باكستان والهند.. إقليم كشمير يغذي قرابة سبعة عقود من الحروب والاشتباكات العسكرية

باكستان والهند.. إقليم كشمير يغذي قرابة سبعة عقود من الحروب والاشتباكات العسكرية

أخبارنا المغربية- عبد المومن حاج علي

لم يشهد العالم يوم أمس سوى فصل جديد في كتاب الصراع الطويل بين الهند وباكستان، وهو الصراع الذي لا تهدأ نيرانه حول إقليم كشمير المتنازع عليه، حيث ومع كل جولة تصعيد، تعود المنطقة إلى الواجهة، وتنكشف هشاشة الهدنة المعلنة منذ عقود، وكأن هذا الجزء من العالم لا يعرف السكون، بل يتغذى على التوتر والاشتباك، الذي كانت آخر فصوله التصعيد الهندي الذي استهدف مواقع في العمق الباكستاني، بعد هجوم دموي على سياح هندوس في كشمير، غير أن الرد الباكستاني جاء سريعا، بإسقاط طائرات حربية، في مشهد يعيد المنطقة إلى حافة الانفجار.

لكن هذا الفصل ليس الأول، ولن يكون الأخير، حيث ومنذ استقلال البلدين عام 1947، ظلت كشمير مركزا للعنف والدم، ووقودا لحروب مفتوحة وأخرى مؤجلة، حيث بدأت المواجهات فور الانفصال، حين تسللت قوات قبلية باكستانية إلى كشمير ذات الأغلبية المسلمة، ما دفع المهراجا إلى الانضمام للهند، لتندلع الحرب الأولى التي انتهت بوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، وقسم بعدها الإقليم بين الطرفين، غير أنه لم تمض سنوات حتى اشتعلت حرب جديدة عام 1965، عقب محاولة باكستان دعم تمرد مسلح في كشمير الهندية، لتدخل القوات البرية والجوية في مواجهة واسعة، وتنتهي باتفاق طشقند الذي رعاه الاتحاد السوفياتي.

وحمل عام 1971 منعطفا حادا، إذ دعمت الهند حركة استقلال بنغلاديش، ليقع ما لم يكن متوقعا، وانقسمت باكستان التي منيت بهزيمة ثقيلة، أعلن على إثرها عن ولادة دولة جديدة في شرقها، كما عادت الحرب إلى المرتفعات الجليدية سنة 1999، عبر أزمة كارغيل، عندما تسلل مقاتلون باكستانيون إلى مواقع هندية استراتيجية، وردت الهند بعمليات عسكرية عنيفة، انتهت بتراجع باكستاني تحت ضغط دولي، خصوصا من الولايات المتحدة.

وفي مطلع الألفية، اهتزت نيودلهي بهجوم على برلمانها سنة 2001، ما أدى إلى تعبئة واسعة على الحدود، كادت أن تشعل حربا جديدة، لكن العقلاء تدخلوا بنجاح في اللحظة الأخيرة، لتتعرض مومباي سنة 2008 لهجمات دموية أودت بحياة أكثر من 170 شخصا، اتهمت فيها جماعة "لشكر طيبة" الباكستانية، فتصاعد التوتر دون أن يتحول إلى مواجهة عسكرية مباشرة، كما تكررت نفس النغمة في 2016 بعد هجوم في "أوري"، ردت عليه الهند بعملية سمتها "ضربات جراحية"، قالت إنها نفذتها داخل الأراضي الباكستانية.

غير أن التصعيد بلغ ذروته في فبراير 2019، حين قتل أكثر من 40 جنديا هنديا في هجوم انتحاري في بولواما، لترد نيودلهي بغارات جوية استهدفت معسكرا مزعوما للمسلحين في بالاكوت الباكستانية، لترد إسلام أباد بسرعة عبر إسقاط طائرة هندية وأسر طيارها، الذي أطلق سراحه لاحقا ببادرة وصفت حينها بأنها محاولة للتهدئة.

وعادت النيران اليوم لتشتعل من جديد، بعد هجوم في باهالغام أسفر عن مقتل مدنيين هندوس، لترد الهند بضربات جوية استهدفت تسعة مواقع داخل باكستان، قالت إنها تأوي جماعات مسلحة، حيث وفي المقابل، أعلنت إسلام آباد عن إسقاط خمس طائرات هندية وطائرة مسيرة، وتدمير أهداف هندية انتقاما لما وصفته بالعدوان السافر حسب مواقع إخبارية باكستانية.

ولا يزال التوتر بين البلدين على أشده، كما الخطاب السياسي في البلدين يتجه نحو التصعيد لا التهدئة، بينما تبقى كشمير، ككل مرة، ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، ما يؤكد أنها ليست مجرد قضية حدودية، بل مرآة لتاريخ مثقل بالألم والدم، ونقطة اشتعال في قلب جنوب آسيا لا تنطفئ، مهما تغيرت الوجوه أو تبدلت الحكومات، في صراع يبدو أنه لا يبحث عن نهاية، بقدر ما يتغذى على إعادة إنتاج نفسه جيلا بعد جيل.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات