الرئيسية | أقلام حرة | البدع: خطر حقيقي على الدين الإسلامي

البدع: خطر حقيقي على الدين الإسلامي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
البدع: خطر حقيقي على الدين الإسلامي
 


تعتبر البدعة من أخطر المسائل التي ظهرت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم، و من المشاكل الكبرى التي يواجهها العلماء و الفقهاء و المجتمع الإسلامي لأن مع تكاثرها أصبح من الصعب على الإنسان العادي (صاحب الثقافة المحدودة في أمور الدين...) أن يفرق بين السنة و البدعة، فقد دخلت هذه الأخيرة في معظم العبادات و أكثر من ذلك فقد ظهرت بعض الطوائف أو الأسر ينتمون لزاوية معينة و يجتمعون فيها في كل المناسبات الدينية و يقومون ببعض الطقوس التي ابتدعوها و التي ليس لها أي أساس ديني...

 
أخرج مسلم: «عن جابر بن عبد الله ؛ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: "أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"».

 
بعد قراءة هذا الحديث نتساءل لماذا الإبداع في الدين غير جائز و لو كانت النية هي التقرب إلى الله؟

 
عندما يبتدع الإنسان في الدين يعتبر ذلك تعبير ضمني على أنه غير مقتنع بما أنزل الله في كتابه و بما أوحى به إلى رسوله.

 
و بتعبير آخر كأنه يقر بأن الله أنزل الدين ناقص أو أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يبلغه كما يجب...، و هذا التشكيك يضل الناس عن العبادة السليمة.
و بكل اختصار علينا أن نبحث في هذه الأمور المهمة لكي نستطيع أن نفرق بين السنن الداعية للهدى و البدع الداعية للضلال...

 
يمكن اعتبار البدعة  بأنها أخطر من المعصية لأن:


العاصي عندما يرتكب المعاصي يضر نفسه و لا يضر أحدا غيره، و يمكنه التوبة بطبيعة الحال...، أما المبتدع يضر نفسه و أهله و يجعل الفتنة في الدين، و قد ينقل أفكاره و آراءه إلى أولاده و أحفاده...


لا يمكننا مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل لأن المجال لا يسمح بذلك لكننا سنحاول بإيجاز أن نشير إلى بعض النقاط المهمة تتعلق بهذا الموضوع و هي:


1- البدعة في اللغة هي إحداث شيء لم يسبق إليه أحد، فالاختراعات و تصميم الهواتف المحمولة و ابتكار طرق للبناء و اللوحات الفنية... كل هذه الأمور إبداعات بشرية جائزة شرعا ما لم تخالفه.


2- البدعة في الاصطلاح تعني إحداث شيء في الدين سواء تعلق بالعقائد أو العبادات دون الاستناد لأي أصل شرعي أو أن يكون مبنيا على مخالفات شرعية، كإقامة بعض الشعائر و الطقوس الدينية التي لم ترد عن الرسول صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه و لا في الإجماع...


3- هناك من يقول أن البدعة قد تكون حسنة، و هذا الزعم ليس له أي دليل شرعي و أكثر من ذلك فإنه يخالف مضمون ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188 ـ 189).


4- هناك من يقول أن عمر بن الخطاب قد ابتدع في الدين عندما جمع الناس على إمام واحد لصلاة التراويح، فهذا عمل قام به الرسول صلى الله عليه و سلم عدة مرات، فقد صلى بأصحابه في بعض الليالي ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم.


و قد قام عثمان بن عفان بزيادة أذانا ثانيا يوم الجمعة لتنبيه الناس على اقتراب وقت الصلاة، و قام بترتيب القرآن...، فهذه الأمور تعتبر بدع من الناحية اللغوية فحسب لأنها لا تخالف الأحكام الشرعية و فيها مصلحة الإسلام و المسلمين.


5- إن البدعة يختلف حكمها حسب موضوعها و نوعها، فمنها ما هو شرك صريح كتقديم الذبائح لأصحاب بعض القبور تقربا إليهم و طلب العون منهم بحجة أنهم من أولياء الله الصالحين...، و هناك ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج أو أي طائفة أخرى لها اعتقادات مخالفة لكتاب الله أو لسنة رسوله...، و هناك أيضا بعض البدع التي قد تعتبر معصية أو مخالفة و ذلك حسب نوعها كالمحدثات البسيطة في المساجد و المقابر...


6- و المبتدعين كذلك ليسوا في رتبة واحدة، و للتفريق بينهم يجب طرح عدة أسئلة منها: ما هو نوع بدعته؟ هل هو معلنا لها؟ هل يعلم بها؟ هل يدعو إليها؟ هل هو مصر عليها؟ هل هذه البدعة من الكبائر؟....


7- أما العادات و التقاليد التي لا علاقة لها بالدين لا تعتبر من البدع، و إذا كانت تخالف الشرع فيمكن اعتبارها معاصي أو مخالفات فحسب، إن المجتمع يتقدم يوما بعد يوم و هذا التقدم الفكري و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و التكنولوجي من جيل لآخر يسبب حتما في تغير العادات و الأعراف.


8- تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة: من ضلالات البدعة أنها تجعل الإنسان يظن نفسه يقترب بها إلى الله و لكنه لا يدرك بأن تلك التصرفات قد تجعله مخالفا لأحكام الدين، فمثلا الذهاب للزاوية ظنا أن تلك الطقوس قد تقرب العبد إلى ربه بما فيها من ذكر اسم الله و التعبير عن حب الله و تقديم بعض الصدقات...، جميل أن يفكر الإنسان في ربه و يذكره لكن ذلك لا يحتاج لكل تلك الطقوس و لا لطريقة معينة، فهذا الذكر مثلا مشوب بعدة عيوب منها:


- عادة ما توجد القبور في الزوايا و هناك نهي صريح عن الصلاة في الأماكن التي توجد فيها القبور.


- المبالغة في إطراء و مدح الرسول صلى الله عليه و سلم وقد جاء في صحيح البخاري: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله) و هذا الإطراء موجود في بعض قصائد البردة مثلا....

- لا يجوز ذكر الله و الرسول باللحن و الموسيقى.


- لا يجوز القيام بحركات لا تليق بالمدح و لا بالذكر و لا بمكان توجد فيه القبور بداخله، كالقفز و الصراخ (المعروف بالردح).


(إن بدع الزوايا قد تختلف من زاوية إلى أخرى و هناك عدة طرق صوفية و هذا ما يثبت على أن تلك الطقوس مبتدعة لأنه عندما يتعلق الأمر بالعبادات المشروعة كالصلاة و الصيام تكون الفرائض واحدة و واجبة على كل المسلمين لأن المشرع واحد هو الله، بينما في الطرق الصوفية عادة ما نجد اختلافا واضحا بين الزوايا...)


فهذه الأمور غير واردة لا في الكتاب و لا في سنة الرسول صلى الله عليه و سلم و لا في سنة الخلفاء الراشدين... أي ليس لها أي أساس شرعي، إذاً يمكن الحكم عليها بالبدعة...، فكل ما بني على باطل فهو باطل و يجب اجتنابه، فالذكر المبني على هذه الأعمال المحظورة فهو باطل.


9- إن الإسلام دين مكتمل {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} فديننا الحنيف ليس في حاجة لأي إضافة أو تعديل، فإذا ظهرت بعض العبادات و الاعتقادات المحدثة فلا شك بأنها سوف تؤدي للغلو و الابتعاد عن التطبيق السليم لمبدأ الوسطية و الاعتدال هذا من جهة، و من جهة أخرى سيصعب علينا التفريق بين المشروع و المكروه و الحرام و الحلال و الحق و الباطل أي الضلال بمعنى الكلمة، فهذا هو السبب الحقيقي الذي جعلني أكتب هذا الموضوع.


اللهم لا تجعلنا من أولائك الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه و سلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"»

مجموع المشاهدات: 6388 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | YOUNES
BARAKA ALLHAO FIK
MIN AHSAN ALMWADI3 LI CHAFTHA FI AKHBARONA CHOKRAN AKHI
مقبول مرفوض
2
2014/08/18 - 02:16
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة