في قلب لندن: طاولة مستديرة تناقش هوية الشباب المغربي البريطاني وقضية الصحراء المغربية
أخبارنا المغربية - لندن
في سياق دينامية متنامية لتعزيز أدوار الجاليات في الدفع بالعلاقات الثنائية، احتضن مقر مكتب عمدة مدينة ويستمينستر (Lord Mayor’s Office) بالعاصمة البريطانية لندن طاولة مستديرة، نظّمها مجلس الشباب المغربي للتعاون الدبلوماسي والدولي، بمشاركة نخبة من الشباب المغربي البريطاني، وعدد من الشخصيات الأكاديمية والمجتمعية، من ضمنهم السيد حمزة التوزال، أول بريطاني من أصول مغربية يتولى منصب عمدة ويستمينستر.
شكل اللقاء فرصة لتبادل وجهات النظر حول قضايا الهوية والانتماء لدى فئة الشباب، واستشراف سبل جديدة لتعزيز التعاون المغربي البريطاني، من خلال آليات موازية تشمل الثقافة والتعليم والمبادرة الشبابية والاستثمار.
في مستهل النقاش، توقف المشاركون عند التحديات المرتبطة بتمثل الهوية الثقافية لدى الشباب المغربي المولود أو المتربّي في المملكة المتحدة، حيث تم التأكيد على أن بناء الانتماء لا يقوم فقط على العناصر التقليدية كاللغة أو الأصل، بل يتأثر كذلك بالبيئة السوسيو-ثقافية، ومدى حضور المؤسسات أو الفضاءات التي تُمكّن الشباب من التعبير عن ذواتهم داخل مجتمع متعدد ومتنوع.
وفي هذا الإطار، أكد السيد حمزة التوزال على أن الفعل السياسي لا ينحصر في المؤسسات التشريعية أو الرسمية، بل يمتد إلى كافة الفضاءات الاجتماعية التي تشكل محيطًا مباشرًا للشباب، من مؤسسات تعليمية ومراكز رياضية إلى الفضاء العام. كما أبرز أهمية إتاحة الفرصة للشباب للمشاركة الفعلية في اتخاذ القرار، وممارسة أدوارهم كمواطنين فاعلين، بدل الاقتصار على أدوار شكلية أو رمزية.
وقد شكلت قضية الصحراء المغربية إحدى المحطات البارزة في النقاش، حيث تم التطرق إلى مكانتها ضمن أجندة العلاقات المغربية البريطانية. وثمّن المتدخلون الموقف الإيجابي للمملكة المتحدة تجاه مقترح الحكم الذاتي، باعتباره أرضية جدية وذات مصداقية لحل النزاع، مؤكدين في ذات السياق على أهمية مواكبة هذا الموقف السياسي بشراكات اقتصادية وتنموية ملموسة، لاسيما في مجالات الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع موجهة للتعليم العالي، والبحث العلمي، والصناعة الصيدلانية، والطاقات المتجددة. وتم استحضار نماذج ناجحة لشباب من الجالية اختاروا العودة إلى أرض الوطن للمساهمة في الدينامية التنموية التي تعرفها الجهات الجنوبية للمملكة.
من جانبهم، شدّد ممثلو مجلس الشباب المغربي للتعاون الدبلوماسي والدولي على أن توطيد العلاقات المغربية البريطانية لا ينبغي أن يظل رهين القنوات التقليدية، بل يستدعي دعم الدبلوماسية الموازية، خاصة من خلال تعبئة الكفاءات الشابة، وتمكينها من آليات الاشتغال المؤسساتي والمدني.
وفي ختام اللقاء، تمت الدعوة إلى تبني مقاربة تشاركية محلية تقوم على إشراك الشباب في تصور وتنفيذ المبادرات، بدل الاكتفاء بدعوتهم كمتلقّين. كما تم التأكيد على أهمية إدماج الجامعات والمدارس والمجتمع المدني في هذا المسار، باعتبارها فضاءات طبيعية لاحتضان النقاش وتشكيل الانتماء.
وأوصى المشاركون بضرورة إحداث منصة شبابية تمثيلية للجالية المغربية في بريطانيا تحت إشراف المجلس، تكون بمثابة فضاء مؤسسي جامع يُمكّن الشباب من التعبير عن تطلعاتهم، والمساهمة في تطوير مشاريع التعاون بين البلدين، وفق مقاربة قائمة على التخصص، والفعالية، والاستمرارية. كما تم التنويه بالتوجه الاستراتيجي للمملكة نحو تعزيز حضور اللغة الإنجليزية، والانفتاح على العالم الأنجلوساكسوني، باعتباره خيارًا واعدًا لتعميق العلاقات الدولية، وتعزيز جاذبية النموذج المغربي في أوساط الجاليات بالخارج.
