الرئيسية | أقلام حرة | هل أهل المغرب مستعدون للتَقْنِين؟.

هل أهل المغرب مستعدون للتَقْنِين؟.

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل أهل المغرب مستعدون للتَقْنِين؟.
 

كما دأب الحال، ففترة الصيف ،هي عند الغالبية، فرصة للاستجمام و مناسبة لانتعاش السياحة الداخلية وكذا محطة لصلة الأرحام.أي أنها وقت تعرف فيها حركة التنقل أوجها،وقت تكتظ فيها طرقنا بمختلف أصنافها.

وما دامت الحال كما وصفنا،إضافة إلى أن فئة عريضة من المغاربة لازالت وسائل تنقلهم وسفرهم هي الوسائل العمومية، فهم يكتوون بنار ارتفاع أسعار التذاكر؛ وبخاصة تلك التي تهم الحافلات و سيارات الأجرة الكبيرة.

من المعلوم بداهة أن تغيير سعر التذكرة يجب أن يكون تابعا و مرتبطا بتغير "تكلفة الطاقة المُحرِكة" أو تغير "المسافة المراد قطعها"، وكذا التحول الذي قد تعرفه تكلفة وسائل الإنتاج الأخرى (اليد العاملة ،قطع الغيار....)، لكن الملاحظ هو أن هذه المتغيرات المشار لها، تبقى في حالة "شبه ثبات"،وإن تطورت نحو زيادة التكلفة، فهي لا تقارن بالارتفاع الصاروخي ر الذي تعرفه أسعار تذاكر السفر.

ولمزيد من الإيضاح، فيكفي لكل من تعود على التنقل بين خط سفر واحد، أن يقارن بين التطورات التي تعرفها أسعار التذكرة التي تهم نفس خط السفر في أوقات مختلفة من السنة. إنه كنتيجة لذلك المثل فيمكننا أن نقول أن هناك زيادات مضطردة تعرفها تلكم التذكرة رغم ثبات نفس مسافة السفر أو حتى تكاليف وسائل الإنتاج باختلافها.

وبناء على ما تقدم، يمكننا أن نخلص أن هناك ثقافة منغرسة في أحشاء من" يتدبرون" أمر هذا القطاع ، ثقافة تحمل مسمى "الاستغلال"؛استغلال حاجة المواطن للسفر،وكذا استغلال ضعفه المادي الذي لا يتيح له البديل الأمثل.

إن المناسبات الدينية وغيرها من الأوقات ذات الخصوصية التي تحض على الحركة و السفر، تُظهر لنا بجلاء هذا الجشع الاستغلالي وتلكم الثقافة الكامنة و الرابضة في من هم "يسيرون" قطاع النقل.

وجدير بالذكر، أن قطاع النقل ليس إلا مثالا من مجموع الأمثلة التي تعج بها قطاعات أخرى،أمثلة صارخة بعنوان "هنا الاستغلال لا الخدمة".

وعليه، يبقى السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل ما سلف توصيفه غائب أمره عن الجهات المختصة،أم أن الأمر معلوم لكن هو مسكوت عنه لأننا لسنا مستعدين بعد للتَقْنين؟.

إن مثل هذه الصرخات الشفهية، و الخرجات الكتابية،لهي باتت من المعلوم بالضرورة لدى الخاص و العام،لكن السكوت المطبق الذي تزيد معه حدة استشراء مثل هذه الأمور،ليؤكد أننا لسنا بعد مستعدين للتقنيين.إن "السوق السوداء" التي تعج بها مجالات مختلفة ،ما هي إلا شاهد على قانون ضمني مؤداه: "الكل يأكل ويستغل ضرورة الآخر".

وعلى سبيل المثال، فإطلالة خفيفة في محطاتنا الطرقية المشهورة (أولاد زيان ، القامرة ، انزﯕان مثلا) تجعلنا نستقي مشاهد جمة تؤكد ذلكم القانون؛فغياب تشغيل الشبابيك -اللهم إلا في الناذر- و إتاحة الفرصة للوسطاء كي

يبيعوا ويشتروا في التذاكر ،إضافة إلى غياب لجن المراقبة، كل هذا وغيره لهو دليل صارخ على أن ثمة مجالات عدة في بلدنا لازالت غير مستعدة للتقنين.

وجدير بالذكر أننا عندما نتحدث عن الاستعداد هنا، فنحن لا نقصد به استعدادا "طبيعيا/نمائيا" يُنتظر أن تبلغه تلك القطاعات ؛فغياب الاستعداد مرده أساسا ليس للجانب "البيولوجي" و لكن للشق "البنيوي"؛فالطريقة التي تسند بها الأمور و توزع بها المسؤوليات هي التي تنتج لنا هذا العطب البنيوي،هذا الأخير الذي يكرس ثقافة الاستغلال لا الخدمة التي تنأى عن التقنين.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن هذا الجشع الاستغلالي وذاك الاستعداد الغائب، يقابله "استعداد خضوعي" لدى "المواطنين"؛ فثقافة الرفض و كلمة لا "للاستغلال"، تبقيان في خبر كان. بالفعل قد لا نعدم مبررات يدلي بها "المواطن الخاضع" لعدم رفضه للاستغلال...لكي تبقى في الأخير الحقيقة و المسؤولية معلقتان بين ذلك الغياب "ألاستعدادي" للتقنين لدى المسؤوليين،و هذا الاستعداد للخضوع الكائن لدى "المواطنين".

مجموع المشاهدات: 1233 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة