برلمانيون مغاربة يطالبون بفرض التأشيرة على المواطنين الأوروبيين ردا على قيود الاتحاد الأوروبي

برلمانيون مغاربة يطالبون بفرض التأشيرة على المواطنين الأوروبيين ردا على قيود الاتحاد الأوروبي

أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي

طالب عدد من البرلمانيين المغاربة بفرض تأشيرة دخول على المواطنين الأوروبيين، في خطوة تهدف إلى تحقيق مبدأ المعاملة بالمثل بعد سنوات من القيود المتزايدة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المغاربة الراغبين في السفر إلى أوروبا، وهي المطالب التي تأتي في سياق أزمة متنامية أثارت استياء واسعا لدى الرأي العام، حيث أصبح الحصول على تأشيرة شنغن يشكل عقبة حقيقية أمام المغاربة، سواء كانوا طلابا، رجال أعمال، سياحا، أو حتى مرضى بحاجة إلى العلاج في المستشفيات الأوروبية.

ووجه البرلمانيان خالد السطي ولبنى العلوي، عضوا الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في مجلس المستشارين، طلبا رسميا إلى وزارة الخارجية لدراسة إمكانية فرض تأشيرة على الأوروبيين، معتبرين أن من غير المنطقي أن يتمتع المواطنون الأوروبيون بحرية الدخول إلى المغرب دون قيود، في حين يعاني المغاربة من عراقيل بيروقراطية، تكاليف باهظة، وتأخيرات طويلة للحصول على تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث شدد البرلمانيان على أن الدول الأوروبية تحقق مداخيل ضخمة من خلال رسوم التأشيرات التي يدفعها المغاربة، والتي لا يتم استردادها حتى في حال رفض الطلب، وهو ما اعتبرانه إجحافا واضحا يستدعي ردا مماثلا.

وتأتي هذه المطالب البرلمانية بعد أزمة التأشيرات التي تفجرت مع فرنسا في 2022، عندما قررت باريس تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة بشكل غير مسبوق، وهو ما كشف عن المعاملة التمييزية التي يواجهها طالبو التأشيرات المغاربة، حيث تعرضت آلاف الطلبات للرفض دون مبررات واضحة، مما دفع مواطنين إلى الاحتجاج أمام سفارات الاتحاد الأوروبي في الرباط، حيث ورغم أن الوضع تحسن نسبيا بعد إعادة فرنسا النظر في سياستها، إلا أن التأشيرة لا تزال تشكل معاناة حقيقية لآلاف المغاربة الذين يواجهون شروطا معقدة، تكاليف مرتفعة، ورفضا غير مبرر.

وتكشف الأرقام الرسمية عن حجم هذه الأزمة، حيث أظهرت بيانات "شنغن نيوز" أن أكثر من 136 ألف طلب تأشيرة مغربي تم رفضه خلال العام الماضي، ما كبد المغاربة خسائر تجاوزت 118 مليون درهم في رسوم غير مستردة، كما أظهرت البيانات أن أكثر من نصف هذه الطلبات عولجت في السفارات والقنصليات الإسبانية والفرنسية، حيث كانت نسبة الرفض مرتفعة بشكل لافت، ما يعكس استمرار النهج المتشدد في منح التأشيرات، رغم العلاقات المتقدمة التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي.

ولم تقتصر الانتقادات الموجهة إلى سياسة التأشيرات الأوروبية على البرلمانيين فقط، بل امتدت إلى منظمات حقوقية مغربية، حيث نددت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بما وصفته "تمييزا ممنهجا" في منح التأشيرات للمغاربة، مؤكدة أن القنصليات الأوروبية لا تزال تفرض معايير غير شفافة دون إمكانية الطعن في القرارات أو استرجاع الرسوم المدفوعة، كما شددت على أن هذا الوضع يعيق فرص الشباب المغاربة في الدراسة بالخارج، ويعرقل تنقل رجال الأعمال، ويؤثر على المرضى الذين يحتاجون إلى السفر من أجل العلاج، ما يجعل من التأشيرة أداة ضغط غير معلنة تستخدمها بعض الدول الأوروبية.

في المقابل، بررت المفوضية الأوروبية هذه الإجراءات بأنها تأتي في إطار "إدارة الهجرة وضبط تدفقات السفر"، لكنها أشارت مؤخرا إلى أنها بصدد مراجعة سياستها المتعلقة بالتأشيرات بهدف "تحسين استخدامها في مجالات الهجرة والعلاقات الخارجية"، غير أن هذه التصريحات لم تقنع البرلمانيين المغاربة، الذين اعتبروا أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف صارم يضع حدا لهذا التعامل غير المتكافئ، خصوصا وأن المغرب يعتبر شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي على عدة مستويات، سواء في مكافحة الهجرة غير الشرعية، التعاون الأمني، أو الشراكات الاقتصادية.

ولا يزال الجدل حول فرض التأشيرة على الأوروبيين مفتوحا داخل الأوساط السياسية، حيث يبدو أن هذا الطرح يلقى تأييدا متزايدا بين البرلمانيين، خاصة بعد أن أصبح واضحا أن سياسة "اليد الممدودة" لم تحقق العدالة المطلوبة في مسألة التأشيرات، كما أن مضي المغرب في هذا الاتجاه سيشكل نقطة تحول في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وقد يدفع هذا الأخير إلى إعادة النظر في تعامله مع المغاربة، تجنبا لأي إجراءات مماثلة قد تعرقل تدفق السياح ورجال الأعمال الأوروبيين إلى المملكة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة