خبراء يحرجون الحكومة بحلول جادة وفعالة بعد تعرض مؤسسات عمومية حساسة لأشرس هجوم سيبراني

خبراء يحرجون الحكومة بحلول جادة وفعالة بعد تعرض مؤسسات عمومية حساسة لأشرس هجوم سيبراني

أخبارنا المغربية- عبد الاله بوسحابة

شهد المغرب خلال الأسبوع المنصرم واحدة من أخطر الهجمات السيبرانية في تاريخه، تمثلت في تسريب كميات هائلة من الوثائق الرسمية والمعطيات الشخصية المتعلقة بملايين المواطنين والمؤسسات العمومية. الحادثة التي أثارت موجة استنكار واسعة داخل الأوساط المهنية والإعلامية، كشفت عن هشاشة مثيرة للقلق في منظومة الأمن السيبراني الوطني، وطرحت علامات استفهام كبيرة حول نجاعة البرامج الحكومية في حماية البنية الرقمية للمؤسسات والمواطنين.

المعطيات المسرّبة، التي تشمل وثائق إدارية حساسة وأخرى تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد، لم تكن مجرد اختراق إلكتروني عابر، بل اعتُبرت من طرف مختصين بمثابة خرق صريح للسيادة الرقمية، وفضيحة تكشف ضعفًا بنيويًا في أنظمة حماية البيانات داخل عدد من القطاعات العمومية والحيوية.

 كما تُعد هذه الحادثة مؤشرًا واضحًا على غياب استراتيجيات وطنية فعالة للوقاية من مثل هذه الهجمات، خاصة مع استمرار اعتماد مؤسسات الدولة على خدمات تخزين خارجية وبرمجيات أجنبية، في ظل غياب رقابة سيادية حقيقية.

في المقابل، وُجّهت انتقادات شديدة للحكومة، خصوصًا لوزارة الانتقال الرقمي، التي وُصفت بالمقصّرة في مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الأمن السيبراني. واعتبر العديد من المتابعين أن الخطابات الرسمية حول رقمنة الإدارة وتحديثها لم تترجم إلى خطط واقعية ولا إلى مشاريع بنيوية قادرة على حماية المغرب من التهديدات السيبرانية المتزايدة. كما تساءل الرأي العام عن أسباب تجاهل الحكومة لخطورة الاعتماد على شركات أجنبية في تدبير معطيات حساسة تخص الدولة والمواطن، في وقت يتوفر فيه المغرب على كفاءات رقمية عالية لا تجد بيئة حاضنة أو دعمًا كافيًا.

عدد من المهنيين والخبراء في المجال الرقمي اعتبروا أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لسوء تدبير طويل الأمد، تغذّيه من جهة ثقافة الاعتماد على الخارج، ومن جهة أخرى عقلية الزبونية في إبرام صفقات التكنولوجيا، بدل اعتماد معايير الكفاءة والجاهزية. ويرى هؤلاء أن الحكومة فشلت في خلق منظومة رقمية وطنية حقيقية، بل وأهدرت سنوات من الفرص لبناء أمن رقمي مستقل وفعّال.

وسط هذا الواقع، تتصاعد المطالب بضرورة تحرك فوري وحازم، يتجسد في وضع خطة استراتيجية وطنية متكاملة للأمن السيبراني، ترتكز على إنشاء مراكز بيانات محلية مؤمّنة، وتطوير حلول تشفير وطنية، ودعم الشركات الناشئة المغربية المختصة في المجال، إلى جانب إصدار تشريعات صارمة لحماية المعطيات الشخصية على غرار التجارب الدولية الرائدة، مثل اللائحة الأوروبية لحماية البيانات (GDPR). كما طالب مختصون برفع الميزانية المخصصة للأمن الرقمي داخل المؤسسات العمومية، وتحويله إلى أولوية وطنية في السياسات الحكومية.

ويرى مراقبون أن تجاهل الحكومة لهذا الملف أو تأجيله سيضع المغرب في وضعية أكثر هشاشة أمام موجات جديدة من الهجمات الإلكترونية التي قد تمسّ قطاعات أكثر حيوية، من المالية إلى البنية التحتية إلى الأمن.

كما شدد ذات المراقبين على أن مستقبل السيادة الرقمية للمغرب بات على المحك، مشيرين إلى أن الخروج من هذا النفق يتطلب قرارًا سياسيًا شجاعًا، واستثمارًا وطنيًا واعيًا في الكفاءات، وفي بنية تكنولوجية مغربية مستقلة تضمن للمواطن حقه في الخصوصية، وتحمي الدولة من الابتزاز الرقمي والتبعية التكنولوجية.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات