متى نكفّ عن تقديس "البراني"؟.. المغرب لا يتسول احترام وتقدير الأجنبي!

متى نكفّ عن تقديس "البراني"؟.. المغرب لا يتسول احترام وتقدير الأجنبي!

أخبارنا المغربية - عبد الإله بوسحابة

تزامنا مع الأحداث والفضائح العديدة التي اهتز على وقعها مهرجان "موازين"، ساد نقاش ساخن بين المتابعين المغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي، بسبب السلوكيات المستفزة والمتعالية التي صدرت عن عدد من الفنانين العرب والأجانب المشاركين في نسخة هذه السنة، والذين لم يتردد بعضهم في إظهار تصرفات وصفت بـ"الوقحة"، وسط حفاوة وترحيب مغربي لا يُضاهى.

 الغضب الشعبي لم يكن هذه المرة موجها فقط ضد النجوم الذين استصغروا البلد الذي دعاهم، بل امتد ليطال من يقف وراء التنظيم، ومن يستميت في تلميع صورة فنانين لا يبادلون المغاربة نفس القدر من التقدير والاحترام، فقط لأنهم "أجانب".

صحيح أن المغاربة شعب مضياف، ودائما ما يُشهرون كرمهم وقلوبهم قبل موائدهم في وجه كل زائر، لكن ما يحدث في بعض المناسبات (مهرجان موازين نموذجا) يفضح بشكل صارخ تحوّل هذا الكرم إلى خنوع ثقافي ونفسي أمام الأجنبي، الذي ما إن تطأ قدمه أرض المغرب حتى يُفرش له البساط الأحمر، وتُفتح له الخزائن والقلوب، ويُعامل كما لو أنه "نبيّ عصره". 

لكن في مقابل هذه الحفاوة الزائدة عن الحد، نادرا ما يُقابل الفنان المغربي بنفس القدر من الاحترام حين يحل ضيفا على تظاهرات عربية أو غربية. بل أكثر من ذلك، كم من فنان مغربي تم تجاهله أو التقليل من شأنه، أو وُضع في مراتب خلفية لا تليق لا باسمه ولا بتاريخه الفني؟

سؤال مؤلم يطرحه الكثيرون بصراحة جارحة: هل نستحق فعلا هذا الاستصغار؟ وهل أصبحنا، بفعل المبالغة في تقدير "البراني"، نرسل إشارات خاطئة تفيد أننا مجرد سوق استهلاكية تبحث عن رضى الآخرين؟ البعض يرى أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لفرط التنازلات التي نقدمها، ولتقديمنا صورة "الزبون الدائم" الذي يشتري كل ما يعرض عليه، حتى ولو كان الغرور والازدراء ملفوفا في ألحان أو عروض فنية.

ينسى كثيرون، ممن يتهافتون على تقديم الامتيازات للفنانين القادمين من الشرق أو الغرب، أن المغرب ليس بلدا يبحث عن هوية، ولا شعبا ينتظر شهادة من الآخر ليشعر بقيمته. المغرب بتاريخ الأدارسة والمرابطين والموحدين، المغرب بتنوعه الثقافي الأمازيغي والعربي والإفريقي والصحراوي، المغرب بموسيقاه الأندلسية، وبأهازيجه الجبلية، وبفنونه التراثية من كناوة إلى أحواش و أحيدوس.. هو بلد الحضارات المتراكمة، لا يحتاج لـ"نجوم المناسبات" كي يُشهر مجده.

ولتصحيح هذا الخلل، لا بد من إعادة النظر في سياسة الدعوات والتكريمات، بحيث يكون الفنان الأجنبي مرحبًا به كـ"ضيف" لا كـ"إلاه"، ويُعامل باحترام دون أن يُرفع فوق المقام. كما يجب الاستثمار في النجم المغربي الذي يستحق أن تفتح له المنصات والساحات، وأن يحظى بالإنتاج والدعم الذي يُصرف اليوم على أسماء "تأكل الغلة وتسب الملة". وينبغي أيضا فرض ميثاق شرف على كل فنان يُدعى للمشاركة، يضمن احترام الجمهور والبلد والمنظمين، ومن يخرقه يُمنع مستقبلا من أي تظاهرة. وبالتوازي مع ذلك، علينا تأطير الإعلام والجمهور حتى يتوقف الترويج المرضي لصورة "النجم الأجنبي"، وغرس قناعة مفادها أن القيمة لا تُستورد، بل تُصنع محليا.

لسنا بحاجة لمن يرفع من شأننا.. نحن فقط بحاجة لمن يتوقف عن إذلالنا باسم الفن والانفتاح. المغرب هو من يعطي القيمة للمهرجانات، وليس الأسماء التي تأتي لأداء بضع أغانٍ وترحل. وحين نقتنع نحن بذلك أولاً، سيفهم الآخر حجمه الحقيقي، وسيتحدث معنا باحترام يليق بنا.


عدد التعليقات (14 تعليق)

1

رزين

مغربي حر

سنكف عن تقديس الاجنبي حينما لا نطمع في جيبه.

2025/07/03 - 03:34
2

Moh

بلا ثرثرة

نحن شعب خنوع بغيتوة ولا كرهتو...الجهل والامية وتردي الاوضاع الثقافية جعلت المغربي يحس بالتقزم امام الاجنبي ايا كان..الا الافارقة فكثير من هذا الشعب الجاهل لا يقيمون للافريقي اي وزن ..لان المعيار الذي يزن يه هذا الجاهل المغربي هو ان الاوروبي والشرق اوسطي والتركي و و الا الافريقي كلهم اغنياء محتملون بينما الافريقي فقير ومعدم بالضروررة...هكذا يفكر بوزبالنا للاسف..وهذا المنطق تكرسه النخب المسؤولة (منظموا المهرجانات مثلا) وتبصم عليه بما لاحظ الجميع من اقصاء الوطني المحلي واطراء مبالغ فيه لاي (خراي او خراية)اجانب.انشر يا نشار

2025/07/03 - 03:43
3

حزين

..

ميزة حميدة يمتاز بها إخواننا الجزائريون بغض النظر عن الخلافات السياسية..أن لديهم عزة نفس ولا يتملقون ولا يستدعون ولا يرحبون ببعض المشارقة المستكبرين..عكس هؤلاء القوم الأذلاء في بلادنا الذين ابتُلينا بهم ..يذلون أنفسهم ويذلوننا معهم قاتلهم الله أنى يؤفكون..انشري يا أخبارنا إنها كلمة حق

2025/07/03 - 03:44
4

ابن عبد الرحمان

كفى تفاهة..كفى اهانة

المغاربة ضد موازين،وضد من يقف وراء تنظيمه.اولى واحرى ان تصرف هذه الاموال على المتميزين في المعاهد والمؤسسات التربوية والشباب المبتكر،لا على التافهين والتافهات.اذللتم الراية الوطنية،وأذللتم المغاربة،.حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم يااشباه المسؤولين

2025/07/03 - 04:05
5

محمد

تعودنا

المغربي ينظر له بنظرة دونية في أوروبا وامريكا وحتى في دول الشرق الأوسط مع الاسف وحتى داخل بلده من طرف مغاربة اخرين ، المغربي البسيط محقور في الإدارة، عند البوليس ،، اذا وصل للقضاء وووو ، في المغرب لم نعرف يوما كانت عندنا حكومة اولويتها الشعب والمواطن المغربي بل كل السياسيين يأتون لخدمة مصالحهم وخدمة الطبقة البورجوازبة ،

2025/07/03 - 04:39
6

جمال بوطي

كلمة شكر

أتوجه للشكر للسيد عبدالاله بوسحابة صاحب النص(الله يكثر من مثايلك)

2025/07/03 - 04:47
7

سعدون جابر

احترام الوطن والمواطن

اي احترام تتحدثون عنهألم يكن من الأولي أن نوجه كل هذه الأموال التي ستنفق من أجل إقامة هذا الهرج المهرجاني أن تهتم بصحة المواطن الفقير في البوادي البعيدة عن كل هذه المهرجانات التي تستدعي إليها أناسا لا يحترمون البلاد والعباد ؟!

2025/07/03 - 04:50
8

عنتر

لأجل ماذا

كل الترحيب والحفاوة والاستقبال لأشخاص لا يملكون ما يقدمون وما يؤخرون سوى قطع غنائية وأزياء مختلفة يرتدونها وتصاريح ركيكة يدلون بها للصحافة

2025/07/03 - 05:27
9

مغربي

تقديس استعماري

المغاربة رحماء على البراني و الاجنبي و بأسهم شديد بينهم و هدا من نتائج الإستعمارية الثقافي التلفازي في جميع المجالات: الفنان الاجنبي يتقاضى اموال كبيرة و ترحيب كبير موازين مثلا. المدرب الاجنبي اموال طائلة فحين يصم استصغار الاطار الوطني. السائح الاجنبي له الحرية الكاملة المهندس الاجنبي له كل المميزات. انه استعباد قلبي و عاطفي و استعماري سببه الولاء السياسي و الايديلوجيات و الجهل و البعد عن الاسلام

2025/07/03 - 06:16
10

الزهراني

برافو

كلامك صحيح المفروض ان لا نعطي للأجانب اكتر مما يستحقون يجب أن يكون الإحترام والتقدير متبادل

2025/07/03 - 06:22
11

الوجدي

الشيء ادا زاد عن حده إنقلب الى ضده.

لا القطيع ولا الدولة مشاركين في هذه المهزلة التي تتكرر . دائمافي جل المواقف والمناحي

2025/07/03 - 08:14
12

عائشة

الذل للمسؤولين

نعم اقولها الذل لمسؤولينا فئة تربت على كل ماهو اجنبي وفئة تربت على القومية العربية واظن ان الفئة الثانية هي الاخطر كيف يعقل ان يستدعى راغب علامة من طعن في شرف المغربيات سابقا حتى وان اعتذر يستحيل ان يسمح له دخول ترابنا ناهيك عن مصر في مهرجان الجونة حين اهانت الموزع العالمي ريدوان ورغم ذلك ندعو فنانيهم ونكرمهم ،اقول لهم كفاكم من الذل لان هناك مغاربة مبدعين وبلدهم يحتقرهم لذلك لا استغرب من احتقار الاجنبي عندهم والان الاحتقار طال حتى الجمهور

2025/07/03 - 09:19
13

مواطن لاجئ

من شروط النشر

عندما يكون لنا الحق في نقد الأشخاص واعني النقد وليس الإساءة ويعتبر ويؤول نقدنا إلى إساءة وعندما ليكون لنا الحق في طرح أسئلة عن المقدسات اقصد السؤال وليس الإساءة وتلفق لنا التهم اننا لانحترم المقدسات عندما يكون لنا الحق في مناقشة افكار الكاتب واقصد مناقشة وليس اساءة ويعتبر نقاشنا إساءة للكاتب وعندما وعندما وعندما.... انذاك تكون لنا قيمة لأنفسنا ونكون نحن الخاص و الاستثناء ويكون الأجنبي هو العام والعادي.

2025/07/03 - 09:32
14

ملاحظ

الحقيقة

ان ااسبب وراء تكبير الشان لبوجعران هو المسؤولون لانهم يسترزقون من الاجانب الذين يستدعونهم بطريقة اعطيني نعطيك والفاهم يفهم. وهم سبب الذل لانما يهمهم هو مصلحتم اما كرامة وعزة الوطن فلا تعني لهم شيئا

2025/07/04 - 12:00
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات