم نسبة مئوية مقررة سنويا من مجموع أرباح الشركة، و حينها سنرى كل عامل يعتبر المصنع مصنعه وسيشتغل بكل صفاء و إخلاص لأنه مطمئن أن نجاح الشركة سيعود عليه بالخير كذلك وإذا ما تم ذلك سيصبح التعايش بين الغني وغير الغني ممكناً في جو يسوده العدل وتحكمه القيم الإنسانية العُليا.

مجموع المشاهدات: 1395 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 |
كيفاش بغيت المساوات بين الفقير و الغني في الثروات و انت تري كل فقير كيولد بدون انقطاع اطفال يفوق عددهم 5 و الثري لا يتعدى طفلا واحدا . في نظري الازمات الاقنصادية يسببها تزايد الفقراء مشي الاغنياء .ولهدا هناك عقول جهنمية تفكر و تخطط لتخلص الفقراء من فقرهم معدي يبقى لا فقر و لا فقراء .
مقبول مرفوض
-2
2017/10/16 - 05:22
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة