كوكايين "القاصرين" يفجّر نقاشا داخل البرلمان والداخلية تستعرض استراتيجيتها لمواجهة الظاهرة
أخبارنا المغربية- عبد الإله بوسحابة
دقّت البرلمانية "نعيمة الفتحاوي"، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، ناقوس الخطر، محذرة عبر سؤال كتابي وجهته إلى وزير الداخلية من إشكالية انتشار الكوكايين وسط القاصرات والقاصرين، وتمدّد شبكات تقريب هذه المادة الخطيرة داخل المجتمع المغربي، مستندة في ذلك إلى معطيات صادمة كشف عنها تقرير الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لسنة 2025.
السؤال البرلماني، الذي حمل رقم 23372، لم يكن عاديا، بل جاء محمّلا بأرقام ومؤشرات مقلقة تُبرز تحوّلا نوعيا في أنماط تعاطي المخدرات بالمغرب، خصوصا في صفوف الفئات اليافعة. فقد أشار التقرير الأممي إلى ارتفاع لافت في استهلاك بعض المخدرات بين القاصرين دون 17 سنة خلال سنة 2023، مقابل استقرار نسبي في صفوف البالغين، ما يعكس توجها خطيرا نحو استهداف فئة هشة و قابلة للاستقطاب.
الأخطر من ذلك، بحسب ما ورد في سؤال "الفتحاوي" الكتابي، هو بداية انتشار الكوكايين بين القاصرين، في مؤشر ينذر بتحول هذه المادة من مخدر "نخبوي" إلى خطر يتهدد الطفولة والمراهقة. كما كشف التقرير عن ارتفاع يفوق 10% في الاستعمال غير الطبي للأدوية الصيدلانية، خاصة المهدئات والمسكنات، وسط القاصرين، في ظل سهولة الولوج إليها وارتباطها باضطرابات نفسية غير مشخصة.
ولم يقف القلق عند هذا الحد، إذ سجل التقرير زيادة طفيفة في تعاطي الهيروين بين من تقل أعمارهم عن 18 سنة، إلى جانب معطى لافت يتمثل في كون نسبة الإناث المعالجات من تعاطي الترامادول بلغت حوالي 17% مقابل 9% فقط لدى الذكور، وهو ما يجعل المغرب من بين الدول الإفريقية القليلة التي تسجل فيها الإناث نسبا أعلى في استهلاك هذه المادة.
وفي بعده الدولي، أشار التقرير الأممي إلى تمدّد شبكات تهريب الكوكايين نحو الأسواق الناشئة، خاصة في إفريقيا، مع ارتفاع المضبوطات بنسبة 85% مقارنة بالسنة السابقة، مبرزا أن المغرب من بين الدول التي رُصدت بها زيادات في حالات العلاج من تعاطي الكوكايين، رغم أن نسبة المضبوطات بالقارة الإفريقية وأوروبا لا تتجاوز 3% من الإجمالي العالمي، ما يثير الشكوك حول حجم النشاط غير المرصود.
أمام هذه المعطيات، تساءلت البرلمانية "نعيمة الفتحاوي" عن الإجراءات التي تعتزم وزارة الداخلية اتخاذها للحد من انتشار الكوكايين وسط القاصرين، وكذا الآليات المعتمدة لردع شبكات تقريب وتهريب هذه المادة الخطيرة.
في جوابه على سؤال "الفتحاوي" المؤرخ بـ 20 نونبر 2025، أكد وزير الداخلية "عبد الوافي لفتيت" أن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تحتل مكانة متقدمة ضمن أولويات المصالح الأمنية والسلطات المحلية، مشددا على أن الجهود متواصلة لمحاصرة هذه الآفة والحد من تداعياتها.
وأوضح الوزير أن الاستراتيجية المعتمدة ترتكز على تقليص العرض والطلب معا، من خلال تشديد المراقبة على الأماكن العمومية التي يرتادها الشباب والقاصرين، واستهداف النقط السوداء المعروفة بترويج المخدرات، إلى جانب المكافحة الصارمة والمستمرة لتجار ومروجي هذه السموم.
كما أبرز الجواب الرسمي أهمية التحسيس والتوعية بمخاطر المخدرات داخل المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، باعتبار المدرسة فضاء أساسيا للوقاية المبكرة.
وعلى مستوى الحدود، كشف الوزير عن تجهيز المراكز الحدودية بأجهزة متطورة للكشف عن المواد الممنوعة، وتعزيز المراقبة وإجراءات التفتيش، مع اعتماد أنظمة معلوماتية حديثة وتقنيات تكنولوجية متقدمة، وتطوير قدرات العناصر الأمنية في مجال محاربة الاتجار في المخدرات.
وفي حصيلة رقمية دالة، أعلن وزير الداخلية أن العمليات الأمنية المنجزة خلال السبعة أشهر الأولى من السنة الجارية أسفرت عن حجز أزيد من 681 كيلوغراما من مخدر الكوكايين على الصعيد الوطني.
عموما، يعكس هذا التفاعل بين المؤسسة التشريعية والتنفيذية حجم التحدي الذي يطرحه انتشار المخدرات الصلبة وسط القاصرين، ويؤكد في الآن ذاته أن المواجهة الأمنية، رغم أهميتها، تبقى في حاجة إلى تعزيز المقاربة الوقائية والتربوية والنفسية، حمايةً لأجيال المستقبل من السقوط في براثن الإدمان وشبكات الترويج العابرة للحدود.
