الرئيسية | أقلام حرة | المقاطعة... بين "الرخا" و"الدوخا""

المقاطعة... بين "الرخا" و"الدوخا""

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المقاطعة... بين "الرخا" و"الدوخا""
 

العصيان المدني الاقتصادي، هكذا أحب تسمية فكرة المقاطعة...هل وصل الشعب المغربي إلى مرحلة العصيان المدني "الاقتصادي"؟ أم أنها فقط خزعبلات و ترهات و"دوخة" مداويخ لعب بهم تيار سياسي لتصفية حسابات دفينة؟

 

قبل أن أحاول الإجابة عن السؤال سأحاول عرض تأريخ مبسط لفكر المقاطعة, التسمية الإنجليزية Boycott لفعل المقاطعة تعود للايرلندي Charles Cunningham Boycott الذي حمل فكر المقاطعة منذ بدايات القرن 19. وهذا الفعل كان متعارفا علية في الأوساط الإنجليزية والمناطق التابعة لها كرد فعل اقتصادي أو سياسي. و قد عرف التاريخ السياسي مجموعة من عمليات المقاطعة للسلع كما حصل في الهند مع غاندي ما بين 1919 و 1920[1] . وحتي في ألمانيا النازية مع السلع اليهودية. وفي غيرها من المناطق في العالم. وفي فرنسا كانت هناك حملات مقاطعة عديدة من أشهرها حملة Jean-Claude Willem في أواخر التسعينات وبداية 2000 ضد السلع الإسرائيلية كرد فعل على تجاوزات إسرائيل إزاء الفلسطينيين، هذ الحملة التي اسفرت على حكم ضد هذا الأخير بغرامة 1000 أورو بتهمة عرقلة الحرية التجارية[2] (وجدوا فلوسكم...).

 

ولن أطيل عليكم بالتأريخ لمن أخذه الفضول أن يعود للكتاب.

 

الرخا والدوخا ...؟

 

سأبدأ بسوء الظن. نعم هناك مطاحنات حزبية بين مكونين من مكونات الحكومة، و يمكن أن تكون الحملة الحالية من تأطير جيش إلكتروني جيد التدريب. نعم يمكن أن تكون الشركات التي تستهدفها المقاطعة شركات جشعة وتمص دم المغاربة.

 

سأعود لحسن الظن لأن سوءه إثم. يمكن أن تكون الحملة فقط "غضبة شعب" مزقت أصابعه جيوبه من كثرة بحثه في أحشائها عن بعض الدراهم حتى "داخ" من كثرة البحث. ويمكن أن تكون الشركات المستهدفة شركات وطنية تدفع الضرائب وتشغل مجموعة من العمال وتساهم في الاقتصاد الوطني.

 

سأبقى دائما في حسن الظن. ومن باب "سد الذرائع" سأقول درء المفاسد أولى من جلب المصالح (وهذه قاعدة في الفقه السياسي الإسلامي). إذن فأين المصلحة و أين المفسدة ؟

 

المصلحة في المقاطعة :

 

إن استمرت المقاطعة فيمكن أن تستجيب الشركات لمطلب تخفيض الأسعار، وفي هذا مصلحة مزدوجة. إطفاء غضب الشارع (وفي هذا درء مفسدة أيضا)، والتأسيس لفعل سياسي و وعي سياسي شعبي بمدى أهمية الفعل الاقتصادي وتأثيره في القرار السياسي. هذا الوعي الذي يمكنه أن يكون حجر الأساس في بناء شعب يستطيع أن يشارك سياسيا ليس فقط بمقاطعة الانتخابات (النسب الضعيفة للمشاركة والتسجيل في اللوائح كمؤشر)، ولكن أيضا بمعرفة مكانته في الاقتصاد كمستهلك له القدرة على تطويع السوق.

 

المفسدة في المقاطعة :

 

يمكن أن تخسر الشركات المستهدفة، ويمكن أن تسرح عمالها، ولن يتضرر أصحابها كثيرا لأن رأس المال لا يعرف الثبات في مكان واحد بل يتنقل من مجال إلى مجال. لكن لنحاول قراءة هذه الأشياء بشكل آخر و لنأخذ كل مجال على حدة.

 

 

مجال المحروقات : شركة إفريقيا من أهم الشركات الموزعة للوقود في المغرب، وهذا المجال لم يعرف المنافسة منذ تحريره لأن الشركات يعملون كفريق أو كارطيل (بنيان مرصوص يشد بعضة بعض). إذن فمقاطعة شركة من شركات الكارطيل سيزعزع هذا البنيان ويشكل صدعا قد يؤدي إلى المنافسة التي هي في مصلحة المستهلك والاقتصاد. مصلحة المستهلك هي تخفيض فاتورته التي ستقوي القدرة الشرائية التي هي من مصلحة الاقتصاد حيث أنها تعزز الاستهلاك الذي هو أهم رافعة للاستثمار و الإنتاج (↓الأسعار يؤدي إلى ... ↑ القدرة الشرائية تؤدي إلى ... ↑ الاستهلاك يؤدي إلى ... ↑ الطلب يؤدي إلى ... ↑ الانتاج يؤدي إلى ... ↑ الاستثمار يؤدي إلى ... ↑ نسبة النمو يؤدي إلى ... ↑ توزيع الأجور يؤدي إلى ... ↑ الاستهلاك.... والدائرة تكبر). هذا من الناحية النظرية التي تطابق الواقع على المدى المتوسط.

مجموع المشاهدات: 1306 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة