الرئيسية | أقلام حرة | الجهـوية المتقدمة وإشكاليةالتقطيع الترابي

الجهـوية المتقدمة وإشكاليةالتقطيع الترابي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الجهـوية المتقدمة وإشكاليةالتقطيع الترابي
 

 

تعد الجهوية بمفهومها الحديث مجالا محددا وضروريا لتحقيق الانسجام بين العديد من الوحدات الترابية الإداريةبغيت النهوض بمؤهلاتها الطبيعية والمادية في إطار متكامل ومتوازن، كما أنها قد تعتبر نمط من التعبير عن تصور مجتمع ما لحاجاته ومشكلاته وإمكاناته، والكيفية التي يراها مناسبة لتدبير هذه الأمور والتحكم فيها" و بالتالي فهي بمثابة آلية تدبيرية يفترض فيها أن تندرج ضمن استراتيجية تخطيطية، ترابية  شمولية ومتكاملة ناظمة لكل الجهات والقطاعات

فالجهة تشكل ذلك الفضاء الخصبللتشاور و التواصل في مجال التنمية بشتى أنواعها الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وبالتالي فهي تمثل ذلك الرهان الكبير، المتوخى منه إستكمال بناء الصرح المؤسساتي للمملكة، وتوسيع مجال المشاركة السياسية الديموقراطية،بحيث أصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهة كسياسة ترابية بديلة لتطوير مناطق الدولة وأيضاالإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق لبلورة مخطط جهوي يعمل على سد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق

   وبذلك فالرقي بها كمؤسسة دستورية لم تأتي وليدة الصدفة فقد تبوأت مكانة مرموقة على مستوى النظام السياسي المغربي، وتجسدت بوضوح فيمختلف الدساتير المغربية حتى دستور 2011، و أيضاالخطابات الملكية لعل أبرزها "خطاب 9 مارس" الذي كان متقدم بشكل كبير فاقتوقعات اللجنة الإستشارية للجهوية و هنا نتحثعن دسترة الجهوية كسياسة ترابية حديثة تفرض وضع سقف لما ينتظر منها في المستقبل

فقد أصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهوية المتقدمة بإعتبارها الإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق لبلورة مخطط ترابي ناجح يسد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق، نظرا لكون المغرب قد عرف مباشرة بعد حصوله على الإستقلال تحديات كبيرة من أبرزها مشكل الفوارق الاجتماعية بين الجهات التي وضعها المستعمر بغية تحديد دقيق للمناطق التي يتم إستغلالها و الاستفادة منها و فق سياسة تقسم المغرب إلى و جهتين مغرب نافع وأخر غير نافع، من أجل ذلك تفاقمت المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية، ليصبح الرهان اليوم موجها نحو الجهة باعتبارها الإطار الملائم لمعالجة الفوارق بين المناطق وبالتالي بلورة مخطط جهوي ناجح يسد الثغرات التي تركها التقطيع الجهوي السابق.

وتبدو أهمية التقطيع الجهويالذييتكون من 12 جهة بدل 16 جهة المعمول بها في التقسيم الحالي، بمثابة الأليةالتي تفرضها حتمية تسيير البلاد، فبدونه لا يمكن لأي جهاز إداري أن يتحكم في النظام العام لتحقيق الأمن، أوالاستقرار، وحتى لتأسيس لامركزية إداريةو بناء سياسة جهوية قادرة على تدبير شؤون البلاد.

لكن في مقابل ذلك فالتقطيع الترابي سواء تعلق الأمر بالجهوية المتقدمة أو بالتجارب الدولية المقارنة التي تبنت سياسة الجهة، لا يمكن له أن يكون تقطيع مثالي، وحتى إذا نظرنا إلى التقطيع الحالي لا يمكن أن نحمله مسؤولية فعالية السياسة الجهوية أوعليه يتوقف مستقبل التنظيم الجهوي برمته، لأن نجاح أي تقسيم ترابي رهين بمدى مساهمة الفاعلين فيه وإلى أي حد يتم تكريس الديمقراطية المحلية، وحتى يمكن إقامة تقطيع جهوي ذو فعالية فمن الطبيعي أن يأخذ في الحسبان معايير موضوعية تضمن له الاستمرارية، على أساس تحقيق توازن منطقي ومنصف بين مختلف المناطق بغيةإدماجها في مسيرة التنمية.

الإيجابي في مشروع التقسيم الجديد هو كونه يعمل على تقليص المساحات الجغرافية فالأكيد أن التقسيم الجديد قدم أيضا نماذج من ما سيمى بالقطبية التنائية، بمعنى أن وجود قطبين إقتصاديين متكاملين سيقودان القاطرة التنموية للجهةعلى سبيل المثال –فاس مكناس و طنجة- تطوان.

أما بالنسبة للجهات التي قد تكون ضعيفة على المستوى الاقتصادية فنجدأن الفصل 142 من دستور 2011 ينص على إحداث صندوق للتضامن الاجتماعي يعدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية و البنية التحتية الأساسية و التجهيزات، و يحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات بهدف التوزيع المتكافئ للموارد قصد تقليص الفوارق بينها.

 

 ما نخلص له في الأخير، هو مسألة  الموارد المالية على إعتبار أنها الوعاء الذي تطوب في قعره جل المشاكل بمختلف أنواعها إقتصادية إجتماعية و سياسية و ثقافية،فهي بيت القصيد في نجاح نظام اللامركزية الإدارية بحيث أن موارد الجهات التي وجب عليها ان تكون مواردقارة و مستقلة، كفيلةبتمويل مشاريعها التنوية، وبالتالي فلا يمكن أن نعتبر أن التقطيع له دور في عدم فعالية المخطط الجهوي باختلاف التجارب الجهوية المقارنة سواء تعلق الأمربالجهوية السياسية أو الجهوية الإدارية،فقد نجد مثلا النظام الفيدرالي الذي تعتمد عليهألمانيا حاليا، يعطي الجهات موارد مالية ينص عليها الدستوركما أنها تقتسم معظم مواردها المالية التمويلية مع الاتحاد الفيدرالي. فالموارد المالية و البشرية هي محرك التنموي للبلاد.

مجموع المشاهدات: 1649 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة