رئاسة الحكومة بين المؤهلات السياسية والصلاحيات الدستورية

أقلام حرة

21/03/2017 16:59:00

عبد اللطيف مجدوب

رئاسة الحكومة بين المؤهلات السياسية  والصلاحيات الدستورية

 

أطرنا السياسية ومؤهلاتها

 

يكاد الباحث والمتتبع للشأن السياسي المغربي يجزم بوجود نقص حاد في التكوين السياسي لدى معظم النخب السياسية الحالية لانتمائها الأولي أو قدومها من قطاعات مختلفة لا تمت بصلة إلى الدبلوماسية أو العلوم الإدارية والسياسية ، أو لم يسبق لها أن راكمت تجربة مهام سياسية وتعاملت مع القضايا ذات البعد الدولي في مجال الاستثمار والشراكة ... فهي إما تعليمية أو اقتصادية . وقد أبانت تصريحات سياسية وصحافية لمسؤولين عن هذا القصور والفكر السياسي الارتجالي .

 

كما أن البنية الحزبية ؛ في المغرب ؛ ما زالت تصدر عن رؤية متجاوزة في تعاطيها مع الأحداث والوقائع ، وتكاد أنظمتها الداخلية المهترئة تخلو من عنصر تدبير الأحداث وأشكال التدخل فيها ، هذا عدا وجود غياب شبه تام للدبلوماسية الحزبية وممارستها بشكل منتظم دون إيعاز من أحد أو جهة معينة .

 

رئاسة الحكومة وصلاحياتها الدستورية

 

لرئاسة الحكومة صلاحيات واسعة بموجب الدستور ، لكن ممارستها كاملة ـ وبشكل مستقل ـ تظل محل تجاذبات من قبل دوائر سياسية أخرى . فرئيس الحكومة يتعامل مع جهات نافذة ؛ أغلبها ينتمي إلى المحيط الملكي الذي له شبكات تواصل تربطه برئاسة الحكومة ومختلف الوزارات والمؤسسات الدستورية الأخرى وكذا بالمجالس العليا في عدة قطاعات .

 

وقد تجد هذه "التدخلات العليا/الفوقية" مسوغا لها في "طلب الاستشارة" أو "الفتوى" في حالات إشكال أو عارض طارئ من قبل رئاسة الحكومة أو وزارة ما ، فيتم فك "الإشكال" أو بالأحرى تلقي الضوء الأخضر عما تعتزم القيام به حكومة كانت أو وزارة بعينها .

 

الظروف الدولية وتقلص دوائر القرار

 

هناك متغيرات وأحداث دولية طارئة ؛ نجمت عنها تهديدات إرهابية باختراق المؤسسات والنفوذ إلى دوائر القرار أو محاولة التشويش عليها "وشيطنتها" ... مما حمل معها بعض الأنظمة السياسية المستهدفة ـ خاصة في المنطقة العربية ـ إلى مراجعة قنوات تواصلها داخل المؤسسات والدوائر الحكومية ، بغرض تقليص دوائر هذه القنوات ، أو بعبارة أخرى تعطيل نفوذها واختزال قنوات التدخل في دائرتين حساستين ـ في المغرب مثلا ـ الملك بصفته الدستورية كرمز للسيادة وموقع شبكة واسعة في اتخاذ القرارات العليا ، أو المحيط الملكي الذي يتسنم موقعا كبيرا في هرم السلطة بإشرافه على دقائق المشهد السياسي العام في البلاد . هذا فضلا عن وجود جهاز لا يقل أهمية عن سابقه ، وهو الديوان الملكي الذي تؤثثه عدة منظومات متحكمة في الملفات الخاصة والعلاقات الدولية والأرشيف السياسي وكذا الأرصدة الدستورية وأنشطة الملك وبرامجه ... ونظم التدخلات .

 

إذن فاتخاذ قرار حكومي ؛ في نازلة معينة ؛ سيما في القضايا السياسية الحساسة يمر من هذه القنوات ، وإلا كان معرضا للاختراق ، وبالتالي إعادة توجيه مساره . فالحكومة ؛ ومن خلال ميكانيزمات اشتغالها ؛ هي دوما تجد نفسها أمام مواقف "انتظارية" وتلقي الضوء الأخضر ... حتى ولو كانت أمام حوادث طبيعية طارئة كفيضانات الأمطار بمنطقة معينة ، فتدخلها أو بالأحرى تدبيرها لأزمة أو كارثة مثل هذه ؛ يمر من ولاية وقوع حادث الفيضان وجهته فوزارة الداخلية وأخيرا إحالتها مصحوبة بأوجه التدخل المقترحة على رئاسة الحكومة ثم الانتظار ، وهذا برأي المراقبين يعطل ويكبح من سرعة اتخاذ القرار ومعالجة ملفات قضايا طارئة .

مجموع المشاهدات: 810 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟