الرئيسية | أقلام حرة | فوق هذه الارض تنبت المعاناة

فوق هذه الارض تنبت المعاناة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
فوق هذه الارض تنبت المعاناة
 

 

مئات الكيلومترات تفصل بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب مئات الكيلومترات يمكن اجتيازها في ساعات قليلة حين تتوفر الوسيلة المثلى لذلك ..  لن تحتاج الا لساعتين ونصف لكي تضع قدميك على أراضي مدينة طنجة الساحلية قادما إليها من مدينة الرباط العاصمة .. لن تحتاج للكثير من الوقت إن كنت تعمل في مدينة المحمدية وتسكن في مدينة القنيطرة وحتى ان كنت طالبا جامعيا فإمكانك أخد القطار الاول في الصباح والعودة إلى بيتك في آخر قطار يغادر في المساء ..  

حواجز جبلية كتب لها أن تكون جدار المغرب الوهمي الذي يقسمه إلى قسمين .قسم على أرضه تنبث المعاناة وقسم يرى أمامه النور وخلفه مأساة. بين الساحل والساحل كيلومترات تجتاز في ساعات وبين الإنسان والمدرسة معاناة تجتاز في ساعات. بين الحامل والمستشفى طريق اللاعودة على ظهر دابة لا تحس من تراكم الاثقال أو على أوتاد جمعت ببقايا زريبة نسجت بدموع البرد والمناجاة ..  بين الماضي والحاضر حكايات وبين الحاضر والمستقبل علامات لن تكون الا استفهاما عن واقع لا تتغير فيه إلا الاصوات والسنوات أو تعجبا من مستحيل منتظر مراد ..  

من منكم لا يعرف طريق تيشكا وتلك المنعرجات وطول المسافات. من لم يسمع بجمال الطبيعة وكثرة المرتفعات. من منكم لم يسمع عن السير هناك عن الخوف وارتفاع درجة حرارة الجسم وعن كثرة الحوادث والأموات. من لم يزر مضايق دادس وتودغى والشلالات وما وصفه السياح بجنة الخالدات وعن كرم الناس ونكرانهم للذات. من لم يعلم عن أنفكو الموت والحياة وعن أطفال البرد والمعاناة. أم ترى طفلها في الصباح وفي الليل برد وثلج ومصاص دماء.امرأة حامل كلما اقترب وضعها تضاعفت المعاناة وربما تحولت إلى مأساة. هناك تنبث المعاناة وينسى الانسان نفسه وسط الاموات .. 

في باطن هذه الارض خام وماء و فوقها شعب يسقى باللترات أو يبحث عن قطرة ماء  .. معادن هنا وهناك أكبر الشركات والإنسان على أرضه يصرخ لسنوات. بحقه يطالب ولا شيء يحلم به غيره بالذات. غاب الحق ومات الضمير و استمرت المعاناة وكشرت الهشاشة في كل مكان عن الانياب.  هشاشة في كل مناحي الحياة نعيشها ونراها ونسمع عنها حتى أصبحت منا ومنها نقتات.

يحتاج هذا البلد إلى عدل و مساواة فهذه الارض أرض القادم من الشمال والمتجه نحو الجنوب والمستجم في الساحل والعامل في الغرب. أبناؤها كفاءات لو استثمرت لفعلت ما تفعله في بلاد الاخر و لتجاوزت أوهام الهجرة والنسيان ..   

 

 

مجموع المشاهدات: 973 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة