افتتاح البرلمان، وماذا بعد؟
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية : الحسين أربيب
كل عام يتم افتتاح دورة البرلمان الخريفية ويفعل الفصل 65 من الدستور، ويتم الاحتفال بممثلي الأمة لدخول برلماني واعد ، بالحلوى والمشروبات الراقية في بهو البرلمان ويتزاحم البرلمانيون،وهم في حلة الجلباب المغربي الأبيض لنيل " البركة " من حلوى ملكية نادرة في السوق المغربي ، فيا ليت يتزاحمون كذلك لمناقشة مشاكل الشعب وبنفس الإصرار الذي يبدونه في الحصول على قضمة من حلوى الافتتاح البرلماني . يتم افتتاح دورة البرلمان هذه السنة مع عيد الأضحى ، عسى أن تكون دورة برلمانية تحمل سلوك التضحية لدى برلمانيينا بوقتهم وجهدهم وشيء من أموالهم من أجل المرور ببلادنا نحو تكريس الأمل لدى شبابنا وتأسيس الثقة لدى مواطني هذا البلد الذين هجروا السياسة وما يأتي من ورائها .
سوف تنتهي مراسيم الافتتاح ، ويتم تنظيف البهو من بقايا الحلوى وأثار التدافع، وتنظف قاعة الجلسات العامة استعدادا لنقاش برلماني وطرح لقضايا مصيرية تحد من انتشار البطالة وتطفئ لهيب الأسعار وتوزع الأمل في نفوس الشباب لولوج سوق العمل ووضع مشاريع قوانين ومقترحات وحتى ملتمسات ، إن كانت تجدي لتسهيل الاستثمار وتيسير المساطر الإدارية والخروج من واقع إداري موبوء بالرشوة والروتين والعرقلة ، لأن التنمية بلا إدارة فعالة نوع من العبث إن لم يكن هو العبث ذاته . مناقشة الوضع الاقتصادي واسباب ترديه والوضع الاجتماعي ومآله نحو التفكك والعدوانية والعزوف عن الزواج والسياسة ،بل العزوف عن الحياة خاصة لدى الشباب الذي يغرق في كؤوس الخمر ويسبح في سماء المخدرات. ولا من يأخذ بيده بل يامن جهات اغتنت على حساب تلك الضحايا وخلقت امبراطوريات اصبح لها شأن في مجتمع يكاد أغلبه يعبد المادة. فلا تعليم لدينا يؤسس لغد مشرق ولا تطبيب يشفي الأبدان والعقول المعلولة والمعتوهة ولا سكن يحفظ سكان القصدير والنوايل وسكان الجبال من تقلبات الطقس .
بعد الافتتاح البرلماني ستجتمع الفرق البرلمانية سواء بمجلس النواب او مجلس المستشارين ، لوضع خططها للعمل خلال السنة التشريعية ستكون القضايا الشعبية تحظى بالأولوية ولا شك في تلك الخطط ويتم التنافس لنيل رضا الناخبين خاصة وأن الانتخابات الجماعية على الأبواب واهميتها للتقرب من المواطن ليعطي صوته للشخص او الحزب الذي سيمثله في الجماعة الحضرية او في مجلس المدينة والجماعة القروية . ومعلوم أن الانتخابات المحلية هي مرحلة مهمة لجس نبض الناخب والمنتخب معا، لمعرفة مدى إقبال الأول على التصويت من جهة ومدى ثقته في المترشح ومعرفة هذا الأخير لقدرته على الإقناع ورتبته بين المترشحين حتى يقدم للترشح للبرلمان او ان يتجنب ذلك .
بعد الافتتاح البرلماني تبدأ مرحلة سياسية في مراقبة الحكومة وتقويمها ومعارضتها ومحاسبتها في تنفيذها للقوانين هل كان ذلك وفق إرادة المشرع أم تم مخالفته نصا وروحا ومن ثم وجب تقديم النقد لتتراجع عن هفواتها أو تقدم تبريراتها التي تقنع او يتم الإطاحة بها بتقديم ملتمس الرقابة إن حصل على عدد الأصوات المطلوبة في هذا الشأن ، إلا أنه من المستبعد حصول ذلك في نظام برلماني تعود على التوافقات خارج الدوائر القانونية وضمن ساحة سياسية مصطنعة في جانب كبير منها مما يجعل الفاعلين مفعولين في لعبة سياسية تقادمت خيوطها وهي في وضع قد تسقط بين حين وآخر على رؤوس أصحابها ، وهذا الوضع البرلماني لم يجد ارضية يستمد منها تلك الشرارة التي تسبق الانطلاق نحو الديموقراطية ، بل ظلت تململ بقايا من افكار سياسية واقتصادية واجتماعية تجاوزها الزمن لتواجه بها واقعا يكبرها حجما ومستقبلا واسع الأبعاد ، فلا يمكن بمثل تلك الأدوات وتلك العقلية القيام بالوثبة الكبرى لأن النسيج السياسي والنخبوي الذي منه يستقي النظام البرلماني مفعوله ويرسم خططه بل وينتج ممارساته البرلمانية ، لا تقوى على ذلك ، لذا من المستحيل في ظل تلك البنية انتظار أن تحصل مفاجآت .
سيتم الاستماع للخطاب الملكي وسيصفق له كل البرلمانيين بل سيقفون تأييدا لكل ما ورد فيه من أفكار وخطط ، ولكن ماذا بعد ؟ هل سيم تدارس النقاط الواردة فيه واعتبارها ضمن جدول اعمال البرلمان بكل مكوناته، كل وفق توجهاته إن كانت هناك توجهات حتى يتم الاختلاف؟ خاصة لما نعلم أن تناسل الأحزاب وكثرتها لم يعد يسمح لنا التفريق بين هذا وذاك . أم سيركن كل فريق في ركنه المعتاد ويأخذ الكلمة تطول وتطول ليمر الزمن البرلماني والسياسي دون حوادث تذكر ويا دار ما دخلك شر كما يقال وتختتم الدورة البرلمانية ونظل بين دورة ودورة في دوران سياسي لا يرسى على شيء ، سوى الكلام ولا شيئ غير الكلام .لأن العمل البرلماني في اعتقاد النخب السياسية في الأغلبية أو الأقلية هي مجاراة الحكومة دون الابتعاد هم دائرتها واللعب في جوار قراراتها بنوع من الهدوء وكثير من المجاملة ولم حتى الدعاية لها والدعاء لها بالتوفيق سواء اصابت أو أخطأت لأنها في كلا الحالتين ستنال الأجر لا يهم واحدا أم اثنان . وعلى أي مهما كانت دورة البرلمان لابد لنا ان نتطلع لغد برلماني افضل حتى لا نقطع الأمل.
