استبعاد "كربوبي" من مونديال الشيلي يفجر جدلا واسعا.. هل تتعرض الحكمة المغربية لمؤامرة داخلية؟
أخبارنا المغربية- عبد الإله بوسحابة
هل يُراد للحكمة المغربية بشرى كربوبي أن تختفي من الساحة؟ سؤال لم يعد مجرد همس في الكواليس، بل صار قناعة راسخة لدى كثيرين داخل الأوساط الكروية، بعد أن تم إقصاؤها بشكل ممنهج من دائرة التحكيم الاحترافي، والزج بها في ظلمات أقسام الهواة، وكأن المطلوب هو محو اسمها نهائيًا من المشهد الرياضي.
كربوبي التي رفعت راية المغرب عاليًا في محافل دولية كبرى، وشكلت بصدق نموذجا حيا لنجاح المرأة المغربية في ميدان ذكوري بامتياز، تجد نفسها اليوم محاصرة بتهميش متعمد، لا تفسير له سوى أنه عقاب لها على نجاحها وجرأتها في اقتحام مواقع احتُكرت لعقود من قبل فئة لا تتسامح مع صعود مختلف.
مسار كربوبي لم يكن عاديا، فقد دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة، بعد أن أصبحت أول امرأة تدير مباريات في البطولة الاحترافية، فضلا عن مشاركتها في نهائيات كأس إفريقيا وكأس العالم للسيدات، إلى جانب اختيارها عن جدارة واستحقاق لقيادة نصف نهائي أولمبياد باريس الأخير، بل كانت مرشحة فوق العادة للمشاركة في كأس العالم لأقل من 20 سنة، قبل أن يتم إسقاط اسمها في اللحظات الأخيرة بشكل فجائي ودون أي مبرر معلن، وتعويضها بزميلها "جلال جيد" رغم أدائها المميز وتاريخها التحكيمي المشرف. إقصاء لم يكن صدفة، بل بدا أشبه بحكم إعدام مهني صدر في الخفاء، بتوقيع أيادٍ من الداخل.
الرصيد الدولي الذي راكمته بشرى كربوبي تخطى، وبأشواط، ما حققه أغلب زملائها من الحكام الرجال، سواء من حيث مستوى المباريات التي أدارتها، أو التظاهرات الكبرى التي تم اختيارها فيها، أو حتى من حيث التنويه الدولي بكفاءتها. لقد فرضت اسمها بثبات في ساحة يسيطر عليها منطق الولاء لا الكفاءة، ونجحت في انتزاع شرعية الصفارة بجدارة، لا بمنطق المحاباة أو العلاقات.
هذا التفوق الذي بصمت عليه كربوبي بات اليوم يزعج البعض داخل المنظومة التحكيمية الوطنية، ممن يرون في صعودها تهديدًا مباشرًا لمواقعهم، ويخشون أن تنتزع منهم مستقبلًا مركز القيادة، خصوصًا وأن حضورها بات دوليًا أكثر منه محليًا. والدليل الصارخ على حجم الإقصاء الممنهج، أن المغرب لن يكون ممثلًا في مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة، سوى بحكم وحيد هو جلال جيد، بينما تم إسقاط كربوبي رغم جاهزيتها وتاريخها، في مشهد يختزل من يتحكم فعليًا في خرائط الفرص داخل كواليس التحكيم المغربي.
الصمت الرسمي يزيد من قبح الصورة. مديرية التحكيم لم تقدم أي توضيح للرأي العام، وكأنها تعتبر الأمر عاديًا، أو كأن كربوبي لم تكن يومًا رمزا لتحكيم نسائي مغربي يشق طريقه نحو العالمية. وبدل دعمها وتمكينها من مواصلة التألق عبر منحها ما يكفي من المباريات حتى تكون على أتم الاستعداد لهذه التظاهرات الدولية، جرى دفعها إلى الهامش بطريقة مهينة، في تناقض صارخ مع الخطابات الرسمية حول تمكين النساء وإنصاف الكفاءات، وتعارض فج مع التوجيهات الملكية الداعية إلى النهوض بوضعية المرأة المغربية في كل المجالات.
ما تتعرض له كربوبي المتوجة سنة 2024 بجائزة أفضل حكمة في إفريقيا ليس مجرد تراجع مهني، بل هو تدمير ممنهج لمسار امرأة صنعت الاستثناء، ودخلت ميدانًا مليئًا بالحفر والعراقيل، وتمكنت رغم كل ذلك من انتزاع الاحترام محليًا ودوليًا. لكن يبدو أن هذا النجاح نفسه أصبح عبئًا لا يحتمل لدى البعض، فكان لا بد من إقصائها و إسكاتها، حتى لا تشكل سابقة ملهمة لفتيات أخريات.
المؤلم في هذه القصة أن شمعة نادرة وسط ظلام تحكيمي كثيف يتم إطفائها عمدًا، وأن من يفترض فيهم دعمها هم أول من خذلوها، وأن صوت الكفاءة لا يزال يُكمم في هذا البلد حين يكون صادرًا عن امرأة لا تقبل الانكسار. فهل يُفتح هذا الملف؟ أم أن التواطؤ مع الصمت سيُتمم حلقات الإجهاز على بشرى كربوبي؟

أنور
اللهم لا شماتة
ذنوب المغرب التطواني الذي تعرض لظلم واضح من طرفها في نهائي كأس العرش ضد الجيش الملكي