الرئيسية | أقلام حرة | في المغرب : سياسة بلا خريف

في المغرب : سياسة بلا خريف

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
في المغرب : سياسة بلا خريف
 

 

من الطبيعي أن تتعاقب الفصول و من الطبيعي كذلك أن يأتي الخريف بعد الصيف مما يعطي الأشجار فرصة كي تغير أوراقها و تنمو مكانها أخرى أكثر نضارة و تستقبل الربيع زاهية و تثمر، و لولا احترامها لهذه السيرورة الطبيعية لما كان لتعاقب الفصول معنى و لما كان للغرس معنى و لا للربيع كذلك معنى، نفس هذا القانون ينطبق على تعاقب الأجيال، فالطبيعي في سيرورة الحياة أن يسلم جيل المشعل للجيل الذي يأتي بعده، إلا أن نخبنا السياسية ترفض الخضوع لهذا القانون معاكسة بذلك قانون الطبيعة و مقتنعة أشد الإقتناع بأن الخريف لا يزورها، و لا يعنيها، ففي بلد يتشكل معظم ساكنته من الشباب نجد أن كل الزعامات السياسية تقريبا شيوخ انتهى زمنهم السياسي و لم يعودوا قادرين على خلق دينامية و لا على المبادرة و تحريك المياه الراكدة، هذا دون الحديث عن وصول أشخاص بطرق مشبوهة، دون مستوى تعليمي أو بمستوى تعليمي متدني لا يفقهون في التسيير أو التدبير و لا في السياسة، في حين نجد دولا عظمى وضعت تقتها في شبابها لقيادتها دون أن ينتابها خوف على مستقبلها لأنها تؤمن بأن المستقبل بيد الشباب، فكيف لنا نحن أن نحلم بربيع التغيير و الخريف لا يزورنا ليسقط أوراقا ذبلت و مع ذلك مازالت تتمسك بجذوع الاشجار رغما عن أنف الأشجار ؟

إن وجود شيوخ على رأس مختلف الهياكل و الأجهزة و على كراسي المسؤولية يعطي انطباعا على كوننا نعيش في بلد أصابته الشيخوخة، أو أصيب في مقتل و لا يستطيع إنجاب الخلف، وهذا الأمر تكذبه الأرقام التي تقول بكون أكثر من 70في المئة من ساكنة المغرب من الشباب و هنا لا يبقى لنا لتفسير الأمر سوى فرضيتين لا ثالث لهما إما أننا لا نتوفر على أطر قادرة على تحمل المسؤولية أو أننا لا نتوفر على هذه الأطر أصلا و أما عن الأخيرة فالأرقام التي تتخرج سنويا من الجامعات و المعاهد العليا تكذب هذا الإفتراء و أما عن كونها (أي الأطر ( غير قادرة على تحمل مسؤولية قيادية ما فحتى و إن صحت فهي ليست مسؤولية هذه الفئة بالتأكيد، بل بالعكس هي مسؤولية السلف الذي خطط و يخطط للخلود و في أحسن الأحوال للتوريث، أي أن لا يغادر حتى يزرع مكانه خلفا من صلبه، و لنعود إلى المشهد السياسي و على الخصوص الإطارات الحزبية التي تشتكي في معظمها من عزوف الشباب عن ممارسة السياسة و هذا مجرد افتراء طبعا، فهي المسؤولة بالدرجة الأولى عن هذا العزوف فأغلب الأحزاب لا تنظر إلى قواعدها الشابة سوى كأداة تستخدمها في مراحل معينة و محددة في الزمان و عدا ذلك فلا يوجد أي منطق للتواصل ونقل للتجربة من القيادات الهرمة في أفق إعدادها لخلافتها و تحمل المسؤولية الحزبية فمن شروط التدرج داخل الإطار الحزبي للوصول إلى مناصب القيادة أن تبلغ سن الكهولة، عدا بعض الاستثناءات التي يفرضها منطق الكوطة و على الخصوص فئة الشابات كمقاربة جندرية لا غير، و من جانب آخر فمنطق علاقة الشيخ بالمريد مازالت تفرض نفسها في علاقة القواعد الشابة بالقيادات الهرمة، و لتكون ذا حظوة و تتدرج نحو الأعلى في إطار حزبي معين مهما كانت أيديولوجيتة يفترض فيك كسب رضى الشيخ و لو بلعق كعب حذاءه. و في الأخير أقول لسياسيينا لقد هرمتم في مواقعكم أفما آن للخريف أن يزوركم فنحن نتوق لرؤية الربيع ؟

مجموع المشاهدات: 1316 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة