مفهوم"الحب" في مجتمعناǃǃ

أقلام حرة

05/10/2019 15:30:00

بدر بية

مفهوم"الحب" في مجتمعناǃǃ

لقد بنيت الإنسانية منذ وجودها على مفهوم الحب، باعتباره الروح الأخرى للإنسان ومطلبا أساسيا للعيش المشترك، لبناء وتطوير علاقات يسودها التعاون والاحترام المتبادل.

منذ ظهور الفكر الإنساني، نادى المفكرون بإعمال مفهوم الفضيلة وذلك لسموها على القوانين الوضعية، ومفتاحا لتحقيق السلم والوئام داخل المجتمع، بعيدا عن الصراع والتناحر الذي كلف البشرية ملايين الضحايا.

كما أن الأديان السماوية من بين أسسها إن لم نقل غايتها هو تحقيق الانسجام والتعاون والأخوة التي تتغيى ترسيخ الحب باعتباره المدخل الأساسي لنهضة الإنسان، فالدين الإسلامي قائم على الرحمة والمودة والاحترام، وحذر من كل ما من شأنه المساس بماهيته النبيلة وشدد جزاءات على ذلك.

فالبرغم من هذا، نلفي أن مفهوم "الحب" الذي شكل نبراس البشرية، سواء من خلال ما دعا إليه المفكرون أو الشرائع الربانية، قد حذا عن مساره النبيل وتحول إلى أداة للمكر والخداع، الشيء الذي جعل الإنسان يتساءل حول مفهوم الحب في مجتمعنا؟ ولماذا تم التنكيل به وتدميره؟

فكلمة "الحب" وإن بدت لنا أصغر حجما شكلا لكنها أوسع المفاهيم مضمونا، إذ بها نحيا وبها نقتل ونحن أحياء، بها نسمو وبها نذل، إذا ما استغلت لتدمير وجداننا وعالمنا وإنسانيتنا.

 في مجتمعنا تتداول مفردة "الحب" بشكل لا نظير له، لكنها تبقى فارغة المحتوى، بحكم غياب محركها الأساسي ألا هو القناعة والضمير وحضر بدلا عن ذلك الجشع والطمع واستغلال وجدان الفرد للتنكيل به لغاية تحقيق أهداف عدائية وجرائم ضد الروح الإنسانية.

أصبحنا نباد وترتكب فينا أبشع صور الحرب والإرهاب النفسي، ورغم ذلك كانت الرغبة صادقة في إصلاح أعطاب المجتمع والتغاضي عنها، بيد أن الأمر يزداد سوء وسوداوية، لغاية تبخيس كل من يحاول إشاعة روح الاحترام والتضحية والوفاء.

لقد أمست المصلحة واللعب بالمشاعر والكذب والوقاحة...عنوان مجتمعنا وشعاره، "فالحب" أصبح نتنا ولم يعد بالمقدور تصديق وهمه، فأصبحنا مجتمعا مفلسا كسولا خانعا للجاه ومحتقرا للقيم،  ناكثا للعهود، وناكرا للجميل والمواقف التي دفع من أجلها ثمنا باهظا سواء من الناحية النفسية منها أو الصحية.

تجرعنا مرارة النفاق والعلاقات الفولكلورية، إيمانا بالقدرة على إعادة النظر في السلوكيات المتهورة وإصلاح  الأخطاء المتكررة الغير مسؤولة والغير مبررة، وذلك رغبة في الحفاظ على الود، لكن التمادي في الأخطاء والإضرار بالعمق الإنساني، لم يعد بالمقدور تحمله ولا السكوت عنه.

فمجتمعنا سار في اتجاه النمط الملشياوي القائم على الغدر وإبادة الإنسان في كيانه ووجدانه وراحته، فقد تاه المجتمع وأغرق نفسه بنفسه وسط العواصف الهوجاء ولم يعد قادرا على الرسو أو النجاة بنفسه.

إجمالا، لابد من التأكيد على أن الإصلاح الحقيقي لا بد أن يبدأ من الفرد ويقتنع به حتى لو قادته الظروف أن يستغني عن كل ما كان يصبوا ويطمح إليه، حفاظا على كرامته وحبه لنفسه ولبعض الشرفاء من المجتمع.

مجموع المشاهدات: 644 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟