مقرب من عائلة المختل عقليا ضحية الجريمة التي هزت طنجة يخرج عن صمته ويكشف معطيات صادمة

العروسي في تصريح مثير.. خلافها مع عتابو وندمها على الغناء في الحفاري وانتقادتها الكبيرة للنجم الشعبي

سبعتون يثير الجدل بتصريحات مستفزة قبل سهرة موازين.. كلاشا بيغ ومورفين ونفى كاع الهدرة لي قالو عليه

حقوقي حول واقعة غيثة: اللي عندو الفلوس يربي وليداتو، ماشي يدوز على وليدات عباد الله!

التهراوي: بتوجيهات ملكية.. نقوم بإصلاح المنظومة الصحية باستثمارات تتجاوز 40 مليار درهم

محامي "غيثة" يكشف جديد الحالة الصحية للأب ودفاع المتهم يلتمس الإفراج عن موكله وهذا ما قررته المحكمة

صناعة السيارات بالمغرب: قصة نجاح قد تتحول إلى فخ قاتل؟

صناعة السيارات بالمغرب: قصة نجاح قد تتحول إلى فخ قاتل؟

بقلم: عبد الحكيم العياط

في خضم التحولات الاقتصادية العالمية، راهن المغرب بكل ثقله على توطين صناعة السيارات باعتبارها رافعة للتنمية ومصدراً رئيسياً لخلق فرص الشغل وجلب العملة الصعبة. وبالفعل، أصبح قطاع السيارات يحتل الصدارة بين القطاعات المصدرة، متقدماً على الفوسفاط والمنتجات الفلاحية. بحسب معطيات وزارة الصناعة والتجارة، بلغ حجم صادرات قطاع السيارات المغربي سنة 2023 حوالي 140 مليار درهم، مسجلاً نمواً يناهز 36% مقارنة بسنة 2022. كما أن المغرب يحتل حالياً المرتبة الأولى إفريقيا في إنتاج السيارات، بطاقة إنتاجية تقارب 700 ألف وحدة سنوياً بين مصنعي "رونو" بطنجة والدار البيضاء، و"ستيلانتيس" بالقنيطرة.

غير أن وراء هذه النجاحات الظاهرة، يختبئ سؤال جوهري يفرض نفسه بإلحاح: هل يقوم المغرب ببناء اقتصاد متوازن ومستدام، أم أنه يسير نحو مصير شبيه بما حدث لمدينة ديترويت الأمريكية؟

ديترويت، التي كانت في عز مجدها خلال منتصف القرن العشرين عاصمة صناعة السيارات في العالم، انهارت بشكل مدوٍ حين فقدت قاعدة صناعتها الأساسية أمام منافسة شرسة من آسيا، وانسحبت كبريات الشركات منها، متسببة في إفلاس المدينة سنة 2013، وهو ما اعتُبر أكبر إفلاس بلدي في تاريخ الولايات المتحدة. السبب لم يكن فقط تراجع صناعة السيارات، بل أيضاً هشاشة النسيج الاقتصادي الذي تمحور حول قطاع واحد دون تنويع حقيقي أو قدرة على التكيف مع التغيرات.

اليوم، رغم ما حققه المغرب من إنجازات في جذب الشركات الكبرى، يظل الخوف قائماً من أن يتحول الاعتماد المفرط على قطاع السيارات إلى نقطة ضعف قاتلة مستقبلاً. فالصناعة المغربية، رغم تطورها، لا تزال مرتبطة بشكل عضوي بالمراكز الأوروبية، خصوصاً فرنسا وإسبانيا، وتعتمد بشكل كبير على صادرات موجهة نحو الاتحاد الأوروبي، الذي استقبل أكثر من 86% من صادرات السيارات المغربية سنة 2023 وفق إحصائيات مكتب الصرف.

كما أن التحولات العميقة في قطاع السيارات العالمي تطرح تحديات مقلقة. مع الانتقال المتسارع نحو السيارات الكهربائية، تبرز تساؤلات حول قدرة المغرب على التأقلم. فحسب تقرير وكالة بلومبرغ لعام 2024، من المتوقع أن تمثل السيارات الكهربائية 60% من المبيعات العالمية بحلول 2030. ورغم أن المغرب بدأ يشجع الاستثمار في مكونات السيارات الكهربائية، مثل البطاريات وأنظمة الدفع، إلا أن بنيته التحتية ما زالت في بداياتها مقارنة بالمنافسين العالميين.

من جانب آخر، يعتمد المغرب بشدة على تصنيع السيارات الاقتصادية منخفضة الكلفة مثل "داسيا سانديرو"، التي تواجه مستقبلاً غامضاً مع تغير تفضيلات المستهلكين نحو نماذج أكثر تطوراً وأقل تلويثاً. أي تراجع في الطلب الأوروبي على هذا النوع من السيارات قد يضرب مباشرة قاعدة الإنتاج الوطني.

وحتى على مستوى توفير فرص الشغل، فإن المعطيات الرسمية تكشف محدودية نسبية. فعلى الرغم من ضخامة الاستثمارات، لم يوفر القطاع سوى حوالي 180 ألف وظيفة مباشرة حتى سنة 2023، حسب معطيات وزارة الصناعة، وهي أرقام مهمة ولكنها تبقى غير كافية لاستيعاب البطالة المرتفعة، خصوصاً وسط الشباب خريجي الجامعات والمعاهد التقنية.

يطرح هذا الوضع تساؤلات ملحة حول مدى اندماج صناعة السيارات بالمغرب في سلاسل القيمة العالمية بشكل مستدام، بعيداً عن مجرد لعب دور الورشة الإنتاجية منخفضة التكلفة. فحتى اليوم، تتركز القيمة المضافة الكبرى في تصميم السيارات وتطويرها في بلدان الشركات الأم، بينما تقتصر الصناعات المحلية غالباً على عمليات التركيب والتجميع وبعض الصناعات الوسيطة. ووفقاً لتقرير البنك الدولي حول الاقتصاد المغربي لسنة 2023، فإن نسبة إدماج المكونات المحلية في صناعة السيارات لم تتجاوز بعد 65%، مع هدف رسمي للوصول إلى 80% بحلول 2030، وهو تحدٍّ لا يخلو من صعوبات تقنية واستثمارية.

من جهة أخرى، تثير مسألة تأهيل الرأسمال البشري تساؤلات مقلقة. فمع تسارع الثورة الصناعية الرابعة ودخول تكنولوجيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية في قطاع السيارات، تبرز الحاجة إلى كفاءات عالية التخصص في مجالات التصميم الإلكتروني والبرمجيات الصناعية، وهي مجالات لا يزال فيها العرض التكويني الوطني محدوداً مقارنة بحجم الطلب المتوقع. وحسب تقرير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين لسنة 2023، فإن أقل من 3% من خريجي الجامعات والمعاهد العليا بالمغرب يتخصصون في مجالات تكنولوجية متقدمة ترتبط مباشرة بالصناعة المستقبلية.

علاوة على ذلك، فإن المنافسة الإقليمية الشرسة قد تشكل عامل ضغط إضافي. بلدان مثل مصر وجنوب إفريقيا بدأت بدورها في تعزيز عروضها الاستثمارية في قطاع السيارات الكهربائية والهجينة، مع تقديم تسهيلات مالية وجبائية مغرية لجذب كبريات الشركات العالمية. في هذا السياق، قد يجد المغرب نفسه في وضعية صعبة إذا لم يرفع من وتيرة تجديد استراتيجياته الصناعية، ويوسع قاعدة شراكاته التكنولوجية، ويتبنى نماذج أكثر طموحاً للانتقال نحو صناعات الجيل الجديد.

في نهاية المطاف، النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات الأجنبية أو عدد السيارات المصدرة، بل بمدى قدرة البلاد على بناء اقتصاد متنوع، مرن، وقادر على التجدد الذاتي. الرهان اليوم ليس فقط على توطين مصانع السيارات، بل على توطين الإبداع، وتطوير منظومة البحث العلمي، وتحفيز إنتاج المكونات محلياً، حتى لا يجد المغرب نفسه، بعد سنوات من الآن، يعيد بشكل مأساوي تجربة ديترويت بطابع مغربي.

في نهاية المطاف، النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات الأجنبية أو عدد السيارات المصدرة، بل بمدى قدرة البلاد على بناء اقتصاد متنوع، مرن، وقادر على التجدد الذاتي. الرهان اليوم ليس فقط على توطين مصانع السيارات، بل على توطين الإبداع، وتطوير منظومة البحث العلمي، وتحفيز إنتاج المكونات محلياً، حتى لا يجد المغرب نفسه، بعد سنوات من الآن، يعيد بشكل مأساوي تجربة ديترويت بطابع مغربي.

 

 


عدد التعليقات (13 تعليق)

1

توطين الإبداع

قبلي

هذا مثال زوين، يسنحق السير على منواله

2025/05/17 - 11:44
2

مواطنون

مواطنون

تحليل موضوعي رائع. هذه هي المواضع البناءة شكرا لك اخي

2025/05/17 - 12:33
3

,المداح

أولا إفريقيا

إولا إفريقيا في التصدير السيارات وأغلى عالمبا في الثمن السبارات المستفيد دائما ماشي ولد البلاد غبر البراني فكولشي

2025/05/17 - 12:43
4

ابوسارة

تحذير

هو نفس المشكل الذي حصل لمدينة طورينو الإيطالية والتي كانت معقل صناعة سيارة فياط ولكن وللأسف الشديد وفي خضم المنافسة العالمية والسوق الحرة ودخول شركاء جدد وعلى رأسهم ستيلانيس والتي نقلت نسبة كبيرة من صناعة سيارة فياط إلى خارج إيطاليا وعلى رأسها المغرب نظرا للثمن البخص لليد العاملة بالمغرب مما أدى إلى إفلاس بعض الشركات التي كانت تشتغل مع فياط وحتى هاته الأخيرة أصبحت في خبر كان وسرح وشرد مجموعة كبيرة من عمالها لذى وجب الحيطة والحذر من مثل هاته الشركات والتى يهمها مصلحتها الخاصة قبل كل شيء

2025/05/17 - 12:53
5

عباس الغرباوي

لم تكن له لازمة

تحليل شوشعي بليد للغاية ... الله المستعان

2025/05/17 - 01:01
6

مواطن غيور

موضوع مهم

الخوف والقلق والحذر واجب وخير دليل ديترويت كما تفضلتم وخاصة كما قلتم الأجزاء تأتي من الشركات الام ونحن نركب فقط،وإذا قررت شركة ما الإغلاق فلا نستطيع أي شيء وسيجد العمال نفسهم في الشارع

2025/05/17 - 01:35
7

عبد الله

مجرد رأي

على الدولة التخلص او استبدال إنتاج السيارات التي تشتغل بالوقود و الاندماج في تكنولوجيا السيارة الكهربائية شيئ فشئ لأنه هناك نوايا عالمية لإيقاف إنتاج السيارات الغير كهربائية

2025/05/17 - 02:23
8

المملكة المغربية

المملكة المغربية

كما لو مصانع سيارات تملكها المغرب أغلبها ملك لفرنسا وبعض دول أجنبية هيا من تستفيد مبيعات سيارات في المغرب وبنسبة للمغرب فهو يأخد ضرائب وفرص شغل ويعزز علامته تجارية.... لذلك مادام مغرب لم ينشئ مصانع خاصة به لصنع سيارات في مغرب لا تحكي هكدا وتحياتي

2025/05/17 - 03:03
9

عزيز بوكايو

مقال فارغ

مجرد محاولة للتنقيص من النجاح الباهر للتجربة المغربية بدون تقديم معطيات جدية بل مجرد توقعات بعيدة عن واقع الامور.

2025/05/17 - 03:16
10

أبو فاطمة الزهراء

التجربة المكسيكية

تنتج المكسيك اليوم أربعة ملايين سيارة سنويا ولا زال مواطنوها يغامرون من أجل الوصول للإلدورادو الأمريكي. ربما يحتاج المغرب قرنا من الزمن للوصول لأربعة ملايين سيارة في السنة ولكم واسع التفسير. تركيا انتقلت في أقل من خمسة عشر سنة من المرتبة 111 إلى المرتبة 17 عالميا بفضل الإستثمارات والصناعة التركية.

2025/05/17 - 10:18
11

امين

عدم المساواة

مفارافاة غريبة كيفية تعامل الدولة مع الشركات الأجنبية حيث انها تحضى بتشجيع ضريبي، العقار، إعفاء في cnss ... في حين لا تحضى المقاولات الصغرى و المتوسطة بأي تحفيزات.البعكس تماما.

2025/05/18 - 10:23
12

عيسى إيمال

[email protected]

مقال كما أو انه اغترف من محبرة الكابرانات..كاتب المقال اعتمد على التكهنات ولم يأتي على واقع ما يجري اليوم في مجال قطاع صناعة السيارات.. وكأني بكاتب المقال قد كلف بتسويد صورة المغرب في هذا المجال دون ان يعرف حقيقة صناعة السيارات بالمغرب حيث ادعى ان المغرب يقوم بمجرد تركيب السيارات وان القطاع تأتي من الخارج وهذه اكبر كذبة لأنه يسرد ما وقع ويقع في الجزائر التي تقوم بالتجميع وليس بالتصنيع.

2025/05/18 - 01:02
13

عبدالله العمري

السيارات

اولا المغرب ليمكن منفسه لان ارخص عماله واظن ان هدا كاف

2025/05/18 - 08:26
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات