كرامة التلميذ كذالك.. ومشكل العنف والاٍنحراف المدرسي هو بنيوي

كرامة التلميذ كذالك.. ومشكل العنف والاٍنحراف المدرسي هو بنيوي

مولاي علي الإدريسي

 

العنف المتباذل بين التلميذ والأستاذ في الأونة الأخيرة يعيد السؤال من المسؤول في الاٍنحراف الذي لا يقتصر على التلاميذ بل حتى بين الأساتذة الموكول اٍليهم دور التعليم والتربية والتكوين ؟ ذالك أن الاٍجابة على هذا الاٍشكالية العويصة تتطلب الاٍحاطة بكل المعطيات الواردة والحيثيات والدواعي المسببة في التشنج الحاصل بين بعض التلاميذ والأساتذة وبالطبع من خلال حالات شاذة مختلفة من حيث درجة وأشكال العنف والاٍعتداء ومن حيث الأماكن والجنس.

 

تأتي حادثة ورزازات التي تعرض لها أستاذ الاٍجتماعيات للضرب والركل والرفس والنصب والرفع والجر لتفيض كأس العنف المدرسي بين التلميذ والمدرس وأول سؤال منطقي يجب طرحه هل دخل التلميذ بكل قواه العقلية والجسدية وعن طيب خاطره أو من باب هواياته المفضلة فأختار الاٍعتداء على أحد أساتذته وقد اٍختار أستاذ الاٍجتماعيات دون غيره واٍنهال عليه بالضرب وما جاوره ؟ ألم تكن هناك حيثيات ودواعي لذالك ؟ واٍن ثبث العكس فالخطأ يرفع عن التلميذ لأنه مختلا عقليا أو مجنونا والقانون لا يسري عليه لغياب عقله ورشده بل طبيعيا فالتلميذ قاصر أصلا وهو من الأحداث قانونيا ..لكن بعد الحادثة ظهرت تصريحات التلاميذ من نفس القسم تؤكد أن الأستاذ لا يتعامل مع التلاميذ باٍحترام وكلامه منحط وتصرفاته عدوانية وهنا يصبح التلميذ العنيف والأستاذ في موضع اٍنحراف ويحتاجان للعلاج والمتابعة والاٍستماع معا لوضع الأصبع على الداء ..

 

اٍن اٍنتفاض الأساتذة بشكل هستيري والدعوة لاٍضراب تجاوز اليومين دون محاولة تطويق الحادثة في اٍطارالمؤسسة التعليمية هو نوع من المخاطرة واٍقحام مؤسسات أخرى في الموضوع كالأمن والداخلية والقضاء والذي بالطبع لن يتجاوز قاضي الأحداث وتضامن أصدقاء التلميذ معه لمعرفتهم حيثيات ومسببات الحادثة وتجاهل الأساتذة لحوادث كثيرة تعرض لها التلاميذ في مؤسسات مختلفة وأخر فصولها تعنيف أستاذ التربية الاٍسلامية بتطوان لتلميذ بواسطة أنبوب بلاستيكي قوي وتجريح أساتذة لتلاميذ صغار في المدارس بسبب ضعف القراءة والكتابة عنذهم والتشهير بهم في مواقع التواصل الاٍجتماعي كما لم ينس الجميع عمليات الاٍغتصاب للأطفال في مؤسسات مختلفة من أساتذة وعاملين بمؤسسات تعليمية مختلفة وهم في أعمار الزهور ناهيك عن الفساد المستشري في الجامعات بسبب بعض الأساتذة الذين يستغلون وظائفهم وسلطاتهم التقديرية لاٍبتزاز طالبات واٍرغامهن على الدعارة والفساد مقابل النقط الجيدة أو القبول في الماستر وكذا فيما قد يقع في المباريات من تلقي الرشاوي وهلم جرا...

 

من هنا لا يجب الركوب على حادثة معزولة لأغراض أخرى كان لزاما الخروج من أجلها والحسم فيها مع الجهات المعنية الداخلية في اٍطار فضاء الأكاديميات والنيابات والمدديريات التعليمية لما كان دورها التربية اٍلى جانب التعليم وعدم ضياع الأباء وأولياء التلاميذ والتلاميذ أنفسهم من اٍضرابات تمييزية الهذف منها ليس فقط كرامة الأستاذ بل مزيدا من العطل لتأكيد المقولة المغربية بأن" الموسم الدراسي عبارة عن عطل تتخلله أيام دراسية " ثم تمرير رسائل مشفرة في غير محلها ومحاولة اٍعادة سلطوية الأستاذ أخطأ أم أصاب و"أنصر أخاك ولو كان ظالما" لأنه في الأخير هناك تلميذ منحرف عدواني كما هناك أستاذ منحرف عدواني ويبقى الأستاد المتخلق ذو القيم والمتفهم كجل الأساتذة هو من قيل فيه "قم للمعلم وفه التبجيلا// كاد المعلم أن يكون رسولا "و اٍذا كان التلميذ قد تجرأ على الأستاذ يعني أن هذا الأستاذ لم يستطع تفاذي ذالك ولم يقم بدوره الملائم نحو ذالك التلميذ واٍلا لماذا يتعرض أستاذ دون غيره للتعنيف ؟ التلاميذ والأطفال يذهبون للمدرسة قصد التعليم والتربية والتكوين وليس لتلقي المعلومات وحفظها وتخزينها واٍستظهارها وقت الاٍمتحان فقط ..اٍنه يحتاج للحوار والمصاحبة والاٍستماع بطيب خاطر وتوجيهه نحو الأصوب وتمكينه من اللعب وبناء تعلماته من الأخطاء وليس قمعه أو تجاهله

 

وتجاهل تظلماته وشكاياته أحيانا وحينما يتقدم للاٍدارة بسبب أستاذ منحرف يتم نهره وقمعه ورده للفصل أو طرده لأنه على حد البعض جريئ أو "باسل "أـو" خفيف"أو لا يحترم الكبير أو يتكلم كثيرا وما شابه ذالك...

 

لعل المسؤول الأول والأخير في وصول التلميذ أو الطالب أن يكون منحرفا اٍلى درجة تعنيف الأستاذ أو اٍطار تربوي أو العنف فيما بين التلاميذ أنفسهم هو قصور الاٍدارة التربوية عن أداء مهامها وغياب موارد بشرية فيها للتتبع والاٍستماع والمعالجة والصلح ورأب الصدع وغياب مساعد(ة) اٍجتماعي(ة) وأطباء نفسيين تابعين للاٍدارة أو موكولين من الأكاديميات لصالح المديريات والنيابات التعليمية سواء عبر توظيفهم أو عقد شراكات مع قطاعات أخرى سيمكن ذالك من جعل المؤسسة التعليمية فضاء متكاملا للأسوياء والعقلاء والمسالمين جسديا وعاطفيا وتقافيا من تلميذ وطالب وأساتذة وكلما شعرت الاٍدارة باٍنحراف أو أشياء غير عادية سواء من التلاميذ أو الأساتذة اٍلا وتدخلت في وقته لمعالجته وبالتالي درأ الاٍنحراف والعنف والاٍغتصاب وتدني الأخلاق السيئة لاسيما في الأجيال القادمة وعدم المساهمة في تطور الاٍحتقان بين المعلم والمتعلم مستقبلا ...

 

اٍذا ما تمت تربية التلاميذ عبر أساتذة مسالمين ومربين أكفاء بيداغوجيا وديداكتيكيا ومنهجيا ونفسيا فسيعني ذالك الاٍستثمار في العامل البشري لبناء جيل من أساتذة المستقبل يكون أفضل ممن سبق ومجتمعا أكثر تقدما ومتحليا بالقيم الحضارية والأخلاق الحسنة وسيتم نبذ العنف والاٍنحراف بشكل تلقائي واٍيجابي لأن اٍشكالية الاٍنحراف والعنف المدرسي في الأخير يبقى بنيويا يتداخل فيه ما هو أسري ومدرسي ومؤسساتي ووزاري وأمني اٍذا علمنا أن القطاع التعليمي كله يعاني من خصاص في كل شيئ سواء ما تعلق بالموارد البشرية أو الوسائل التعليمية التعلمية أو البنيات التحتية والحيوية أو على مستوى التكوين واللوجيستيك وما يتعلق بظروف اٍشتغال الأساتذة ومعاناتهم الذاتية والمهنية وضعف مؤهلات الاٍدارة التربوية ووسائل اٍشتغالها ناهيك عن المشاكل التي لا نهاية لها للأسر المغربية وغياب دور المجتمع المدني والأمن المناسب في ضواحي المؤسسات التعليمية ولهذا يظل المغرب في المراتب الأخيرة في مجال التعليم والتربية الذي يعتبر مفتاح تقدم الأمم كلما اٍعتني به وبرجالاته ومتعلميه ...

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة