الدار البيضاء 2020 .. وقائع اجتماعية غريبة صنعتها الجائحة

قضايا المجتمع

25/12/2020 12:56:00

أخبارنا المغربية

الدار البيضاء 2020 .. وقائع اجتماعية غريبة صنعتها الجائحة

في مقاربة تعاطي ساكنة العاصمة الاقتصادية مع الجائحة، منذ أن حلت ضيفا ثقيلا على مختلف مناحي الحياة بهذه المدينة، تشكلت وقائع اجتماعية مثيرة في أكثر من مناسبة، عكستها ممارسات أقل ما يقال عنها أنها غريبة.

سنة 2020، استثنائية وصعبة، بل قاسية على الدار البيضاء كما غيرها من المناطق، ليس لأن الفيروس التاجي لخبط حياة الناس وحولها إلى جحيم فحسب، ولكن لأن هذه المدينة المليونية وجدت نفسها في مواجهة وضع غير طبيعي، حتم على الساكنة المحلية التعامل معه أحيانا بشكل غير طبيعي.

فبالرغم من الإجراءات المتخذة من قبل مختلف السلطات لتوفير الحاجيات الأساسية والتكفل بعلاج المصابين، خاصة خلال فترة الحجر الصحي، ورغم التواصل إعلاميا لطمأنة الناس، إلا أن بعض الناس استسلموا في بعض الأحيان للفزع والتهافت، ربما بدافع الخوف والهلع الذي لا مبرر له.

وبعد انتهاء فترة الحجر الصحي، بدأت الأمور تهدأ نسبيا في ضوء التحكم النسبي في الوباء، إلا أن الشهور الأخيرة من السنة سجلت ما يشبه تهورا أو لامبالاة في التعاطي مع الفيروس التاجي، وهو ما جعل العاصمة الاقتصادية والجهة التي تنتمي لها، تسجل أكبر عدد من حالات المصابين على المستوى الوطني.

فقصة هذه الوقائع الغريبة، على تعددها وتنوعها، بدأت حين تم الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بالمغرب في شهر مارس الماضي، والتي استقبلتها وحدة العزل بمستشفى مولاي يوسف بالدار البيضاء.

هذا الإعلان ولد ما يشبه الصدمة الممزوجة بالذهول وهو شيء طبيعي، لكن ما هو غير طبيعي هو تجمهر عدد مهم من الناس أمام المستشفى من أجل إشباع فضولهم، واستيقاء معلومات حول أولى حالات كورونا، وذلك عوض الابتعاد واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشكلت هذه الواقعة حديث الناس في مختلف أحياء العاصمة الاقتصادية، بل أسالت بعض المداد عبر الكتابة عن الواقعة في عدد من المنابر الإعلامية، خاصة تلك التي تسعى لاقتناص وقائع غريبة وعجيبة.

وإذا كانت هذه الواقعة قد دشنت لسلوك غير عادي في التعامل مع كوفيد-19، فإن الحجر الصحي، الذي كان صعبا صحيا ونفسيا واجتماعيا على الساكنة المحلية، تمخضت عنه وقائع أخرى دافعها أيضا الهلع والتهافت المبالغ فيهما وغير المبررين.

من ذلك ، التهافت الكبير على المواد الغذائية بمجرد الإعلان عن الشروع في صيغة التعليم عن بعد، والحال أن كل المعطيات تشير إلى توفرها بشكل كافي، ومع ذلك سجل إقبال غير مسبوق على هذه المواد بشكل يفوق الاحتياجات العادية للناس .. فهل فعلت الإشاعات المتناسلة والأخبار الزائفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعلها ؟ وهل يعزى ذلك إلى الاخبار غير الدقيقة التي يتناقلها الناس مباشرة في ما بينهم؟

فبلغة الأرقام فقد أكد القائمون على سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، وقتئذ، أن عدد الشاحنات التي تدخل السوق يوميا يقدر بحوالي 800 شاحنة، كلها محملة بالخضر والفواكه التي تجنى من الضيعات المغربية، وهذا يعني وجود عرض كافي.

وضمن المنحى نفسه، أكد القائمون على مجازر الدار البيضاء، في تلك الفترة نفسها، توفر اللحوم الحمراء بشكل وافر، حيث يتم ذبح، كما أعلنوا، ما معدله 560 من العجول يوميا، في حين أنه بمجرد الإعلان عن صيغة التعليم عن بعد ، ازداد الطلب بشكل لا يطاق، حيث تم ذبح في يوم واحد 1060 عجلا، وفي اليوم الموالي 600 عجلا، قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته تدريجيا.

هذه وقائع محلية تؤرخ للحظات عصيبة بسبب الأجواء التي فرضها فيروس كورونا المستجد، وذلك بالرغم من الجهود التي بذلتها مختلف السلطات لطمأنة الناس.

بيد أن أغرب واقعة هي تلك التي وقعت قبيل حلول عيد الأضحى بأيام، والتي تجسدت في البحث عن السفر بأي وسيلة، وذلك بعد الإجراءات المتخذة بشأن الحد من التنقل بغية كسر كوفيد-19.

في تلك الليلة تحديدا شهدت محطة أولاد زيان ومحطات أخرى، اكتظاظا غير مسبوق لحشد من الناس، في سباق محموم مع الزمن للظفر بفرصة سفر لقضاء عيد الأضحى مع الأهل والأحباب .. وهو ما خلق ضعطا كبيرا على مستوى المحطات، تجسد في الاختناقات التي حصلت ليس على صعيد شرايين المدينة فحسب، ولكن على مستوى طرقات أخرى خارج المدينة.

هكذا إذن صنعت الجائحة وتداعياتها، وقائع شكلت جزء من الحياة الاجتماعية بالدار البيضاء سنة 2020 .. فالجائحة قد تذهب قريبا أو يفترض أنها ستذهب مع قرب توفير اللقاح، لكن هذه الوقائع ستبقى ربما للذكرى التي ستروى للأجيال المستبقلية.

(إعداد..نور الدين حزمي)

مجموع المشاهدات: 2230 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟