الرجل الاجنبي والرجل العربي..والزواج

الرجل الاجنبي والرجل العربي..والزواج

نجاة حمص

 

انتشر مؤخرا عبر صفحات التواصل الاجتماعي,منشور يعدد فوائد المرأة الأجنبية مقارنة مع المرأة العربية وعند خوتنا فالله:"المغربية",وقد لاقت إقبالا كبيرا من طرف الرجال,وكل منهم يهز رأسه موافقا بلايك أو إعجاب,وينفجر ساخطا على الفتاة العربية بردود اقل ما يقل عنها أنها متحاملة,أبانت عن معادن بعض المتدخلين ..

أخذت الفكرة وكتبت هذه المقارنة,مع عدم التعميم,وعدم تقييد الرجل بالجنسية المغربية فقط,وضعت الرجل العربي في كفة والرجل الأجنبي في الكفة الأخرى,دون انسي  إضافة صفة الإسلام,لان المرأة المسلمة لا تقترن إلا بمسلم ولربك حكمة واسعة في ذلك لا ريب..

 

الأجنبي..يبحث عن روحه التوأم التي ستكمل معه المشوار,يبحث عن رفيقة السفر وشريكة الحياة,بينما العربي يبحث عن سبية لا تعرف من الحياة إلا الخدمة الإجبارية والأشغال الشاقة المؤبدة " تقدس الحياة الزوجية هه ",يبحث عمن تطبخ وتنفخ,في بحث لا يكل ولا يمل عن الطريق السري إلى قلب بعلها,وفي الوقت الذي يتذمر فيه الأجنبي ويسر إلى أصدقاءه بأنه ضاق من حياة الضياع ويريد الاستقرار العاطفي,نجد العربي يصرح بأعلى صوته " عييت..خاصني شكون يطيب ليا ويغسل لي حوايجي"..

الأجنبي..يتزوج بحثا عن الحب,والعربي يتزوج بحثا عن ممرضة ترعى من هو في حكم المشلول شللا رباعيا,لا يمد يدا إلى كوب الماء الذي بجانبه إلا إذا أحضرته إليه..

 

الأجنبي..يستقل بحياته بمجرد البلوغ,وفي بيت والديه يعلمانه الاعتماد على نفسه,بينما العربي يبقى دلع الماما,وكل أخواته مجندات لخدمته كولي للعهد ووريث للعرش,لا ينزع رجلا من بيت أبيه حتى يتأكد من تواجد بديلة تشبه الماما  ..

  

الأجنبي..يتقاسم مع زوجته الأعمال المنزلية وتربية الأبناء,رغم عمله خارج البيت,يده بيد زوجته سواء,بعكس العربي الذي ينتهي دوره حالما يقوم بتلقيح البويضات,ويوقع على استقالته من مهامه كأب بمجرد خروج أول بذرة للحياة,يتأفف من بكاءه إذا بكى ولعبه إذا لعب, وينادي الزوجة المصون القابعة في كهف المطبخ,بين الطناجر و المعالق,لتسكت "ولدها" كأنه لا يمت له بصلة..أما إذا في يوم ما طلبت منه القيام بدوره في التربية انفجر عليها مذكرا إياها بما يلاقيه خارج البيت, مطالبا إياها بحمد الله وشكره أنها وجدت رجلا مثله,في ظل الانقراض الذي يهدد بني جنسه,والأزمة العالمية التستوستيرونية..

 

الأجنبي..لا يخلو لسانه من الكلام العذب الزلال,و "les gestes" الرومانسية,فهذه هدية بمناسبة عيد الزواج,وهذه ورود بمناسبة ذكرى اول تعارف,وهذا فستان رآه فتمنى رؤيته على جسد حبيبته,وهذا حذاء مريح لأرجل عشيقته..بينما العربي الذي قضى حياته بالطول والعرض والارتفاع في الفتوحات والنزاريات,لاهثا وراء المقدمات والمؤخرات,حتى إذا قرر الزواج,طلب من عائلته تزويجه بفتاة "بنت دارهم" ,وحبذا لو كانت محجبة ,لن تكلفه شيئا وحتما لن تطلب مهر ولا عرسا ولا بيتا,"شيء ببلاش",ليست وجه هدايا ولا خرجات, يرميها في مقاعد الاحتياط بالبيت ويواصل عنترياته, وقد وضع في بطنه بطيخة صيفي,منفقا بسخاء على "الأرنبات",مبتسما وضاحكا وهو يخرج ما بجعبته في كرم حاتمي,فهذا ثمن عشاء وهذا ثمن "قصارة" وهذا ثمن دخان  وذاك ثمن شراب..

أما إذا انتهت جلسات "الوناسة" فيعمد إلى عقد "غوباشته" وفتل حاجبيه سبع عقد,وسن شوكته,دخل إلى بيته برجله اليسرى,متأبطا للشر,باحثا بإصرار وترصد  عن أي حركة او كلمة او حتى نظرة,يجعل منها سببا لليلة حمراء من نوع آخر,كلما طالبت الزوجة بضرورة من ضروريات الحياة, قلب جيوبه الخاوية,أقصى ما قد يحدث إذا سخنت عنده الأجواء : "صباح الخير" وشراء "طابلية" محترمة للمدام..

 

الأجنبي..يجعلك تمسين وتصبحين على وجه يبشر بالخير,يلمع بلا تنظيف  وسيم بلا تزين,ورغم كل ذلك متواضع, خًلق وخُلق, عكس العربي الذي تمتعضين كلما وضع يده عليك او اقترب منك,يحتاج لعمليات جز وقص قبل ان تتمكني من تبين ملامحه,كما يلزمه فرك وتنظيف عميقين قبل الاقتراب منه,متواكل على والديه لإيوائه,وعلى زوجته لإطعامه والسهر على راحته,لا يرى بأسا في عدم تشذيب شعره ولا غسل قدميه,فالمدام ليست غريبة," بوعو" من النوع الممتاز وكل هذا لا يمنعه من وضع يديه في جيوبه الخالية,والاستعلاء على خلق الله وبالذات على الحائط القصير: حرمه المصون..

 

الأجنبي..حتى إذا حصل فراق يترك لك  ذكرى طيبة : أولاد جميلي المحيى بأخلاق رفيعة,لا ينسى مسؤوليته تجاههم رغم بعد المسافات,وكلام طيب إذا حصل اللقاء..

أما العربي,فهو فاعل مستتر,حتى في حضوره غائب,وإذا تفاقمت الأوضاع وصار الطلاق هو الخلاص,جرجر زوجته في المحاكم لشهور طويلة  أو سنين عديدة,لا يرى عيبا في تركها كالمعلقة,لا هي متزوجة ولا هي مطلقة,انتقاما منها لأنها فضلت الخروج من جحيمه,إذا تخلصت منه, خرج لها من بطنها على هيئة أطفال ورثوا كل  المورثات البشعة في  " البعل السابق"..

الأجنبي.. يبني عشه بجهد وكد,قبل أن يقترن,بينما العربي فيجر حبيبته إلى بيت أهله,يتبنى فردا رغم انف الأسرة,لتأكل القوت تحت الرعاية السامية للأب الفاضل,حتى إذا استنكر احد الموقف,اتهمتهم بأنهم أعداء الحب..

الاجنبي..يتضرع الى محبوبته بكلمات رقيقة معبرا عن حبه وولهه,بينما العربي حتى في غزله يطلب من حبيبته ان تصب له الشاي : "الزينة كبي اتاي"..

 

فذلك الأجنبي تزين بالأخلاق التي يصادف أن ديننا يحث عليها,حتى إذا اسلم ,واكتملت مكارم الأخلاق,حق الارتباط به بناء على وصية النبي صلى الله عليه وسلم " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه "..

في الوقت الذي خضع العربي للتهجين والتدجين,وتشبع بسقط المتاع من الأعراف والتقاليد المناقضة للدين,فأصبح بذلك معولا لهدم الدين وتنفير لخلق منه,تسلم الإسلام بيده الشمال,ألقى عليه نظرة متسرعة جعلته يمسك بالقشور ويرمي جهلا باللب والمضمون,سعى الى تقليد حياة من سلف جاهلا ومتجاهلا بان لمن سلف ما يشفع له,فهذا كان مجاهدا والآخر كان مصححا وجامعا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والأخر كان حارسا لثغور الأمة..

سمع بحديث "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه " فأصبح يشهرها مهددا, في وجه كل من خاف على ابنته من شاب عديم  النفع والمسؤولية ..

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة