تصريحات الوزير "مساهل" وتصدير الأزمة للمغرب
عبدالعالي بوحدو
لاشك أن العلاقات المغربية-الجزائرية، كانت ولاتزال بين مد وجزر، وصلت في العديد من الأحيان إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن على غرار الاسباب التي كانت وراء قطع هذه العلاقات، فإنه هذه المرة ليست كسابقاتها.. لأن السبب جاء على لسان رجل دبلوماسيتها الأول "عبدالقادر مساهل"، الذي قال كلاما لا يقوله عاقل بوعيه، ولا حتى مجنون فاقد لرشده.
فهاته التصريحات التي ألقاها أمام رجال الأعمال الجزائريين، لم تكن اعتباطية ولا حتى زلة لسان يمكن التغاظي عنها... بل ذلك كان مقصودا ومتعمدا من الرجل الذي يفترض فيه اللباقة وحسن الكلام، وبالتالي يمكن قراءة هذه التصريحات كالتالي:
: لقد جاءت التصريحات التي أدلى بها "عبدالقادر مساهل" في الوقت الذي من حيث السياق -تعيش فيه الجزائر على صفيح ساخن إثر أزمة سياسية واقتصادية خانقة، فمن جهة تعاني الجزائر من شلل سياسي كبير بفعل شلل رئيسها الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول من يحكم الجزائر اليوم؟ ومن جهة أخرى فإن الوضعية الإقتصادية التي تعيشها الجزائر في ظل تنازل أسعار البترول، وتزايد نفقات العسكر، ونفقات السلاح، بالإضافة إلى التمويل الذي تقدمه للبوليساريو... زاد من فقامة هذه الأزمة لتُشكّل احتقان اجتماعي تجلى في رفع شعار الإصلاحات السياسية والإجتماعية، على عكس المغرب الذي قطع أشواطا مهمة في الإصلاح، وقدم نموذجا تنمويا ناجحا على الصعيد الوطني والاقليمي بشهادة المنتظم الدولي.
فالحركية والدينامية التي تعيشها السياسة الخارجية المغربية بزعامة : من حيث المضمون -الدبلوماسية الملكية، أثارت حفيضة جنرالات الجمهورية الجزائرية، الذين لم يهدأ لهم بال، وشرعوا في استخدام الوسائل -المشروعة واللامشروعة- من أجل الحد من هذا التوجه الذي يشهده الفعل الدبلوماسي المغربي -خصوصا اتجاه افريقيا- وبالتالي فهذا التصريح قصد أحد أهم
الركائز التي تقوم عليها الدبلوماسية المغربية اتجاه افريقيا وهي البنوك المغربية، والخطوط الملكية المغربية.
فهذه التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها الوزير الجزائري الذي لم يحترم لا الأعراف الدبلوماسية ولا حسن الجوار، وجد نفسه في -وضع لا يحسد عليه- بعدما طالبه رجال الأعمال الجزائريين بحصتهم من أموال البترول التي تستثمر في دعم الجماعات المسلحة وفي مقدمتها ميلشيا البوليساريو، إضافة إلى تحريض بعض الدول الإفريقية على معادات المملكة المغربية عن طريق اعترافها بما يسمى "بالجمهورية الصحراوية"، وبالتالي لم يجد الوزير مخرجا سوى تصدير هذه الأزمات إلى المغرب تحت تصفيقات بعض المحسوبين من أتباعه.
وفي نفس الإطار، جاء مضمون هذا التصريح "غير المسؤول"، ليشمل العديد من الدول المغاربية كتونس ومصر وأيضا ليبيا، وقادة الدول الإفريقية التي استثمر فيها المغرب العديد من المشاريع التنموية والتي تربطها بالمملكة علاقات متينة لن تتأثّر بهذه التصريحات "الصبيانية ".
ة، سواء من جانب الجزائريين فقد خلفت هذه التصريحات ردود أفعال قويمن حيث النتائج: -أنفسهم والذين عبّروا عن استيائهم من التصريحات التي أدلى بها المسؤول الأول لدبلوماسيتهم، أو من جانب المغرب ، حيث تم استدعاء القائم بأعمال السفارة الجزائرية بالرباط إلى مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي، قصد إخباره بإستياء المغرب من هذه التصريحات غير المسؤولة من شخص يفترض فيه اللباقة واحترام الأعراف الدبلوماسية، ليضرب بذلك عرض الحائط كل الأهداف التي كان من المأمول بلوغها في ظل العلاقات بين البلدين .
وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نذكّر هذا الوزير بالعودة لوعيه -وإن كان قد تنكر لأصوله المغربية- بأن يحترم نفسه ويلزم حدوده عندما يذكر المغرب، هذا البلد الذي له تاريخ يغنيه عن كل تعريف، وأن يكتفي بمشاكل بلاده التي تعاني على مختلف الأصعدة.
وفي هذا المقام، تستلزم الظرفية الراهنة بالقارة الإفريقية تنسيق جهود الدبلوماسية الرسمية منها والموازية، من أجل مواجهة مختلف التحديات التي تعيقه إقليميا، وربح مختلف الرهانات المأمولة من العودة للإتحاد الإفريقي وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية العادلة والمشروعة.
