30/08/2015 10:06:00
أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية : خالد التاج
يأتي خبر استعداد محمد بن عبد العزيز المراكشي للتخلي عن قيادة تنظيم البوليساريو لصالح قيادة جديدة بديلة قد تكون على الأرجح لصالح العسكري الجزائري ولد البوهالي ، لكن لابد لكل متتبع من أن يستنج بأن مثل هذا القرار لا يمكن اتخاذه بشكل انفرادي،بالإضافة إلى أنه غير نابعمن الآليات الديمقراطية كمبدأ التداول السلمي للسلطة إذا أخذنا بالاعتبار بأن الأمر يتعلق بتنظيم ذي بنية شمولية ويخضع بالكامل لإملاءات الراعي الجزائري، فاعتزام التخلي عن عبد العزيز المراكشي ليس وليد اليوم حيث سبقته تسريبات بشأن الحالة الصحية المتدهورة للزعيم كما سبقه أيضا الحديث عن وجود صراع أجنحة وتصفيات داخل قيادات الصف الأول للتنظيم.
لكن الأكيد أن هذه الأحداث المتسارعة على مستوى بنية القيادة تعكس حجم التخبط والمأزق الذي تعرفه البوليساريو حالها كحال العديد من المنظمات الانفصالية عبر العالم والتي بدأت تعرف انحصارا إن لم نقل التلاشي ، خصوصا بعد الاتجاه الدولي العام لرفض طروحات العديد من الحركات الانفصالية التي ارتبطت نشأتها بظروف الحرب الباردة أو لوجود قناعة لدى العديد من الأطراف الدوليةأن وجودها لم ينتج عنه سوى المآسي والخراب للعديد من الشعوب أو لارتباط العديد منها بالأنشطة الإرهابية وبالجريمة المنظمة وبخرق مبادئ حقوق الإنسان، ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى اختفاء النشاط العسكري و السياسي لحركة المورو في الفلبين، ونمور التاميل في سيريلانكا، والجيش الجمهوري الأيرلندي في بريطانيا، وحركة إيتا الباسكية في شمال إسبانيا، كما يمكن أن نشير إلى نبذ الشعب التركي وعلى رأسهم الأكراد لأعمال حزب العمال الكردستاني وثوقهم للسلام واستعدادهم للتعايش السلمي مع كافة أطياف المجتمع داخل إطار الجمهورية التركيةوالتسليم باللعبة الديمقراطية وقد انتظم معظمهم في إطار حزب الشعوب الديمقراطي الذي حقق مكاسب مهمة في الانتخابات التشريعية الأخيرة وتجاوز عتبة ال 10 % التي تعطيه حق التمثيلية في البرلمان، وفي نفس السياق لابد من الإشارة إلى رفض الشعب السكوتلندي لمبدأ الانفصال عن بريطانيا و الاصطفاف إلى جانب خيار الوحدة تحت سقف التاج البريطاني، وأيضا رفض الشعب الكاتالاني للاستفتاء حول الانفصال عن إسبانيا وفي المقابل الحث على خيار التنمية الاقتصادية كبديل عن الانفصال،كما نشير إلىالأفول النسبي لنجم متمردي دارفور غرب السودان خصوصا بعد انهيار نظام حكم القذافيوغيرها من النماذج كثيرة حول العالم.
إذن فمأزق تنظيم البوليساريو حاله كحال تلك التنظيمات الانفصالية بدأ عمليا وبشكل ملحوظ منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشرقي وانحصار المد الشيوعي، غير أن انهيار نظام القذافي الذي يعتبر أحد مؤسسيه ومموليه شكل انتكاسة حقيقية للتنظيم بل يمكن القول أن حدثا كهذا قد ادخل الجماعة في منعطف تاريخي أصبحت معه مكشوفة ومحرومة من كافة أنواع الدعم اللهم الدعم الجزائري الذي بدأ بدوره يتأثر بفعل تراجع عائدات أسعار النفط نتيجة تراجع أسعاره في السوق الدولية وأزمة الموازنة مما جعل الشعب الجزائري ينظر بعين الريبة إلى هذا الدعم وينظر إليه كعبء إضافي هو في غنى عنه، وهو ما دفع البوليساريو للبحث عن بدائل للتمويل و الانخراط أكثر في الأنشطة الغير مشروعة كالتهريب وتجارة الرقيق والمخدرات و التورط في أعمال إرهابية حاله كحال أي تنظيم إرهابي مناقضا الشعارات التي يطلقها ويدعي الدفاع عنها "كحق تقرير المصير" وما يعتبره "تصفية للاستعمار" وهو ما جعله مصدر تهديد لأمن واستقرار المنطقة وبالخصوص غرب إفريقيا ولعل التقرير الياباني الأخير و الذي يعتبر الأكثر حيادا و موضوعية قد أشار إلى هذا التهديد بشكل صريح.
وفي مقابل انسداد الأفق السياسي لدى البوليساريو وعدم انفتاحه على الحل السياسي وارتهان موقفه بالجزائر واحتكامه للمنطق المافيوزي حيث يتجلى ذلك بوضوح في الاستمرار في احتجاز مواطنين مغاربة وحرمانهم من أبسط حقوقهم والمتمثلة أساسا في الكرامة و العيش الكريم و حرية التنقل وصلة الرحم مع دويهم و عائلاتهم ،هناك اتجاه دولي عام بما في ذلك الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي بالترحيب بالمقترح السياسي المغربي حول منح أقاليم الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية وفي إطار ما يعرف بالجهوية الموسعة التي أقرها دستور سنة 2011 والتي يمكن بموجبها أن تعطى لسكان جهات المملكة وممثليهم صلاحيات أوسع في تدبير شؤونهم وتحقيق التنمية المستدامة والمندمجة على المستوى المحلي و الجهوي في إطار ما يعرف بالديمقراطية التشاركية وهو طرح يصبو إلى ترسيخ دولة الحق و القانون والقيم الديمقراطية والتي يستفيد منها حتما المغاربة الصحراويون. كما تجلى ذلك أيضا في رفض مجلس الأمن لتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية واكتفاءه بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو ما شكل انتكاسة حقيقية للطرح الانفصالي ودبلوماسيته، وهو موقف يعتبر بمثابة اعتراف ضمني بالمجهودات التي تبدلها الدولة المغربية على مستوى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في الصحراء وهو موقف أملته أيضا الحاجة إلى الدور المغربي باعتباره كعامل من عوامل الاستقرار بالمنطقة ودوره الإيجابي في مكافحة الإرهاب والهجرة السرية نحو أوربا وتجارة المخدرات العابرة للحدود.
عدد التعليقات (5 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟