العميقون...ظاهرة جديدة تكتسح الشباب المغربي وعلاقتها السببية بالإنتحار
أخبارنا المغربية:أبو فراس
العميقون أو العميقين كما يحلو للمنتسبين إلى هذا "النهج" أن يسموا أنفسهم، تيار أو نهج أو منهج حياة أو فلسفة حياة أو مذهب أو معتقد أو عقيدة...لا أحد يستطيع أن يجيبك على هذا السؤال، تختلف فيه وحوله وجهات النظر والتحليلات، لكن المثير في الأمر أنهم (العميقين) فئة استطاعت اكتساح أو بالأحرى غزو كل الطبقات المجتمعية بالمغرب، وتغلغلت بهدوء تام في ثنايا المجتمع دون أن يشعر بها أحد، أو تلفت الأنظار.
يتهمهم البعض بالإلحاد، فيما يرى آخرون أنهم الشيوعيون الجدد دون أن يحسوا بانتمائهم الإيديولوجي، يرى آخرون أن فكرهم ونظرتهم للحياة بشكل مأساوي، هي نتيجة حتمية لتعاطيهم لنوع محدد من المخدرات (أمر ينكرونه بشكل كبير) تدفعهم إلى الكآبة والتفكير بشكل جدي في الإنتحار، وإلى نرجسيتهم المرضية حين يعتبرون أنهم أرقى فكريا من الجميع(عمقهم وتعمقهم في التفكير)...لكن الأكيد أن العميقين أصبحوا قوة كبيرة بالمغرب دون أن يشعر بهم أحد..."أخبارنا" جالست العميقين وساءلتهم وعاشت معهم طقوسهم الغريبة واستطاعت محاورتهم...
العميقون يلبسون بطريقة مغايرة ويختارون تسريحات شعر تحيل على الماضي
يلبس العميقون سراويل محددة تنتمي إلى نوع "الكاب"، عادة ما تكون قصيرة أو طويلة بعض الشيء، تميزهم عن باقي الشباب، ويختارون ترك شعرهم ينمو بكثافة تبدو للوهلة الأولى أنها عبثية، لكنها تختار بعناية وتشذب يوميا، فطريقة اللباس وتسريحة الشعر تجعل العميقون يتعرفون على بعضهم البعض من الوهلة الأولى.
"نرمين" عميقة تبلغ من العمر 19 سنة، طالبة متفوقة تنتمي إلى عائلة ميسورة في حديثها مع الموقع أكدت أنها وجدت ضالتها في هذا المنهج الحياتي كما تقول، عرفتنا على أختها الصغيرة ذات الـ 11 سنة التي فاجأتنا بأسلوب حديثها ومعارفها الكثيرة التي جعلتها تنتمي إلى العميقين، تطرح أسئلة وجودية فلسفية يستحيل على فتاة في عمرها أن تطرحها، بل إنها تسائل الذات الإلهية والماضي وتقول أنها لا تستطيع التواصل مع أبناء جيلها لذلك اختارت أو اختار لها القدر أن تكون عميقة.
اختار العميقون رياضة التزلج باللوحة "السكيت" للتعبير عن هوسهم بالحياة واستخفافهم بها
"كريم" يبلغ من العمر 21 سنة، يدرس بكلية الطب يقر بأنه عميق وبأنه منذ صغره وهو متفوق على أقرانه، يحاول الدفاع عن المذهب العميقي كما يقول بطريقة علمية محضة، كلامه ممنطق ومتسلسل، يؤكد أن "السكيت" كرياضة للعميقين لم تأتي صدفة أو عبثا، بل هي تحد للحياة ولمأسيها وتعبير عن الرفض لتبسيطها، على حد تعبيره.
مفهوم القيادة أو الرئاسة منبوذ لدى العميقين ولا يعترفون به
يرفض العميقون مفهوم القيادة أو الرئاسة ولا يعترفون به على الإطلاق، فقراراتهم تتخذ بشكل جماعي وهادئ بشكل كبير، حيث عاينت "أخبارنا" اجتماعا لهم للحسم في موقفهم من عيد الأضحى وفوجئنا بالطريقة الناضجة والرزينة التي يتم فيها التداول واتخاذ القرارات فيما بينهم.
"طاليس" المهندس اللامع الذي يشتغل على مشاريع كبيرة، أفاد في تصريحاته للموقع أن العميقين لا يعترفون لا برئيس لهم أو قائد فهم متساوون ويناقشون ويحسمون نقاشهم بالنقاش المعمق دون اللجوء إلى الأساليب البالية كالتصويت على حد تعبيره.
العميقون لا يعترفون بالإنتماء الطبقي ولا فرق عندهم بين غني وفقير
"رزان" شابة فاتنة الجمال إطار ببنك معروف بالمغرب، تؤكد في تصريحاتها لـ"اخبارنا" أن العميقين أشخاص لا يعترفون بالإنتماء الطبقي بما في ذلك الإجتماعي، الإقتصادي والمالي، مضيفة أن حبيبها معطل وينتمي إلى أسرة كادحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكنه عميق حقيقي وله نظرته الخاصة والمميزة للمغرب وللعالم أجمع.
هل العميقون ملحدون؟
معظم الذين التقيناهم من هذه الفئة أنكروا الإلحاد، وأكدوا أن هذه التهمة نتيجة طبيعية لطريقة تفكيرهم ورفضهم للقوالب الجاهزة، بما في "يعقوب" ذو الـ24 سنة الذي أوضح أن طريقة تدبر العميقين في الله وفي الكون وفي المشاكل الحقيقية والفلسفية للوجود والحياة، تدفع بالآخر الغارق في مشاكله البسيطة التي عادة ما تتعلق بالماديات إلى توجيه هذا الإتهام لهذه الطينة المميزة من الناس، يقول المتحدث.
ينكر العميقون استعمالهم للمخدرات
أنكر معظم الذين التقيناهم تعاطيهم للمخدرات، وقال "جاد" العميق جدا أن هناك عميقين يتعاطون بالفعل نوع محدد من المخدرات، قبل أن يعود ويؤكد أنها حالات استثنائية والإستثناء لا يلغي القاعدة التي هي عند العميقين الإبتعاد ما أمكن عن المخدرات بجميع أنوعها.
العميقون ينصتون لموسيقى الراب الحزين
اختار العميقون موسيقة الراب الحزين، ومعظمهم يودي هذه الأغاني مع رفاقه وزملائه، خصوصا أغاني "ليل بومب"، "دايلر"، و"اكسطونكسيو"...يقول "حميد" أن هذا النوع من الأغاني يجسد فعلا الإمتداد الروحاني للعميقين.
العميق شخص منعزل عن العالم ولا يتواصل إلا مع بني فصيلته
ما يميز العميقين، أنهم أشخاص منعزلين عن الباقي لا يكلمون أو يتحدثون مع أي كان سوى فيما بينهم...يفسر "خالد" انعزالهم بكون العميق يفكر بطريقة مغايرة تماما عن الشخص العادي وهمومه واهتماماته أكبر بكثير من الآخرين لذلك فلن يتواصل إلا مع عميق مثله حيث يفكرون ويتدبرون بنفس المنهجية.
هل هناك علاقة سببية بين العميقين وتزايد حالات الإنتحار بالمغرب
من الوهلة الأولى ونظرا لعددهم الكبير جدا بالمغرب وفي كل الطبقات والفئات العمرية تقريبا، يبدو أن العميقين ساهموا بشكل واضح في ارتفاع حالات الإنتحار بالمغرب، لكونهم انزوائيون وانطوائيون ويؤمنون بالإنتحار كنوع من السمو الأخلاقي والروحي.
لكن "مونية" العميقة منذ كانت يافعة وهي تبلغ من العمر 45 سنة ورفضت نشر طبيعة مهنتها، تقول أن ربط هذا المنهج بالإنتحار هو خطأ فادح وتجني كبير على العميقين، باعتبار أن العميق عندما يقر بالإنتحار ويعتبره سموا فهو لا يمارسه بل يجد فيه ضالته الفكرية على حد تعبيرها...
عدد التعليقات (35 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟