محمد كلاوي: تفشي البعد التجاري في السينما عمق الفجوة بين النقد وصناعة الفيلم

ثقافة وفنون

24/02/2015 10:41:00

نزار الفراوي

محمد كلاوي: تفشي البعد التجاري في السينما عمق الفجوة بين النقد وصناعة الفيلم

اعتبر الناقد السينمائي المغربي محمد كلاوي أن تفشي البعد التجاري في خضم تنامي وتيرة الانتاج السينمائي المغربي منذ التسعينيات عمق الفجوة بين الحركة النقدية والخيارات الفنية لصناعة الفيلم.

وأوضح كلاوي، الذي كرمه المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، في افتتاح دورته السادسة عشر، أن الارتفاع المحمود الذي عرفته وتيرة الانتاج السينمائي في المغرب منذ التسعينيات صاحبه ظهور شريحة من الأفلام ذات التوجه التجاري التي كرست العلاقة المتوترة بين النقاد وعدد من صناع السينما في البلاد.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسجل الناقد أن السينمائيين عبر العالم عموما في علاقة متوترة مع النقاد، حيث تتكرر على ألسنة المخرجين كلمة دارجة "ما يهمني هو الجمهور"، حتى باتت تبدو كل مقاربة علمية لتقييم الأعمال السينمائية أشبه بنغمة "نشاز" في المشهد.

إنه عامل يفسر خفوت صوت النقد السينمائي في المغرب بعد المرحلة التأسيسية في السبعينيات والازدهار والنضج المعرفي في الثمانينات. والى ذلك تنضاف عوامل أخرى تضافرت لتفرز هذا الخفوت: انحسار دور الأندية السينمائية، مسلسل اندثار القاعات كفضاء للمشاهدة الجماعية ثم تراجع مساحات اهتمام الاعلام بالسينما كقطاع فني قائم الذات.

يستعيد الرئيس السابق للجمعية المغربية لنقاد السينما مرحلة السبعينيات من القرن الماضي ليرسم وجها مغايرا للعلاقة بين النقد والممارسة السينمائية. يذكر أن جل المخرجين كانوا من أبناء الأندية السينمائية، يتأثرون بالأقلام النقدية ويحاولون الانصات الى ملاحظات الناقد واقتراحاته الجمالية والفنية، لذلك جاءت جل منجزات ذلك الجيل مطبوعة بعمق فكري متميز. بعد الطفرة الانتاجية في التسعينيات "بدأنا نسمع مخرجا يقول ان الناقد لا يهمه. من الضروري أن يفهم أن النقاد هم الذين يخلدون الأفلام".

في غياب مدارس ومعاهد متخصصة، يقول محمد كلاوي، فإن النقد السينمائي بالمغرب ولد في حضن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية خلال السبعينيات، تحت رئاسة نور الدين الصايل. عرف النقد ازدهارا كبيرا لعدة عوامل من أهمها وفرة الأندية السينمائية التي وصل عددها الى ألف ناد، ساهمت في النهوض بالثقافة السينمائية، فضلا عن توطن طقوس المشاهدة الجماعية في القاعات.

لكن ماذا عن البعد الايديولوجي الذي طبع التوجهات النقدية لتلك المرحلة¿. يرى محمد كلاوي أنه من الطبيعي أن تمتزج الممارسة النقدية آنذاك بالتوجه الأيديولوجي اليساري المتأثر بالثقافة الغربية الفرنسية خصوصا من خلال مرجعية دفاتر السينما ومرحلة ما بعد ثورة 1968. يقر أن النقد المحض كثيرا ما اختلط بالنقد الايديولوجي والسياسي.

مع ذلك، يسجل محمد كلاوي، الذي نضج وعيه في حضن نادي العزائم بالدار البيضاء، أن الأندية السينمائية زكت الطرق الجديدة لقراءة الأفلام، وتجسدت في مجلات احتضنت هذه الاجتهادات الجديدة، وتوجت بظهور مجلة "دراسات سينمائية" التي أعطت فرصة للمهتمين بالأدب والنقد السينمائي لطرح مقاربات تنظيرية للسينما المغربية: "كيفية تأسيس صناعة سينمائية في المغرب، هل نتحدث عن فيلم مغربي أم سينما مغربية¿...".

وتعززت هذه الطفرة النقدية في الثمانينات، حسب الناقد، بظهور منابر اعلامية مختصة من خلال ملاحق مرصودة للنقد السينمائي، شكلت واجهة نضالية من أجل حضور قوي للسينما في النسيج الثقافي الوطني.

يقول كلاوي ان حضور الاديولوجي والسياسي ظل حاضرا، لكن مع الاستمرارية وتضارب الأفكار وانفتاح المشهد السياسي والثقافي في المغرب، بدأت تظهر كتابات تهتم بالعملية الابداعية أساسا، أعطت للناقد صبغة تميزه عن الصحافي. "الصحافي يكتب من أجل التعريف بالفيلم لدى القراء، وهذا طبيعي، أما الناقد فبدأ يستقل عن اللحظة الصحافية ليسائل المنتوج الفيلمي حسب طبيعة تكوينه الأدبي أو الفلسفي أو غيره".

مع انحسار مختلف هذه الواجهات التي أسندت حركة النقد، يشدد محمد كلاوي على ضرورة الرهان على تكريس النقد كتخصص معرفي علمي، لأن في ذلك منفعة للسينما الوطنية ككل. على النقد أن يحتل مكانته الجديرة به في هذه المعاهد حديثة العهد. ينبغي أن يحضر النقد كتجسيد للاتجاه العلمي المعرفي للسينما.

في انتظار تحقق ذلك الهدف، يخلص كلاوي الى أنه ليس هناك بعد في المنظومة السينمائية الوطنية اعتراف مهني بوضع الناقد كفاعل في الحلقة الإبداعية وحركية صناعة الفيلم. حتى إشعار آخر "يظل الناقد فاعلا مناضلا يعاني من أجل تصريف أفكاره".

مجموع المشاهدات: 2360 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟