قطة جميلة..ذكّرتني أنّني في عالم افتراضيّ !!‏

قطة جميلة..ذكّرتني أنّني في عالم افتراضيّ !!‏

عمر لوريكي

 

 

أمامي في المقهى قطة جميلة، بأهداب ممشوقة و قد نحيف، و لا أدري هل شعرها مجفف أصلي أم اصطناعي لفيف..كلّما رفعت رأسي لأرى المحيطين بي ترمقني بعين الغضب، لأنني لم أبادلها النظرة بنظرة حنان و عطف..لا أدري ماذا تريد حقّا؟

ها هي قادمة نحوي ربما تستشعر فيّ الدفء و ترى في هامتي الممتعضة من كل شيء ذرة إحسان.!

عاهدتُ نفسي على اللامبالاة، و أن لا أكترث إلاّ لنفسي..فلماذا أحنو عليها و هؤلاء المحيطون بي أموات.. مُذْ وصلت هنا و هم غارقون في عالم اخر، لا يرغبون في وجوده إلاّ افتراضيا..إنها حقيقة مرة حقا..لقد أصبح الجميع يميل للافتراضي، و لم يعد في الحقيقة ما يغري بالمتابعة، و لا بالحب..القطة أسفل الطاولة الان..إنّها جميلة جدا..ماذا لو كانت فتاة و مُسِخَتْ ذات زمن قطّة؟؟

أكيد أمزح..هذا لا يوجد إلاّ في كتابي: "حجايات أميّ..

المسخ هنا مسخ القيم و الإنسانية و الشعور بالوجود، مادام الكل لم يكترث لهذه القطة المسكينة و لم يقدم لها و لو شريحة خبز صغيرة..لأنهم و لأنهن منشغلون و منشغلات بعالم اخر..

يرون فيه عالم أحلام و طيف سعادة، و أن المشاكل التي تقضّ مضجعهم بالوسط العائلي أو بين الأقارب يمكن حلحلتها في ذاك العالم..و ماذا عن الإنسانية؟ ألم ينسوا النقد الذاتي لأنفسهم؟ ماذا قدموا و ماذا أخروا؟ فليبدأوا بعلاقتهم مع الحيوانات قبل الإنسان ثم يقارنوا ذلك بالعلاقات الإنسانية..

أصبحت لا أكترث لشنان أصدقائي و لا خصاماتهم الواهية سواء عن أنفسهم أو عنّي..لأنني مجرد شعاع مرّ على قلوبهم فألقى على شراشفها التحية و السلام، فأنا أبني القيم و الأخوة و لا أهدمها و لست أيضا مصلحة فانية أوهيئة معنوية يلتذ بها كل من هب و دب ثم ينسى المعروف..

كل هذا الحديث تمخض عن رؤية هذه القطة الجميلة ..لازالت تنظر إلي بعين العطف و أنا لم أقدم لها شيئا يذكر..الظاهر أنني الاخر أحتاج نقدا لنفسي فأنا أعير الناس على غياب القيم و أراها قد غابت عني أولا..فلماذا تركت القطة بدون أكل و تمتعت به أنا؟

ألقيت لها كسرة خبز و قطعة دجاج و أنا نادم على ما فعلت..لقد استرسلت في الحديث مع نفسي و أنساني همسي الإحسان إليها..لكنها قطة جميلة..

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة