الرئيسية | أقلام حرة | رياضة وفن أم تدليس وتعصب؟!

رياضة وفن أم تدليس وتعصب؟!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
رياضة وفن أم تدليس وتعصب؟!
 

 

بدعة أصبحت قاعدة: أدّ ما أُسند إليك حالا، ثم باشر إجراءات استرداد حقك عبر المساطر الإدارية، ولا يدري أحد كم يقدّر لهذه المتابعة أن تدوم، ولا كيف يعوض عناء مدة المتابعة!!

هذه البدعة التي غزت كل مناحي الحياة، انطلاقا من تنفيذ الأحكام القضائية وصولا إلى أداء فواتير الماء والكهرباء والهاتف... والتي قد يكون وقع فيها هامش خطأ خرافي، قد حطت بثقلها حتى في ميادين اللعب، بل وبشكل أبشع!!

لحكم كرة القدم مثلا أن يعلن مشروعية هدف خيالي(حتى من دون لبس أو شبهة، ولغرض يعرفه هو)، تماما كما له أن يلغي هدفا "لا غبار عليه" إطلاقا.. وبالتالي فهو يتدخل في تحديد النتيجة بشكل يفوق تدخل 22 لاعبا الموجودين على رقعة الملعب،، وعلى الجميع أن ينصاع لسلطة "القانون"، فأقصى ما يمكن المعترضَ فعله هو تقديم شكوى إلى الجهات الرسمية التي أقصى ما يمكن أن تفعله بدورها هو معاقبة الحكم!!!

نعم هذا جيد، ولكن عفوا: ماذا ربح الفريق "المغشوش" من تأديب الحكم؟ وماذا خسر الفريق "الفائز" بعدما ظفر بمسابقة قد يكون مبلغ جوائزها ميزانية دولة؟؟!!!

حتى إذا تم الإصرار على عدم إدخال تقنيات التكنولوجيا المتاحة في التحكيم إبان المباراة، لأسباب ربما نجهل حقيقتها نحن-الجمهور-لكن يقينا يعلمونها هم -الأباطرة المتنفذون المتحكمون في قواعد "اللعبة"-، فيكون على الأقل من باب ذر الرماد ربط عقاب الحكم بإعادة النظر في نتيجة المباراة..

لا، لا يجب معالجة الوضع.. إنها بقرة حلوب ودجاجة تبيض ذهبا تلك اللعبة التي أريد لها أن تلعبا أدوارا سياسية أدناها التنفيس عبر إخراج ما يختلج في الصدر من قهر أو اضطراب بواسطة صراخ في الملاعب أو المقاهي أو حتى البيوت، وأقصاها تخدير جل أفراد الشعب والزج بهم في مهاترات ومراهنات و"معارك" وهمية "دونكيشوتية"، لا تقل سريالية عمن يحمل مطرية في نواديبوحينتمطر في هافانا!!وبين هذا وذاك أصبح الحاضر الثابت أعمال التجارة والسمسرة والمقامرة في "أثمان" اللاعبين والمباريات وحقوق البث..

لقد ولّد الدفع الإعلامي والزخم الدعائي بتوجيه قصدي، أدى هذا إلى بزوغظواهر لا يمكن للمرء أن يستسيغها..

فإذا كانت اللعبة رياضة، فالأولى ممارستها، وتكون مشاهدتها على سبيل النفل. وإذا كانت فنا، فإن التشجيع والتعاطف يستحقه المتقِن المبدع المُجيد.أما إذا كانت مظهرا مكونا أو مكملا للهوية، فإن النصرة يستأثر بها الانتماء والانتصار إنما يكون للذات.. وهذهالأنساق الثلاثة يمكن لذي لب أن يتفهمها ولجهاز فهمه أن يهضمها. أما أن ينحاز مواطن إفريقي لفريق أوربي ذي مستوى فني رديء وعطاء ميداني هزيل، مقابل "معاداة" منافس متمكن يقدم لوحات حية ساحرة، فهذا لا يؤطره أي منطق غير "العصبرانية"، التي تصدع رؤوسنا في الشوارع والمقاهي والمكاتب غداة كل مباراة، والتي تدافع عن الآخر بالتبعية بمسوغ "التاريخ" أو الحظ أو "الكاريزما" في إطار: "ولو طارت معزة"!!

يساند مشجع فريقا تربطه به وشائج الوطنية أو القومية أو غيرها، في مواجهة فريق "غريب" يفوقه أداء وفنا، تسوغتلك المساندةَهذه الروابط.يساند مشجع آخر فريقا "غريبا" يقدم مهارات وفنونا كروية على رقعة الملعب، في مواجهة فريق مدينته أو بلده...، أيضا يبررها(المساندة) الشغف الفني. أما أن يتعصب "مشجع" لفريق "غريب"، ولا يقدم من مسمى الكرة إلا التواجد في الملعب، فهذا يطرح السؤال: ماذا ولماذا نشجع إذن؟

الكارثة أن الأمر عام لا تخصيص فيه لا فيما يخص العمر ولا الجنس ولا الطبقة الاجتماعية ولا حتى المستوى التعليمي أو "الثقافي"!! الكل يتبنى ويهذي ويحلل ويناقش ويبرر وينتقد... هم إدارة الفرق ومدربوها، وحكام المباريات ومحللوها..خططهم بلسم وترياق لا تأتيها الهزائم من بين يديها ولا من خلفها..ومع هذا فقد نسوا تناسوا وتجاهلوا كل المشاكل. لا يلفت نظرهم -عن "المثقفين" أتحدث-ولا يستقطب هواهم ولا يجلب اهتمامهم سوى "المواقع"الضروس الطاحنة تلك.. فلا همّ غيرها يستأثر بـ"التحليل": الكل "عال العال"، التعليم والصحة والبنية التحتية والإدارة والحرية والكرامة... سواء في الداخل أو الخارج.. وكأنه لا هم لنا سوى تلك المستديرة.. فلا نحتاج حتى إلى خلق "توازن" في نقاشاتنا اليومية بتوزيعهابين مجالات الحياة الأخرى.. مجالنا الوحيد هو اللعب!!

 

لم تعد رياضة وترفيها وفنا.. بل أصبحت تجارة مدلسةوأفيونا وتعصبا يؤدي "الجمهور"ثمنهاو"ضرائبها"!!

مجموع المشاهدات: 877 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة