العنوان الملكي والعريض للمرحلة

العنوان الملكي والعريض للمرحلة

د. أحمد درداري

نظرا لانشغال الجميع بالتغيير الذي يفضي الى التننمية جاء في مضمن الخطاب الملكي الافتتاحي للدورة الخريفية من السنة الماضية ما يلي:
.... فالمرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدما بعمل المرافق الادارية، وتحسين الخدمات التي تقدمها .

إن الهدف الذي يجب ان تسعى اليه جل المؤسسات، هو خدمة المواطن وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى ، بل لا مبرر لوجودها أصلا.
والمقصود هنا هو علاقة المواطن بالادارة ، سواء تعلق الامر بالمصالح المركزبة والادارة الترابية أو بالمجالس المنتخبة والمصالح الجهوية لللقطاعات الوزارية .

والمقصود ايضا مختلف المرافق المعنية بالاستثمار وتشجيع المقاولات وحتى قضاء الحاجيات البسيطة للمواطن كيفما كان نوعها.
إن الغاية منها واحدة، وهي تمكين المواطن من قضاء مصالحه في أحسن الظروف والآجال وتبسيط المساطر وتقريب الخدمات الأساسية منه.

أما اذا كان من الضروري معالجة كل الملفات على مستوى الادارة المركزية بالرباط فما جدوى اللامركزية والجهوية واللاتمركز الاداري الذي يراد ترسيخه منذ ثمانينيات العقد الماضي .

إن تدبير شؤون المواطنين وخدمة مصالحهم ، مسؤولية وأمانة جسيمة لا تقبل التهاون ولا التأخير .
ولكن مع كامل الأسف يلاحظ أن البعض يستغلون التفويض الذي يمنحه لهم المواطن لتدبير الشأن العام في اعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية بدل خدمة المصلحة العامة وذلك لحسابات انتخابية . وهم بذلك يتجاهلون بأن المواطن هو الأهم في الانتخابات وليس المرشح أو الحزب ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل.
فاذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم ولا يهتمون بقضاء مصالح المواطنين سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي وحتى الوطني فلماذا يتوجهون اذن للعمل السياسي؟
ان الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي يجب ان يضع المواطن فوق أي اعتبار ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له والتفاني في خدمته وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية .
ولأن النجاعة الادارية معيار لتقدم الامم ومادامت علاقة الادارة بالمواطن لم تتحسن، فان تصنيف المغرب في هذا الميدان سيبقى ضمن دول العالم الثالث او الرابع او الخامس إن أمكن القول ......

والاسئلة العريضة -بعد مرور سنة على هذا العنوان الصريح والواضح - تطرح على غالبية المسؤولين الذين يميزون بالعقل والمنطق الاداري والسياسي هي :
ماهو المستوى الذي يرضونه للوطن وللشعب ؟ وما هي المبررات التي يقدمونها لتبرير سوء التعاطي مع الشأن العام ؟ وهل يقبلون بأقل من التنمية لوطنهم ؟
لقد جاء الخطاب الملكي لافتتاح الدورة الخريفية لهذه السنة متممة لتنبيهات السنة الماضية التي غطتها الغنة السياسية لمدة ستة اشهر وتخللتها خرجات وإثارة للنعرات وتصرفات لا تليق بدولة المؤسسات والمسؤوليات والقيم ... ومع وصول الوضع الى هذا الحد ، اصبح مؤشر الزلزال السياسي فقرة من فقرات المرحلة والذي يروم هدم البنية المضادة للتغيير حسب اعتقاد مهندسيها ... لكن الامر يتطلب 8,1 على سلم الدستور لكي تتحطم الهياكل التي تضن ان الزلزال لا يخيفها او تتمايل معه الى حين انتهاء هزاته. حيث ان تفعيل المقتضيات الدستورية ومنها اختصاصات الملك الدستورية كافية لاصلاح جميع الاعطاب وتغيير دينامية عمل المؤسسات واخراج العمل السياسي من دائرة السخرية من الوطن و المنتخبين الى المحاسبة والمساءلة عن الاهداف والمدة العمل الرسمية ومراقبة القول و الممارسة باللجوء الى القضاء الدستوري وتفعيل بشكل واسع اختصاصات المحكمة الدستورية، واعادة النظر في مفهوم استقلالية المؤسسات بالتركيز على مساوئ هذه الاستقلالية التي خولها لها القانون دون تفعيل ايجابي لهذه الاستقلالية وطغيان الطابع الشخصي عليها مع اغفال العمل بمهنية وتجريد من كل مصلحة شخصية ضيقة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة