الرئيسية | أقلام حرة | العرب سبب الحرب‏

العرب سبب الحرب‏

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
العرب سبب الحرب‏
 

 

إن المتتبع للأحداث العربية في الشرق الأوسط و العراق و الشام يدرك حتما حجم المعاناة التي يعيشها سكان تلك المناطق, فهم يستيقظون على دوي البنادق و هدير الدبابات و القصف بالصواريخ دون رحمة أو شفقة, يموت الأطفال في أعز مرحلة و أحلاها, يتأسف الآباء لأولادهم و يتجرعون مرارة فراق الأحبة يوما تلو الآخر إلى أن يحظوا بفرصة اللحاق بهم عن طريق التشتت بقنبلة غادرة أو رصاصة خادعة أو برميل مشتعل ألقي عليهم على حين غفلة فتتفحم الجثة و تغيب عنها الملامح الآدمية, و تصير كأنها حطب تم إستعماله للتدفئة, الخارج من البيت لقضاء حاجة مفقود و وداع مؤلم يتكرر كلما أراد أحدهم الخروج من بيته, ذلك أن احتمال قتله وارد, و من يدري فقد يتعرض لقصف متعمد أو قد يتواجد في المكان الخطأ.

أحداث مأساوية يعيشها سكان تلك المناطق المشتعلة, بلغت أقصى المستويات خطورة, و ضربت بعرض الحائط كل المواثيق الدولية و منظومة حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا أمام أنظار العالم بأسره, و لا أحد تساءل عن الصمت الفعلي الرهيب لدول الغرب التي ما فتئت تتغنىبالديموقراطية و حقوق الإنسان, هذا الصمت الفعلي خلف و لازال يخلف خسائرا في الأرواح و الثمرات و الأموال.

صمت يطرح أكثر من سؤال, ثرثرة إستنكار تلازم الأوضاع و صمت الأفعال يطغى على البقاع, و كلام موزون يقال في الظروف المواتية و المناسبات المدروسة, تدخلات حينية و أقوال ظرفية و أفعال مصلحية, نفاق فوق نفاق, و كأن الأمر مجرد تشخيص لأحدات فيلم تمت كتابة سيناريوهاته سلفا و تم تحديد مكان تشخيص الأدوار الحقيقية في أرض الشام و العراق و الشرق الأوسط.

عدوة الجميع داعش كانت مجرد بركان خامد تقتات على فتات بشار و جماعته و كان الغرب يعدها لغاية في نفسه كما كان بشار يعدها لتكون بالمرصاد للثورة السورية, و الأمر أكبر من مجرد خطة محبوكة ذلك أن البغدادي أمير داعش كان يلعب الغميضة مع كلا الطرفين, ليستغل ظرفية زمنية حيث غض فيها الطرفان أبصارهما عنه في آن واحد فيتسلح و يكون عملاء في مختلف دول العالم, أما بشار و الغرب فلم يفتحا عينيهما حتى تقوى الرجل و صار يشكل قوة عظمى تهدد المنطقة.

داعش خرجت عن السيطرة و لم تعد تكتفي بالشام و العراق كدولة بل زادت أطماعها, لتصدر تهديدات صريحة لدول مغاربية و غربية, و هو الأمر الذي استنفر الأجهزة الأمنية لذات الدول للتحرك لحماية مصالحها الإقتصادية و الإجتماعية كذلك.

هذا ما يفسر تأهب و نشر القوات المغربية في سواحل البيضاء و الذي أسال الكثير من المداد في تضارب صارِخٍ للآراء بين مؤيد و معارض,و الأمر الغريب هو السرعة الفائقة التي عمد بها العسكر المغربي لنشر قواته دون أي بيان توضيحي للمواطنين أو تحذير لهم, و تعود أسباب التأهب العسكري بالمغرب عبر نشر قوات بأسلحة أرض جو عقب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها ليبيا, كما أن التهديدات التي وُجِّهت للمغرب من طرف داعشيين مغاربة زادت من الإستعدادات عبر نشر قوات عسكرية بعتادها بمناطق جد حساسة من البلاد, كما أن الإنفلات الأمني الذي تشهده ليبيا جعل الجالية المغربية هناك تتوافد إلى أرض الوطن و هو الأمر الذي يشكل عائقا لابد من اجتيازه للأمن المغربي خاصة و أن قلة المعلومات المتوفرة عن كل أبناء الجالية و ندرتها تجعل منهم متهمين حتى تثبت براءتهم.

و يزيد الطين بلة اكتشاف الأنفاق السرية التي تربط بين تونس و الجزائر مع ليبيا ما يستدعي التأهب بدرجة أكبر لامحالة خاصة في الحدود مع الجزائر إستعدادا لأي هجمة برية محتملة. و نحن طبعا لا نلقي باللوم على الجيش المغربي لنشره لقواته بشكل فجائي لأنه المسؤول و المرابط الوحيد على الحفاظ على أمن و استقر البلد.

و إنما نسعى من خلال هذه الأحداث إلى إبراز مدى أهمية تنظيم داعش و مدى تأثيره على الدول المغاربية فما بالك بالتي يتواجد فيها, و الأمر يستدعي التأمل و تحليل الأحداث بشكل يبين حجم المؤامرة الغربية على سوريا و العراق طمعا في الدخول إليها و نهب ثرواتها بشتى أنواعها.

إن تسلسل الأحداث يوضح بشكل ملفت طمع الغرب في الإستيلاء على جل ثروات المشرق و فرض الوصاية عليه بشكل شرعي حتى تنعم إسرائيل بأمنها و تنام و هي مطمئنة البال, لذلك نرى أمريكا و هي تحشد موالين لقراراتها من أجل الحرب على داعش هذا المولود العاصي و الخارج عن السيطرة.

و الدليل الواضح وضوع الشمس في كبد السماء هو ذلك التجاهل التام للقتل و التنكيل و التعذيب الذي يتعرض له أبناء سوريا و نساؤها و شبابها على مرأى و مسمع الغرب بكل تلاوينه اليسارية و اليمينية و لا أحد منهم حرك ساكنا, إلى أن تم ذبح صحفي أمريكي من طرف داعش في شريط فيديو على اليوتيوب, فتفاجأنا بهذا الكم الكبير من الغربيين الذين تحركوا و طالبوا بضرورة التدخل السريع و العاجل من أجل الثأر لدماء ذات الصحفي, و هو أمر دفع الدبلوماسية الأمريكية لإعلان عزمها الحرب على داعش من أجل إحتواء ثورة غاضبة محتملة بأمريكا.

سيناريوهات لم تكن في الحسبان توالت على السياسة المصلحية الغربية جعلت دبلوماسيي الغرب يرتبكون و يقدمون على اتخاذ إجراءات تفضح ضلوعهم في خطة تدمير شامل للمنطقة الشرقية.

لكن أمريكا تعلمت من خلال تجاربها السابقة و أخذت دروسا في الحروب فقررت عدم التدخل بشكل مباشر لأنها قد تتعثر و تسقط خاصة و أن الخصم قوي و لا يستهان به, و حتى لا تتكرر نفس السيناريوهات التي وقعت بأفغانستان و العراق التي كبدت الأمريكان خسائرا مهمة لم تكن في الحسبان, كما أن تنظيم داعش باستطاعته تحويل مجريات الحرب إلى الأراضي الأمريكية و تحديد ساحة القتال هناك ذلك أن ذات التنظيم يتوفر على عملاء و موالين له لايزالون في طور التدريب بأمريكان.

أوباما لم يخف ضمنيا خوفه من احتمال أن توجه له داعش ضربة في عقر داره, فعمد إلى المساهمة بالأموال و التدريب للعناصر المعارضة بالشام دون أن يتطرق إلى توجيه قواته إلى ساحة الوغى.

المسؤولون العرب سببوا هذه الفوضى العارمة, و لازموا الشاشات للمشاهدة, و انسلخوا من كل واجب و مسؤولية, و تركوا الغرب ليدمر المنطقة, لأن شعوبهم عندهم لا تساوي كراسيهم. و هذا يجيب عن تساؤلات طالما طُرِحَت: لماذا يعيش العالم العربي أحداثا دامية؟, و كيف لازمته هذه اللعنة التي أضحت تهدد العنصر العربي بالإنقراض في أيامنا هذه؟ و طبعا حكام العرب أدرى بأحوال شعوبهم و بلدانهم, لأنهم السبب الرئيس لمعاناة الشعوب و إشعال الحروب.

 

 

مجموع المشاهدات: 926 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة