الرئيسية | أقلام حرة | غــابــة بــشــريــة شــبــيــهــة بــغــابــة الــحــيــوانــات

غــابــة بــشــريــة شــبــيــهــة بــغــابــة الــحــيــوانــات

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
غــابــة بــشــريــة شــبــيــهــة بــغــابــة الــحــيــوانــات
 

كنت أتابع إحدى القنوات المختصة بالطبيعة والحيوانات وصادفت فيلما وثائقيا عن ملك الغابة الأسد وكان مليئا بالدم والعنف والعدوانية والأنانية في ما عدا لحظات الراحة والوداعة التي تنتابه عند الشبع فيتحول إلى هر لطيف مع اللبؤة التي تتشابه معه في العنف والسرعة في اقتناص الفريسة.

 

للحظات شعرت بقسوة الحيوانات المفترسة في الوقت نفسه شعرت بالأسى لتلك الحيوانات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة مثل الغزال الجميل والزرافة الأنيقة بل حتى الجاموس رغم كبر حجمه وقوته إلا أنه يتهاوى أمام عنف الأسد، وأبشع ما في الأسد هو انقضاضه على فريسته من الرقبة بحيث يشل حركة الفريسة ويضعفها فتسقط مستسلمة للموت المحتم بأنياب الأسد، قد يكون كثير منكم شاهد هذه المشاهد وتألم للحظتها أو أنه استمتع بمشاهدتها وعرف شيئا جديدا عن عالم الحيوان ولكن ما لفت نظري وأنا أشاهد الفيلم هو تشابه عدوانية الحيوانات مع بعض أفراد المجتمع الإنساني الذين يتفننون في عدوانيتهم وبطشهم في أذى الآخرين خاصة مع تميّز الإنسان عن الحيوان بالعقل مما يجعل العدوانيين أكثر بشاعة في عنفهم لأنهم لا يستخدمون قوتهم العضلية فقط وإنما الدهاء والمكر الإنساني، فنجدهم يبحثون عن أكثر الأساليب إيذاء للآخرين وبدهاء يتصيدون الأخطاء ويستغلون نقاط الضعف ليوقعوا بفريستهم ويشوهوا سمعته أو يسلبونه حقوقه أو يورطونه في مواضيع خطيرة تجر عواقب وخيمة لا يمكنه أن ينجو منها أحيانا.

 

وإذا ما تساءلنا عن دوافع الأسود في الافتراس فسيكون السبب الرئيسي غريزة الجوع التي تدفع بالحيوانات البحث عن الطعام، ولكن ما الدوافع التي تدفع الإنسان اللجوء للعدوانية وإيذاء الناس و افتراسهم، قد يكون الجوع ولكن ليس للطعام بقدر ما هو لمضاعفة المال، كما تلعب الأنانية والغيرة البشرية من النجاح عاملا مهما فأعداء النجاح يحاولون بكل دهائهم إحباط الناجحين وإدخالهم دائرة اليأس والتقوقع حتى لا يكونوا مؤثرين في المجتمع ولا تظهر صور نجاحهم، بالإضافة إلى الطمع والأنانية والغيرة هناك الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان بخلاف الحيوان فالعُقد النفسية لها مسببات كثيرة وهي نتاج تراكمات منذ الصغر تظهر للسطح عند الكبر والاختلاط بالناس لاسيما الناجحين والإيجابيين فتظهر أنيابهم السامة التي ينفثون بها على الآخرين ويدمرون حياتهم.

 

نخلص من ذلك أننا نعيش في غابة بشرية شبيهة بغابة الحيوانات إلا أن ما يميزها العقل المُدبر وهو أكثر الأسلحة فتكا إذا ما لم يتم تهذيبه بالأخلاق والتربية الصالحة والقناعة والإيمان بالله تعالى والاعتقاد بأن الأقدار من عنده تعالى ولا يمكن لأحد أن يحصل على شيء دون إذنه وانه لن يتمكن أحد من قتل روح صالحة إلا بإذنه تعالى.

 

كرّم الله الإنسان وخلقه في أحسن تقويم وميّزه بالعقل فلنحمد الله على ذلك ونترك له الثواب والعقاب ونتحلى بالصبر ونؤمن بالقضاء والقدر ونرضى بما قسمه لنا، لنعيش في عالم هادئ وسعيد بعيد عن عدوانية الغابة وقسوتها.

 

 

عندما تتأمل الكون وما به من طبيعة وأحداث وخيرات تعرف عظمة الله في ما خلقه، فكن رحيما بالغير فالرحمة من صفاته عز وجّل.

مجموع المشاهدات: 750 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة