الرئيسية | أقلام حرة | صدق والله الوزير !!

صدق والله الوزير !!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
صدق والله الوزير !!
 

 

  وأنا في طريقي إلى مدينة الرباط، عاصمتنا الإدارية التي افتقدناها طويلا لغرض من أغراض هذه الحياة، حكى لي رفيق السفرة قائلا: "أنا أستاذ مادة الرياضيات بالثانوي التأهيلي.. أنجزت فرضا لتلامذتي كالعادة.. استطاع بعضهم الحصول على معدل يفوق العشرة والبعض الآخر لم يستطع، ومن بين الفئة الثانية تلميذة غاضها الأمر، لدرجة أنها صرخت في وجهي.."، واستطرد قائلا: "هدأت من روعها ونصحتها: اخفضي صوتك، فأنا أستاذك الذي له عليك واجب الاحترام، لكنها ردت بشكل عفوي: هكذا أخاطب أبي.. !!".. لم يمتلك صاحبي نفسه أمام هول ما سمع، فعجز لسانه عن الكلام..

   لقد كان في الحقيقة ردا قويا يستحق وقفة طويلة المدى، ليخطر ببالي ما نطق به وزير التربية الوطنية الأسبق، المراكشي "محمد الوفا" مخاطبا جمهور البرلمانيين من جهة والشعب المغربي من جهة أخرى بما يشبه صراخا عفويا قوبل مضمونه بالصدى ذات مرة: "والمدرسة المغربية استقلت !!".

   كانت كلمات هذا الأخير موجزة معبرة عما تعانيه المدرسة التعليمية من خيانة بسبق الإصرار والترصد من المؤسسة الأولى لاحتضان الإنسان جنينا حتى وفاته.

    وإذا كان المثل الصيني يقول: "المدرسة مجتمع صغير للمجتمع الكبير"، فعلى غراره وجب القول: "الأسرة مؤسسة صغيرة للمؤسسة التعليمية".

   الأسرة وفق ما عبر عنها البعض من أهل الفكر، دعامة أولى من دعامات التنشئة الاجتماعية قبل المدرسة ومؤسسة الإعلام، الأخطبوط الذي يحسب له ألف حساب في هذا الميدان لقوة تأثيره على الأفراد والمجتمعات. وأي واحدة من هذه المؤسسات لم تقم بالدور المنوط بها إلا وأثرت في الأخرى أيما تأثير، إذ لا يمكن مثلا تصور مدرسة قوية تبني العقول بإعلام رديء يهدمها.. علاقة جدلية تجمع بين هذه العناصر الثلاث، إذا فقدنا بناء إحداها فقدنا الجميع.

   ويوما ما -طال الزمان أو قصر- سيستيقظ مجتمعنا المغربي ذي الثقافة الأصيلة على وقع أفواج بشرية تخرجت بين جدران المدارس، تتكلم بلساننا وتأكل طعامنا وتمشي في الأسواق، لكنها على غير عادة أسلافها الذين مضوا. آنذاك سيحمل المجتمع مرة أخرى المسؤولية للمدرسة وخاصة الأستاذ رمزها الذي ما زال يكابد المشاق ويكافح ضد تيار الجنوب تارة وتيارات الشمال تارات أخرى. وستعقد ندوات كثيرة، ويجد الساسة والمتكلمون مادة دسمة للقيل والقال.

 

   من هنا وجب الاعتراف نظريا على الأقل، بأنه قبل أن يخرج تلامذتنا من منازلهم محملين بكيلوغرامات لا بأس بها من الكتب المدرسية على ظهورهم، أنهم ليسوا صفحات بيض بإمكان المدرس أن ينقش عليها ما شاء، كيفما شاء، بل شحنات ثقافية وحمولات قيمية غير تلك التي تلقن لهم في المدارس بفعل التعامل المكثف مع أخطبوط وسائل الإعلام المختلفة، وخاصة منها تلك المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي حيث يبلغ معدل إدمان استعمالها أربع ساعات يوميا للفرد في غفلة من الأسر التقليدية التي لا تحرك ساكنا للاطلاع على خبايا العلاقة الوطيدة بين الآلة والمتعلم، في عصر يرجع فيه فكر الأخير نحو الوراء لأن مدارسنا ما زالت في عهد الطبشورة والسبورات السود.

مجموع المشاهدات: 1230 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | محمد
صدق الوزير الاخر مرة اخرى
من منا ليس له شخص يعرفه يمتهن التعليم ومن منا لم يجد بعضض رجال التعليم يتعاطون لبيع الخرفان ومن منا لا يعرف رجل التعليم يتمارض في القسمم بمدرسة (حكومية)ويصيح بكل تفاني في المؤسسات الخاصة من منا لا يعرف رجلااتعليم يتعاطى الى اشياء يندى لها ااجببن........... هدا من بين الاسباب التي اسقطت التربية عندنا لان قبل ان يكون التعليم تعليما هناك جانب التربية وهو الاساس ملاحظة لا اقصد من ليس من هؤلاء والله يهدي الاخرين
مقبول مرفوض
0
2014/09/30 - 04:06
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة