تربية الملوك.. عناصر أمنية تبصم على تدخل إنساني لصالح مشجعة جزائرية من ذوي الهمم
أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
في مشهد إنساني راق اختزل عمق القيم المغربية وأعاد إلى الواجهة المعنى الحقيقي لتربية الملوك، بصمت عناصر من القوات المساعدة على تدخل نبيل تجاه مشجعة جزائرية من ذوي الاحتياجات الخاصة، عند مدخل ملعب مولاي الحسن خلال مباراة الجزائر والسودان بكأس إفريقيا التي تحتضنها المملكة، في صورة انتشرت على نطاق واسع ولامست مشاعر الآلاف داخل المغرب وخارجه.
وأظهرت اللقطات المتداولة عناصر من القوات المساعدة وهم يحيطون بالمشجعة الجزائرية التي كانت تجلس على كرسي متحرك وتحمل علم بلادها، حيث بادروا إلى مساعدتها وتأمين تنقلها بكل احترام وهدوء، في مشهد خال من أي توتر أو تمييز، ومشحون بروح إنسانية عالية، عكست الصورة الحقيقية للمغاربة في التعامل مع ضيوفهم، مهما كانت انتماءاتهم أو ظروفهم.
ولم يكن هذا التدخل مجرد إجراء تنظيمي عابر، بل رسالة قوية مفادها أن المغرب، وهو يحتضن التظاهرات الكبرى، يضع الكرامة الإنسانية في صدارة أولوياته، ويجعل من احترام ذوي الاحتياجات الخاصة واجبا أخلاقيا ومهنيا؛ كما جسد السلوك الحضاري لعناصر القوات المساعدة مستوى التكوين الذي يتلقونه، والقيم التي يؤطرون بها أداءهم الميداني، خاصة في اللحظات التي تختبر فيها الأخلاق قبل القوانين.
وفي مشهد لافت بدت المشجعة الجزائرية متأثرة بما لقيته من معاملة إنسانية، في وقت كانت فيه بعض الأصوات على مواقع التواصل تحاول النفخ في نيران التوتر الرياضي والسياسي، قبل أن تأتي هذه الصور لتفند كل خطابات التحريض، وتؤكد أن الشعوب أرقى من الخلافات، وأن الرياضة تظل فضاء للتقارب لا للتنافر.
ويأتي هذا السلوك ليعزز مرة أخرى صورة المغرب كبلد مضياف، قادر على الجمع بين الحزم التنظيمي والبعد الإنساني، ويؤكد أن عناصر القوات المساعدة ليسوا فقط رجال أمن، بل سفراء لقيم التسامح والاحترام، وحماة لوجه المملكة المشرق أمام العالم.
مشهد بسيط في تفاصيله، عميق في دلالاته، أعاد التذكير بأن تربية الملوك ليست شعارا يرفع، بل ممارسة يومية تتجسد في الميدان، حين يكون الإنسان أولا، وحين تنتصر القيم على كل الحسابات الأخرى.



