في سابقة من نوعها...برلماني يستفز ويهين أبناء إقليمه علانية !

قضايا المجتمع

05/05/2021 16:13:00

أخبارنا المغربية

في سابقة من نوعها...برلماني يستفز ويهين أبناء إقليمه علانية !

بقلم : إسماعيل الحلوتي

     أثناء جلسة مناقشة مشروع القانون رقم 21.13 المتعلق بتقنين زراعة نبتة القنب الهندي أو "الكيف" المنعقدة في 26 أبريل 2021 بمجلس النواب، وفي مداخلة أحد نواب الأمة المحسوب على حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي على مدى عشر سنوات، أبى إلا أن يسير على خطى بعض برلمانيي حزبه من المتحاملين والناقمين، ويطلق النار هو الآخر لغرض في نفسه على أبناء الشعب بإقليم شفشاون الذي ينتمي إليه، من خلال وصفهم بالمدمنين على المخدرات والفاشلين دراسيا. مما أثار ردود فعل غاضبة في أوساط السكان وخاصة الشباب منهم.

      وأدى كذلك إلى انتفاضة عدد من جمعيات المجتمع المدني في الإقليم، التي لم سارعت إلى إصدار بيان مشترك شديد اللهجة تستنكر فيه ما ورد على لسان النائب البرلماني، مطالبة إياه بمساءلة رئيس الحكومة والأمين العام الحالي سعد الدين العثماني وسلفه عبد الإله ابن كيران اللذين قادا الحكومة لولايتين متتاليتين، عما قدماه لساكنة الإقليم وشبابه بوجه خاص من فرص للتنمية والبدائل الواقعية للزراعة المعتمدة، عوض اعتماد أساليب الإساءة والتدمير النفسي. معتبرة أن معالجة موضوع زراعة "الكيف"، ينبغي أن تتم خارج المصالح الضيقة، والتعاطي معه من مختلف أبعاده التاريخية والتنموية، بناء على ما يتضمنه القانون من أهداف نبيلة، تتمثل في رفع الحيف عن أبناء المنطقة وفتح آفاق جديدة للعيش الكريم أمامهم كباقي أبناء المغرب.

     وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الجمعيات تنتظر عودة "النائب المحترم" إلى جادة الصواب والمبادرة إلى الاعتذار رسميا لأبناء الإقليم، لم يجد أمامه من وسيلة للتملص مما جاء على لسانه سوى الهروب إلى الأمام والادعاء بأن تصريحه مبني على معطيات ميدانية عن حجم الخسائر التي يخلفها تعاطي أبناء المنطقة للمخدرات، وهو عذر أقبح من زلته التي لن يغفرها له المتضررون.

     إذ يفترض في البرلماني الذي يحترم المؤسسة التشريعية والمهام الموكولة إليه، التي من أجلها منحه الناخبون أصواتهم ووضعوا فيه ثقتهم، أن يترافع عن أهم القضايا التي تشغل بالهم وتؤرقهم، وليس الحط من كرامتهم والتهجم على أبنائهم، لاسيما أن إقليم شفشاون كغيره من الأقاليم المغربية يزخر بعديد الطاقات البشرية المتميزة بدماثة الخلق وحسن السيرة والكفاءة وروح المواطنة الخالصة، ولا تنتظر سوى أن تمنح لها فرصة إبراز الذات والكشف عن مؤهلاتها والمشاركة في تنمية الوطن. 

     فمهمة البرلماني ليست في استنزاف أموال الشعب عبر التعويضات الشهرية والامتيازات المغرية، ولا في التهكم واستغلال هشاشة الأوضاع وضعف حيلة من يمثلهم، وإنما يتحدد دوره في اقتراح مشاريع قوانين تراعي مصالحهم أو المساهمة في تعديل بعضها، مراقبة العمل الحكومي، تقييم السياسات العمومية والمشاركة بصفة غير مباشرة في التنمية المحلية. فضلا عن أنه مدعو إلى تنمية الوعي السياسي والثقافي لدى المواطنين بدائرته الانتخابية، عبر الالتزام الأخلاقي والسياسي بالحضور المادي والمعنوي في جميع الجلسات العامة أو أشغال اللجن، والتواصل المثمر والمستمر معهم، والوقوف على أهم المشاكل التي يتخبطون فيها، ومحاولة اجتراح الحلول الملائمة لها وإيجاد البدائل الضرورية وتحقيق المتطلبات الاجتماعية وإشباع حاجياتهم الأساسية...

     قد يكون هناك فعلا عدد من أبناء الشاون يتعاطون المخدرات وحتى الحبوب المهلوسة والخمور، كما هو الحال في جميع المدن والقرى. فهل كان ضروريا أن يلجأ برلماني البيجيدي أو غيره إلى هكذا أسلوب استفزازي ومهين؟ وهل تساءل على من تقع مسؤولية هذا الواقع المأزوم؟ فمما لا شك فيه أن سيادة النائب يعرف أكثر من غيره أن الواقع المغربي يتميز للأسف بعدم الاهتمام بالعنصر البشري وهدر الكفاءات، وارتفاع منسوب اليأس والإحباط لدى فئة الشباب، إذ تؤكد ذلك الأرقام الصادمة في إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط وغيرها من تقارير المؤسسات الوطنية والأجنبية، التي تشير إلى تفاقم نسب الهدر المدرسي والبطالة، جراء فشل السياسات العمومية للحكومات المتعاقبة...

     فالشباب المغربي يعاني من الفراغ القاتل والظلم والإقصاء والقهر وقلة الإدماج في سوق الشغل، بسبب تردي أوضاع المنظومة التعليمية وضعف المنهجية، كما تشهد بذلك المراتب المتدنية في مؤشرات التنمية، وانعدام التأطير وندرة المراكز والفضاءات الثقافية، مما يساعد في تنامي الانحراف والتطرف. وهو بحاجة إلى من يصغي إليه ويهتم بأحواله، خاصة أنه يصطدم بعادات وقيم بعيدة عن رغباته وتطلعاته، وإلى رعاية حقيقية من النخب السياسية، وإشراكه في أهم القضايا الأساسية ببلاده، ومنحه العديد من فرص النجاح في الدراسة وتدبير الشأن العام المحلي والإقليمي والوطني، وتسليحه بالوسائل الكفيلة بجعله ينسجم مع القيم والمعايير الاجتماعية وإشباع حاجياته السيكولوجية...

 

     إن إنقاذ شبابنا من الضياع رهين بمدى قدرة مدبري الشأن العام على إصلاح منظومتنا التعليمية، وسن سياسات عمومية جديرة بحفظ كرامتهم، والإيمان بدورهم الفعال في المجتمع وقدراتهم الفكرية، والعمل على استثمارها وتوجيهها في الاتجاه الإيجابي الهادف، وعدم الانتقاص من طموحاتهم وتقييد إرادتهم. فهم أكثر حاجة إلى من ينصت إليهم ومحاولة مساعدتهم في تجاوز مشاكلهم وتحقيق بعض آمالهم وأحلامهم، وإعادة الثقة لهم في العمل السياسي والمؤسسات المنتخبة. إذ لا يعقل أن يتواصل تهميشهم وتعرضهم للازدراء وكل ما من شأنه تعميق آلامهم وأحزانهم، والدفع بهم نحو المزيد من الانكسار والسخط، وبالتالي الجنوح والتمرد وممارسة العنف حتى على أنفسهم وذويهم، خاصة في سن المراهقة التي يصفها خبراء النفس والسيكولوجيا بسن "الزوابع".

 

مجموع المشاهدات: 10839 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟