الرئيسية | أقلام حرة | تخلف العرب ، نابع من طريقة تفكيرهم العاطفية

تخلف العرب ، نابع من طريقة تفكيرهم العاطفية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تخلف العرب ، نابع من طريقة تفكيرهم العاطفية
 

 

 

ما أثار سخريتي هذه الأيام على مواقع التواصل الإجتماعي أثناء المواجهة الحمساوية الإسرائيلية، خبر تبرع الأرجنتيني ميسي لاعب برشلونة لإسرائيل بما قيمته مليون دولار تنفيذا لوعد قطعه على نفسه أمام الإسرائيليين، بعد زيارته الأخيرة للأراضي المحتلة رفقة فريقه الكطلوني ، في حالة نأهله لنهائي كأس العالم البرازيل ...

 

 هو خبر كان مصدره أحد المواقع الجزائرية ، المغمورة ، الناطقة بالفرنسية إسمه Le Compétiteur  نقلا عن صحيفة "وات سوبيك" whatsupic الأمريكية، هذا الموقع  الجزائري نشر الخبر من وحي الخيال بعيدا عن الصحة ، إذ لم  يذكر الجهة التي تبرع لها ميسي مكتفياً بمسمى عام و هو " اسرائيل " و من المعروف أنّ من يتبرع فهو يبعث المال لجهة خيرية أو رياضية و لا يبعثها لدولة معروف عنها الثراء نظير قوتها الإقتصادية و المنح التي تحصل عليها من الولايات المتحدة بدعم كبير و توجيه من اللوبي الصهيوني ذو النفوذ الواسع هناك .

 

وما أثبت كذب هذا الموقع Le Compétiteur ، والذي للأسف أصبح يتاجر بالقضية الفلسطينية و يحاول لفت الإنتباه له وجني الأموال بأخبار تتعلق بالنجوم الكبار الأكثر عشقاً من الجماهير العربية ، هو كريستيانو رونالدو أو بالأحرى صورة لرونالدو كان نشرها اللاعب على حسابه الخاص بالفيسبوك و هو يضع قناعاً مصنوعا من مادة النيوبرين أسود اللون ، وهو عبارة عن منتج لمؤسسة يابانية تحمل إسم 'MTG' مختصة في مواد الصحة و التجميل .

و قام كريستيانو بإعلان تسويقي لهذه الشركة في إطار مشروعها " العناية بصحة و جمال الرياضيين " خلال تواجده في طوكيو .

 

حيث قام الموقع الجزائري بنشر هذه الصورة لرونالدو وعنونها معلقا : " رونالدو يتنكر كمستوطن اسرائيلي ليمر عبر الحدود إلى غزة ، إحترام " .

 

المشكلة أو ما أحزنني كثيرا في هذا الخبر هو الطريقة ، الساذجة ، التي تعامل بها عدد كبير من العرب ومنهم المغاربة في نشر هذه المعلومة بلهفة كبيرة ، تنم عن ذاتية كبيرة في معالجة الأمور بعيدا عن الموضوعية والعقلانية. إذ كيلت العديد من الشتائم والسب لميسي وإتهامه بالعمالة والخيانة وغيرها من العبارات القدحية.

 

ويمكن أن نفسر إنتشار هذه المعلومة، المزيفة ، التي إنتشرت كالنار في الهشيم على صفحات الفايسبوك العربية بشيئين مهمين أو ثلاثة :

 

1) المواطن العربي ، إنسان لا زال يتعاطى مع الأمور من زاوية دينية تقابلية  : حلال حرام مسلم كافر عربي يهودي...، إلى حد التطرف، وكل ردود أفعاله عاطفية إنفعالية بعيدة عن رجاحة العقل والموضوعية. إذ بدأ يسب شخصا لا هو عربي ولا هو مسلم ، بمعنى ليست لديه نقط مشتركة مع القضية الأمة القضية الفلسطينية بإستثناء الجانب الإنساني وإختيار التعاطف من غيره.

 

2)  والأهم ، أن عدد كبير من الأفراد العرب يفتقدون للأدوات التحليلية  والنقدية التي تؤهلهم للتعامل مع الأخبار سواء المرئية أو السمعية أو المكتوبة بكثير من الإحترافية وبأسلوب منهجي يحلل الأمور من زاوية ثقافية وقانونية وعرفية ، بمعنى لو كان من نشر ، من الفايسبوكيين ، هذا الخبر الخاطئ يدرك بأن مبدأ وفلسفة تبرع النجوم والأغنياء هو إرسال الأموال للفقراء والمحتاجين عن طريق الجمعيات ذات الطابع الإنساني وأنه لا ترسل التبرعات للدول ككيانات ذاتية سياسية ، ضف لهذا أن إسرائيل دولة غنية جدا وقوية ولن ترضى بإستقبال المعونات من اللاعبين وغيرهم من الأشخاص الذاتيين على الأقل بشكل علني .  

 

 

3)  الإنتشار السريع لمثل هذه الأخبار ، يعزى أيضا لخلط الأمور أثناء مناقشتها، بغلبة أو طغيان الرؤية الدينية الرمزية على ما هو سياسي تحليلي موضوعي ، ناهيك عن غياب ثقافة وفكر متنور يقتنع ويؤمن بضرورية التفريق بين ما هو رياضي وما هو سياسي ، وإغفال أن الرياضة بعيدة كل البعد عن التحاملات العرقية والمنازعات الطائفية الدينية فهي فلسفة عالمية تروم التقارب بين شعوب المعمور وخلق سلام على الأقل يدوم لدقائق أثناء دوران المنافسات الرياضية والكروية بصفة خاصة.

 

 

صراحة أتمنى صادقا ، أن أستفيق يوما وأجد الوطن العربي سار كل مواطنيه أناس عقلانيون منطقيون لا يخضعون لأي بروباغندا دينية أو ديماغوجية عاطفية ، وحينها فقط سنسلك طريق ودرب التقدم والحداثة بمفهوما العقلاني الجوهري وليس بقشورها المتمثلة في اللباس والتقليد الأعمى للاخر الغرب.

 

فسبب تخلفنا هو إستمرار العقلية الشرقية ، الجاثمة على عقولنا والمغيبة لأدوات النقد والتحليل الحداثي التقدمي.

عقلية  رجعية إستغلها الغرب أو المخابرات الأمريكوصهونية جيدا ،لتدريب متأسلمين عرب إرهابيين من الدواعش وغيرهم للقيام بحرب بالوكالة تهدف تدمير الأوطان العربية وإستغلال ثرواتها ، عن طريق مشروع شرق أوسط جديد قوامه دويلات عربية مجزئة غارقة في حروب طائفية وقودها محلي ديني بين السنة والشيعة.

 

 

أخيرا وللمعلومة والتوضيح أكثر بخصوص عدم صحة تبرع ميسي لإسرائيل ، حري بالذكر أن الأرجنتيتي لاعب البارسا صرح البارحة مفندا ونافيا كل تلك الإشاعات والأكاذيب حيث قال بالحرف الواحد " لا أتبرع لإسرائيل فهي دولة غنية، أموالي فقط أقدمها للمستشفيات والمدارس والفقراء".

 

كما أن ميسي أعلن عن رفع قضية ضد الموقع أمام المحاكم، للحصول على تعويض من الأضرار التي تعرض لها بسبب تلك الشائعة التي قد تتسبب في شعبيته عالميا.

وأكد  الموقع الجزائري على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" : "رفع المهاجم ليونيل ميسي بتوجيه من وكيل أعماله دعوى قضائية على موقع Le Competiteur، على خلفية نشرنا خبر تبرعه  بمليون دولار لصالح اسرائيل. لن نتوقف ولن نوفر جهدًا في إيصال أخبارنا للقراء.

 

ملحوظة الهدف من مقالي هذا ، ليس دعما لميسي أو تطبيعا مع إسرائيل أبدا فأنا شخص قومي لدرجة كبيرة جدا ، بل نقدا للعقلية المتخلفة  التي يتعامل بها المواطن العربي في مناحي الحياة والتي تعتبر السبب الحقيقي للأزمة العربية وما تعيشه هذه البلدان من تخلف وتقهقر على جمبع المستويات.

 

يا أمة إستغلت جهلها الأمم.

مجموع المشاهدات: 1147 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة