القضاء الإسباني ينسف إشاعات شحنة الأسلحة الإسرائيلية.. فمن يقف خلف استهداف سمعة ميناء طنجة المتوسط؟
أخبارنا المغربية- حنان سلامة
في تطور مثير لقضية شغلت الرأي العام، رفض القضاء الإسباني، الدعوى الاستعجالية التي تقدمت بها مجموعة من النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية، والتي طالبت بتفتيش عاجل لسفينة رست بميناء برشلونة، بدعوى حملها شحنة عسكرية متجهة نحو إسرائيل عبر ميناء طنجة المتوسط.
القرار القضائي الصادر عن محكمة التحقيق رقم 30 ببرشلونة، أجهز على رواية النشطاء بشكل كامل، حيث أكد عدم وجود أي أدلة على أن السفينة المذكورة تحمل معدات عسكرية أو قطع غيار لطائرات F-35، كما زعمت الجهة المشتكية، كما شدد القاضي على أن الشحنة المصرح بها تضمنت موادًا بلاستيكية وأجهزة كهربائية وأقمشة ومواد غذائية، دون أي مؤشر على وجود أسلحة أو تجهيزات ذات طابع عسكري.
ولم يكتف الحكم القضائي بنفي التهم، بل أشار أيضًا إلى غياب أي معلومات مؤكدة بشأن الشحنة التي قد يتم تسلمها لاحقًا من ميناء طنجة، أو وجهتها النهائية المفترضة، ما جعل المطالبة باحتجاز السفينة ومساءلة قبطانها إجراءً غير مبرر قانونيًا ولا تدعمه المعطيات المتوفرة.
لكن المثير في القضية ليس القرار القضائي بحد ذاته، بل ما تلاه من تفاعلات في المغرب، حيث سارع بعض النشطاء إلى إطلاق دعوة للاحتجاج بميناء طنجة المتوسط، تنديدًا بما اعتبروه "مرور شحنات أسلحة إلى إسرائيل عبر التراب المغربي"، رغم غياب أي دليل مادي يدعم هذه الادعاءات.
مصادر ملاحية مطلعة نفت بشكل قاطع رسو أي سفن حربية أو محملة بأسلحة في ميناء طنجة المتوسط خلال الفترة الأخيرة، معتبرة أن الإشاعات المتداولة ما هي إلا إعادة تدوير لتقارير منشورة على مواقع أجنبية معروفة بعدائها للمغرب، تسعى منذ سنوات إلى المس بمصداقية المملكة وموقعها الاستراتيجي المتقدم في المجال اللوجستي والبحري.
التحركات الاحتجاجية، وإن كانت تنطلق من تعاطف شعبي مشروع مع القضية الفلسطينية، إلا أن خطورتها تكمن في استنادها إلى معطيات مضللة، تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول الأطراف التي تحرك هذا النوع من الحملات الإعلامية المكثفة، التي لا تخلو من حسابات سياسية وأجندات جيوسياسية معادية.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه شركات الملاحة العالمية التزامها الصارم بالقوانين الدولية، وامتناعها عن نقل الأسلحة إلى مناطق النزاع النشط، يبدو أن البعض اختار، عن وعي أو غير وعي، الانخراط في حملة تشويش ممنهجة تستهدف أحد أهم أعمدة الاقتصاد المغربي: ميناء طنجة المتوسط.
فمن يقف إذن وراء هذا السيل من الإشاعات؟ ومن المستفيد الحقيقي من محاولة ضرب سمعة المغرب في واحدة من أكثر القضايا حساسية على المستوى الدولي؟ الجواب قد يتطلب أكثر من مجرد احتجاج عاطفي... بل تحريًا دقيقًا للحقائق.
