لا تتورّط مع أحد

أقلام حرة

21/06/2017 13:04:00

عبد الفتاح عالمي

لا تتورّط مع أحد

 

لا تتعلّق بأحد.. التعلّق في الغالب ينهك الروح ويُتعبها، يحيلك مشروع أشلاء قابلة لإعادة التدوير بأقساط باهظة الثمن، يمنحك علاقة غير معبّدة المعالم مع الحنين ويُضعف احتياطيّك من اليقين ! لا تربط مسار سعادتك بأحد حتى لا تجد نفسك يوما ضائعا كنجم تائه في السّديم.. لا تنتظر أن يكون من حولك لطيفا، توقف عن التعامل مع العالم بسيكولوجيتك المرهفة وألغي الدراما من ردود أفعالك، لا أحد مسؤول عن حالتك المزاجية ولا أحد يستوعب براعتك في الإخراج وكتابة السيناريو غير نسختك السوّية، لا تنظر للأمور بتلك العتمة مهما بدا لونها سيّئا، بالنّهاية ستظلّ كذلك ما لم تقرّر أنت أن تخلق الأمل فيها من جديد.. صحيح.. هناك ذلك الاعتقاد النمطيّ اللّعين الذي يجعلك تظن أنه لسبب ما الكل متحامل ضدّك.. مدير العمل وشرطيّ المرور و معاملة الناس العدوانية والفواتير التي قرّرت أن تأتي دفعة واحدة، هو بالحقيقة شعور معقول يخفّف هلوساتك الداخلية.. لا تمنحه الكثير من وقتك، اضرب له موعدا في الهواء الطلق واتركه هناك ينتظر.. لا تكن قطعيا فاصلا في جنس الأمور.. حتى المنحنيات في الرياضيات نسبية، وذات الأفكار التي حاربت من أجلها يوما تجدك الآن تتحفّظ عنها وتسخر من سطحيتها وتضيف لها توابلا أخرى تحسّن مذاقها . هناك سبب وجيه حتما يجعلك تؤمن حدّ التصوّف برأي معيّن.. لكن هناك أسباب كثيرة تجعل الكفر برأي ما شرعيا.. فبصغرنا نكون ممتلئين بأشياء كثيرة كبالون منفوخ يدّعي الامتلاء ولا يعترف لغاز الهليوم بخواصّه الكيميائية..و بشبابنا نظنّنا ملكنا مقاليد أصول الحكم الصحيح على الأمور و ننسى أنها حصيلة زوبعة من الأفكار والتوجّهات التي تمرّغنا في خلاصتها في وقت مستقطع من الزمن.. وحين لا يُخلف الشّيب موعده مع الزمن نكون قد كوّنا فلسفتنا الخاصة بالحياة وزهدنا بالوقت نفسه في الكلام عن ذلك ..حتى المواقف تتأثر بعوامل التعرية وحدها المبادئ تظل ثابتة كنظام المجموعة الشمسية! لا تتحدّث كثيرا أمام الغرباء .. احتفظ بفمك مغلقا ما أمكن، وإن انفتح معلنا العصيان اجعل كلماتك مختصرة ومحايدة و من دون أصباغ، ستكتشف حينها أنّ اعتبارهم الشخصي لك قد ارتفع بمؤشرات مهمّة، الناس في انتظار أن تصير أمامهم مقروءا يفسرون قلة كلامك على أنها نابعة من الحكمة، هم يعلمون أن ذلك ليس مقياسا جيّدا .. لكن شيئا عنيدا في داخلهم يجعلهم يؤمنون بذلك.. لا تجعل أحلامك على مقاسات الآخرين ولا تصنع أهدافا من تلك التي يعدّها الناس للناجحين ..الشيء الذي تنظر إليه ولا يستطيع أن يُلهمك لا يصلح حتى أن يستقرّ في سلة المُهملات خاصّتك، توقّف عن التفكير في جدوى أن تكون لك أهداف أنيقة تشبههم.. التفكير الكثير في أمر ما يدفعك للعبث، قرّر ثم خطّط وابدأ في تشييد مملكتك الصغيرة وانس قصورا لا تشبهك ..السمفونيات رغم البذخ الذي تمنحه، يظلّ البعض لا يراها أكثر من إيقاعات ونوتات موسيقية قاصرة.. وأن يكون لك رأي غريب خير من أن تكون إمّعة أو رقما بالقطيع.. لا تثق كثيرا بأي أحد باستثناء والديك ولا تنبهر بأولئك الذين يتحدّثون إليك بتلك الحرارة، كل شيء ينصهر تحت درجة حرارة معيّنة وكل شيء معرّض للتبخر في أيّة لحظة، الحرارة قد تدفئ لبعض الوقت لكنها قد تحرق كل شيء في لمح البصر .. القشور و الأقنعة ككل منتوجات البشر لها تاريخ بدء وتاريخ انتهاء، لا تنتظر النهايات لترى انعكاسهم الحقيقيّ بالمرآة .. أحسن اختيار البدايات بنفسك ! لا تختلط كثيرا مع أولئك الذين يملكون كومة من العقد السّالبة يتنقّلون بها في كلّ مكان، الخوف من العدوى ليس هو السبب .. ففي النهاية صار للمواطن مناعة قويّة من تواجدهم في كلّ مكان.. المصيبة الحقيقية هي أن تكتشف متأخّرا مع قليل من التعمّق فيهم أنّك تحمل شرخا في داخلك يحمل نفس المورّثات الجينية لهم! لا تنفعل بقوّة ولا تغضب بشدّة وضع مكابحا لانفعالاتك.. فنفس الشخص الغريب الذي صرخت في وجهه وتبادلت وإيّاه الشّتائم لأنك تعتقد أنّه غبيّ كفاية كي لا يستحق جواز السياقة ذلك .. كان من الممكن جدّا في ظروف أخرى أن يصير صديقك وربما شربتم كأس شاي سويّة وأنتم تتحدّثون عن أحوال الطقس وارتفاع الأسعار..، هي الصّدفة وحدها قد تلاقيكم، لكنّه قصر نظرك من يجعلك تندفع في انفعالاتك وحكمك على الآخرين من وحي اللحظة..الثريّت واجب والحكم المسبق لا دين له

مجموع المشاهدات: 1379 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟