عندما يستغل الفقراء
تختلف الخطابات وتتنوع الإيديولوجيات، بين السياسي و الفكري و التربوي والاجتماعي والإعلامي... ، كلها خطابات تنادي في مجموع نصوصها إلى دعم الطبقات الشعبية، و اقتلاع الفساد من جذوره ودعم الطبقات الفقيرة والهشة، والنهوض بها نحو التنمية و التقدم والعيش الكريم، لكن الواقع المعيشي يعكس صورة تناقض ما يشاع ...
الخطابات السياسية لا تخلوا أبدا من التصورات و الأحلام و الوعود والأوهام ، التي تُنشئ لك مباشرة صورة متخيلة و نموذجية ، وتجيب عن تساؤلاتك ، كيف سيكون الوضع بعد تولي هذا الحزب السلطة ؟؟ ، المشاريع و الإنجازات التي تقدمها الخطابات تجعل منك تتصور أن البلد سيتحول إلى جنة ونعيم ، لكن وبعد الاستحقاقات الانتخابية ، وتوزيع الحقائب و الغنائم ... ومرور سنوات عن تولي الحكومة القيادة، الوقائع تحكي و تصور كذب الخطابات السياسية، التي وعدت بتحسين الظروف المعيشية، ونكثت الوعد بغلاء المعيشة ، وعدت بالمحاسبة فإذا بها تعفو وتصفح و الله غفور رحيم ، وعدت بإصلاح القطاعات الحيوية الصحة و التعليم ، ولا زالت النساء تلدن في أبواب المستشفيات ، ولا زال وضع التعليم مزري ، وعدت بخلف فرص شغل فإذا بهم يكتشفون معاناة المعطلين من خلل في الدماغ ، وعدت بتقوية البنيات التحتية و عصرنة الطرق ... ، فإذا بجثث المغاربة تحمل في شاحنات النفايات ... كم وعدت لكن خلفت الميعاد.
إعلامنا الوطني، الحكومي و البديل، لا زال هو الأخر يسير بنفس الخطى التي ترسمها له القرارات و التنظيمات، ويطبل للحداثة والديمقراطية وينسج خرافات و أحلام كسولة يجعل للحكومات فيها دور البطولة، ينشر الجهل والفسق والتخلف في صفوف المجتمع المغربي بمسلسلات وسهرات وبرامج تجعل من المنطق التشاركي في التدبير الإعلامي تطبعه الارتجالية واللامهنية ، الهدف الأساسي فيها نفعي مادي ، لا بارك الله في وعيكم و فكركم وشرفكم ، وقد سارت هي الأخرى في نفس نهج الإذاعات الأجنبية الربحية ، قصد جني ثمار ما زرعته من غباء في الطبقات الفقيرة والمهمشة و على حسابها تجني الملايين إن لم نقل الملايين من الدراهم والدولارات ، باستعمال حيل المكر و الخديعة ، مستغلة أوضاعهم المادية وأحلامهم الموعودة بغد أفضل ، وذلك عن طريق خلق مسابقات تلفيزيونيه ، بأسئلة بسيطة من مسلسل قذر ، عن طريق إرسال رسالة نصية قصيرة يتراوح سعرها حوالي دولار إلى دولارين ، الرسائل التي يجر بعضها البعض ، " أنت على بعد خطوة للفوز بسيارة فاخرة " ... حتى يصطدم بفراغ الرصيد ، ولا شيفرولي ولا هم يحزنون ... ، ويبقى المستفيد الأول و الأخير من ثروة الفقراء الأغنياء، الذين أكرمهم الله بالمساواة مع الفقراء، يأكلون من صناديق الدولة و خصوصا المقاصة ما لذ لهم و طاب... .ويستمرون في الخطاب .
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟