السير الذاتية للحكومات التي تعاقبت على حكم المغرب (5195/2019)

أقلام حرة

05/10/2019 15:33:00

عبد العزيز الإدريسي

السير الذاتية للحكومات التي تعاقبت على حكم المغرب  (5195/2019)

منذ فجر الاستقلال عرف المغرب مجموعة من التقلبات والتغييرات في مساره السياسي، ولقد تعاقبت عدة حكومات على تسيير الشأن العام ، منها التكنوقراطي ومنها السياسي، ومنها من كان النجاح حليفها لأنها كانت تعمل وفق مخططات وتصاميم، ومنها من فشلت فشلا ذريعا، ومنها من أوصلت البلاد إلى ما سمي بالسكتة القلبية ليس عمدا أو سوء تدبير بل حسب الوضع الاقتصادي، غير أنه وبالرغم من هذه المطبات الاقتصادية والسياسية وأحيانا "عوامل الجفاف" على الرغم من ذلك كانت هذه الحكومة تنفذ برامجها إلى حوالي 90 % رغم مرورها بظروف صعبة مالية واقتصادية وسياسية، داخلية وخارجية، لأن من تحملوا المسؤوليات في هذه الحكومة السابقة الذكر كانت لهم الارادة القوية والنزاهة والجدية في العمل، وهم يواجهون هذه المطبات والصعوبات بالعقل، والكفاءة الفكرية والحكامة الجيدة، والقدرة على تحمل هذه المسؤولية من حيث الثقة في النفس وحب الوطن والمواطنة الحقة والبحث عن الموارد، والشخص المناسب في المكان المناسب، والممكن ممكن والغير ممكن غير ممكن من خلال عقلية متفتحة ورؤية متبصرة، لاهي نابعة من الشواهد العليا أو المتوسطة، وإنما هي نابعة من العقلية الحداثية والعزيمة على تحقيق المراد دون عرقلة أو بلوكاج أو معارضة من أجل المعارضة السياسوية، بل من خلال التنافسية الجهوية والمركزية، وبالتالي خدمة الجهات والأقاليم، والمدن والحواضر والقرى بناء على مخططات، بحكمة وتقدير للتوقعات الاقتصادية والفلاحية، وهكذا نجد هذه الحكومات حققت المعجزات من بناء المدارس والمعاهد العليا والكليات والسدود، والمساجد والطرق، كما خططت لبناء المدن دون إغفال العالم القروي، وفك العزلة عنه، بإيصال الماء والكهرباء، وإنشاء المدارس تجنبا للهدر المدرسي، وبالتالي تزايد عدد المتخرجين من المعاهد العليا والكليات سنويا، والآن والحمد لله، للمملكة أطرها وكفاءتها الوطنية، وأقصد بالوطنية كل من تعلم في المؤسسات التعليمية العمومية داخل الوطن، أما الأطر الأخرى التي درست في الخارج، فقد أفادت الوطن سواء من حيث نقل المعرفة أو التكنولوجية أو التسويق، ومن هنا لزم علينا شكر الحكومات السابقة وأساسا الآتي ذكرها أكانت سياسية أو تكنوقراطية:

 

· حكومة البكاي بن مبارك الهبيل 7/12/5195: وقد واجهت هذه الحكومة صعوبات اقتصادية وسياسية لأنها أول حكومة بعد الاستقلال، حيث لم تكن المالية متوفرة ولا مؤسسات مهيكلة وطنيا، والأصعب هو أن المواطنون انتقلوا من وضع إلى وضع، فمن الوضع الاستعماري إلى وضع الحرية والاستقلال، والبحث عن سبل الديمقراطية، بحيث يمكن القول أن هذه الحكومة كانت تشتغل على واجهتين الأولى توفير الحاجيات الملحة للمواطن، والثانية أنها تجتهد سياسيا من خلال التفاوض مع المستعمر من أجل نقل الصلاحيات وتدبير المؤسسات، والبحث عن التمويل وتوفير العيش الكريم للمواطن، وأساسا أن البلد لازال في طور الإنعاش الاقتصادي والسياسي، ويلاحظ المرء أن السيد البكاي بن مبارك الهبيل ترأس حكومتين، الأولى في 7 دجنبر 1955، والثانية في 27 أكتوبر 1956 وهو وزير للخارجية.

 

· الحكومة الثالثة الحاج أحمد بلافريج "حزب الاستقلال": يمكن القول ان هذه الحكومة عرفت من الصعوبات ما عرفته حكومة السيد البكاي بن مبارك الهبيل، وهو من حزب الاستقلال، ولكنه تغلب على كل هذه الصعوبات الاقتصادية والسياسية، ولقد عرفت هذه المرحلة أشد الصعوبات السياسية، وهي الحكومة التي عينها جلالة الملك محمد الخامس قدس الله روحه، وعلى رأسها الحاج أحمد بلافريج رحمه الله، وهو من النخبة المغربية آنذاك ورئيس حزب الاستقلال، ومؤسسه إلى جانب المرحوم الأستاذ علال الفاسي الرجل الغيور الوطني الذي ضحى في كثير من المواقف من أجل المصلحة العليا للوطن.

 

· الحكومة الرابعة: حكومة عبد الله إبراهيم وهو رئيس الحكومة ووزير الخارجية 24 دجنبر 1958، ورئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو حزب تعود أصوله إلى التيار اليساري الذي انفصل عن حزب الاستقلال عام 1959 بحيث أخذ دور المعارضة اليسارية الرئيس في المغرب خلال عقد الستينات وبداية السبعينات، وبفعل الصراعات داخل الاتحاد الوطني في السبعينات، ظهر الاتحاد الاشتراكي، ليشكل هو الآخر المعارضة اليسارية الرئيسي خلال السبعينات وبداية الثمانينات بقيادة عبد الرحيم بوعبيد.

 

لقد تشكل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بصورة من منشقي حزب الاستقلال، ومن رموز كانت تنتمي إلى الحركة النقابية المغربية "الاتحاد المغربي للشغل" ورموز المقاومة ومن أعضاء في أحزاب اخرى مثل حزب الشورى والاستقلال، والحركة الشعبية على شكل ائتلافي ذو طابع يساري.

 

وكانت هذه القضية تشكل أرضية للصراعات السياسية داخل الحزب الجديد والظروف التي مر بها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الأولى لتشكيله وجود المهدي بن بركة على رأسه، قد أخرت تنامي هذه الصراعات وتطورها درجة الانقسام الذي حصل في السبعينات، حيث انشقت "منظمة 23 مارس" عام 1980، ثم ظهر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1972.

 

لقد لعبت التحولات الخطيرة نحو ليمين للقيادة النقابية عبد الله إبراهيم، ولمحجوب بن الصديق، والهيمنة على الاتحاد المغربي للشغل، وعزل المنظمة النقابية عن المشهد السياسي ورفضها لشعار "الخبز أولا وقبل كل شيء" عام 1963 دورا أساسيا في تنامي الصراعات.

 

هذه أبرز الصراعات والمتاعب التي عانى منها عبد الله إبراهيم ولكن بفضل الخبرة وبعد النظر تغلب على هذه المطبات وأعاد القطار إلى السكة وتابع مساره السياسي بحكمة وتبصر إلى أن حان وقت مغادرته الحكم كرئيس للحكومة، وحلت محله حكومة صاحب الجلالة المرحوم محمد الخامس قدس الله روحه، وهي الحكومة الخامسة بعد الاستقلال حيث كان ولي العهد آنذاك جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله نائب رئيس الحكومة وهو وزير الدفاع الوطني، وذلك في 27 ماي 1960، وكانت حكومة موفقة إذ وضعت خارطة الطريق لمسار المغرب السياسي والاقتصادي وسادت الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ضمنها أولا حقوق المرأة التي كان جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله يوليها عناية خاصة.

 

· الحكومة السادسة: حكومة المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه في 5 يناير 1963 والتي ابلى فيها البلاء الحسن، حيث في عهد هذه الحكومة وضع المغرب مساره السياسي على السكة الصحيحة وبنيت المؤسسات الإدارية والجامعات والمعاهد العليا، وتعددت المدارس في المدن والقرى، وعبدت الطرق والمسالك، وبنيت السدود، وفي هذه الحكومة كان جلالته وزير الدفاع الوطني ووزير الفلاحة "4مارس 1961".، وبالإضافة إلى ذلك تحمل جلالته رحمه الله مسؤولية حقيبة رئيس الحكومة ووزير الخارجية في 5 يناير 1963.

 

وهكذا تعاقبت الحكومات على تسيير الشأن العام ونذكر منها:

 

·الحكومة الثامنة: وهي حكومة بدون رئيس، أحمد بلافريج الممثل الشخصي لصاحب الجلالة المرحوم الحسن الثاني 08 يونيو 1965 وهو وزير الخارجية في 05 يناير 1963.

 

·الحكومة التاسعة برئاسة الحسن الثاني رحمه الله 13 نونبر 1963، وبعدها الحكومة العاشرة برئاسة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في 08 يونيو 1965.

 

·الحكومة 11: السيد محمد بنهيمة 11 نونبر 1967، وهي أيضا حكومة تكنوقراطية.

 

·الحكومة 12: السيد احمد العراقي 7 اكتوبر 1969 كوزير أول غير منتمي حيث أدى الأمانة على أحسن وجه وخلق وأبدع إلى أن أنهى مساره السياسي بتحمله حقيبة وزراة الخارجية أمد الله في عمره، وكان هذا الرجل شجاعا حيث عالج القضايا بكل حكمة وتبصر وبسالة، كان يدافع على القضايا المصيرية الوطنية وأساسا قضية الوحدة الترابية الصحراء المغربية بكل استماتة، بحيث إذا تناول الكلمة في المحافل الدولية وخصوصا مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، كان يرافع منطلقا من الروح الوطنية العالية وكأنه محام لا تأخذه لائمة لائم في الحق ومصلحة الوطن العليا، لقد عاشرت الرجل في ديوانه بوزارة الشؤون الخارجية، وهو القدوة في الانضباط والعمل الذي يصل فيه النهار بالليل أو

 

العطل بأيام العمل، لا يعرف للراحة سبيلا، وكان كلما حقق هدفا ديبلوماسيا إلا وأدخلت عليه البهجة والسرور، وكلما أحس أنه اخفق من خلال عائق عرضي كان يكفهر ولم يكن على أحسن حال، وكم من مرة قهر عبد العزيز بوتفليقة سواء في الأمم المتحدة أو في الوحدة الإفريقية، "بأديس أبابا" كان يبهر الدبلوماسيين ويقنعهم بأفكاره وتصوراته وتطلعاته إلى مستقبل الدول المنتمية إلى منظمة الامم المتحدة، كانت تصريحاته سواء أثناء مغادرة التراب الوطني أو العودة إليه من خلال مطار الرباط سلا تذاع في الإذاعات الوطنية والدولية، وأساسا عندما كان وزيرا للخارجية في السبعينات.

 

·الحكومة 13: السيد محمد كريم العمراني وهو كوزير اول 6 غشت 1971.

 

·الحكومة 14: السيد أحمد عصمان وزير اول في 20 نونبر 1972.

 

·الحكومة 15: السيد احمد عصمان وزير اول في 25 أبريل 1974.

 

·الحكومة 16: السيد احمد عصمان وزير اول 10 كتوبر 1977.

 

على عهد حكومة الأستاذ أحمد عصمان الرجل الكفء الدبلوماسي السياسي المحنك قاد الحكومات التي ترأسها بنجاح ملفت للنظر، وذلك من خلال المخطط الخماسي والثلاثي، ولقد عرف المغرب في عهده تطورا اقتصاديا وصناعيا لا يستهان به، وارتفع الدخل القومي وثم الإصلاح الإداري وقانون الاستثمار وانتشرت البعثات الدبلوماسية في العالم حتى شملت افريقيا وآسيا.

 

· الحكومة 17: الأستاذ المعطي بوعبيد، وهو وزير العدل ووزير أول في 5 نونبر 1981 ولم يكن آنذاك رئيس حزب الاتحاد الدستوري بل لازال هذا الحزب لم يعرف الوجود في المشهد السياسي، وفي هذا العهد عرف المغرب ما يسمى بالسكتة القلبية، وعندما اعفاه جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، أثنى عليه وقال رحمه الله (حتى زين ما خطاتو لولة)، بمعنى رسالة غير مباشرة تشير إلى أن الرجل لم يحقق المطلوب ولم يستجب لحاجيات المواطنين الملحة، وقد سمي في الكواليس "بالمعيطي" وهو ما يسمى بالجوع في اللغة العامية المغربية، حيث أن الركود الاقتصادي عرف أوجه في تلك المرحلة، وارتفع عدد البطالة، وعلى الرغم من هذا كان رحمه الله يتجول في شوارع العاصمة وكأنه مواطن عادي لأنه كان نقي الطوية، إلا أن الظروف لم تساعده على تحقيق المراد، لأنه وطني غيور ويتمتع بالمواطنة الحقة، كان يسكن بالبلد وبالضبط في مدينة الدار البيضاء في فيلا متواضعة جدا بل الأكثر من هذا كان رياضيا يحب الكرة، وكان ينزل إلى مدينة سلا وهو يتجول وكأنه من أهلها ومن سكانها وحتى بين دكاكينها، ولا يقترب منه أحد لطلب قضاء حاجة لأن السلاويين آنذاك كانوا عفيفين، يرحبون بالضيف ولا يقلقون راحته، وهو رحمه الله كان يبادلهم نفس المحبة والود، وبفضل طيبوبته ونزاهته عندما انشأ حزب الاتحاد الدستوري 10 أكتوبر 1983 وفي أول مشاركة له في الانتخابات التشريعية حصل هذا الحزب على 84 مقعدا في مجلس النواب، وشارك في حكومة الوفاق بحوالي 10 مناصب وزارية أو أكثر، لكنه تدحرج إلى الوراء بعد ما يسمى بالسكتة القلبية ولأن بعض وزرائه الذين تحملوا حقائب وزارية لم يكونوا عند حسن الظن بما فيهم من تحملوا مسؤوليات تسيير الشأن المحلي، وأساسا المدن الكبرى، الأمر الذي من شأنه جعله يتقهقر إلى الوراء إلى ان كاد أن يافل اسم الاتحاد الدستوري من المشهد السياسي جراء بعض الصراعات الداخلية الخفية، وسوء التدبير من خلال من كلفوا بتسيير شؤون الحزب السياسية والاجتماعية، حيث سادت بعض الدسائس في صفوف الحزب، زد على ذلك غياب الشفافية والديمقراطية في بعض الأحيان، وبعض المواقف مما تسبب في اندثار القواعد والمكاتب الإقليمية إلا بعض المكاتب الجهوية التي هي مجرد مقرات ليس إلا.

 

· الحكومة 19: حكومة محمد كريم العمراني كوزير أول

 

الأولى 6 غشت 1971

 

الثانية 20 نونبر 1972

 

الثالثة 11 أبريل 1985

 

والظروف التي كان يعيش فيها السيد محمد كريم العمراني لم تكن بالظروف العادية بل كانت دائما ظروفا صعبة، وعلى الرغم من كون الرجل لا يحمل شواهد عليا حسب المتداول ولكنه كان كفئا وذكيا وكان ينقذ اقتصاد البلاد من الأزمات، ولم تعرف في عهد تحمله المسؤولية أي مظاهرة أو احتجاج أو نقص في المواد الاستهلاكية أو الحاجات الأساسية الضرورية، وكانت المشاريع تنفذ وتتحقق على أرض

 

الواقع وكان النمو في تصاعد، والمديونية والبطالة تتقلصان وظاهرة الفساد غير معروفة عند المغاربة، والأمن كان يعم البلاد من أقصاه إلى أدناه، مع غياب الجريمة المنظمة والعادية، لم يكن هناك لا تشرميل ولا اختلاس ولا اختلالات.

 

·الحكومة 32: حكومة الدكتور عبد اللطيف الفيلالي

 

الأولى: 7 يونيو 1994

 

الثانية: 27 فبراير 1995

 

الثالثة: 13 غشت 1997.

 

خلال مراحل حكومة الدكتور عبد اللطيف الفيلالي كانت حرب الخليج الثانية في بدايتها، كانت قضية الصحراء المغربية في أوجها على الرغم من أن الملف لم يكن بيده، وهو كوزير أول ووزير الخارجية، ولكنه حقق الكثير لصالح المغرب، كسحب اعترافات دول افريقية وآسيوية وأمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية بما يسمى "بالجمهورية العربية الصحرواية" مما جعل المغرب في مركز قوة فيما يخص قضيته الأولى الصحراء المغربية، وكما عمل على دعم وساعد على تسهيل التبادل التجاري بين المغرب وبعض الدول من خلال الأشخاص والخواص وتسهيل مساطر الاستثمار الصناعي في المغرب، بواسطة المقاولات الصغرى والمتوسطة، بحيث عرف السوق المغربي التجاري رواجا أمن استقرار الشركات والحفاظ على اليد العاملة، كما ضبط قواعد مساطر الصفقات العمومية بكل شفافية ووضوح، وبالتالي قلص من الدين الداخلي، الشيء الذي مكن المقاولات الصغرى من الحفاظ على مكانها داخل السوق، وساعدها على الادخار.

 

· الحكومة 26: وهي حكومة التناوب التوافقي 6 شتنبر 2000، التي تحمل فيها الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي حقيبة الوزير الأول، وعلى الرغم من طيبوبة الرجل أخفق حزب الاتحاد الاشتراكي في تدبير الشأن العام المغربي، الأمر الذي من شأنه جعل هذا الحزب يتقهقر إلى الوراء واحتل المراتب الأخيرة في الانتخابات التشريعية، وفقد ثقة الناخب على إثر ذلك التقهقر والإخفاق في تلبية مطالب المواطنين وحتى الذين كانوا اتحاديين حتى النخاع تخلوا عليه ولم يسعفه الحظ مرة أخرى ليتصدر قوائم انتخابات اعضاء مجلس النواب ولم يلجه إلا بقليل من المقاعد، و هو يرأس مجلس النواب من خلال اللعبة السياسية وهو مشاركا في الأغلبية الحكومية الحالية حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، بعدما لم يسعفه الحظ أن يشارك في الأغلبية الحكومية للسيد عبد الإله بنكيران.

 

والاتحاد الاشتراكي تحمل مسؤولية تسيير الشأن العام بمجموعة من خيرة أطره المناضلة داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي، إذ كانت حقائب حساسة مثل وزارة المالية والتجهيز، والفلاحة والثقافة، والسكن والتعمير، والجالية المغربية المقيمة بالخارج، والبريد والمواصلات......الخ. لكن الملاحظ أن حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي لم يلمس المغاربة أنها حققت مشاريع على أرض الواقع التي يمكن أن تؤثر على المواطن، ويحس أنه انتفع منها، وهو ما جعل المواطن العادي والناخب بصفة عامة ينفر من حزب الاتحاد الاشتراكي، بحيث وقع له ما وقع لحزب الاتحاد الدستوري الذي حصل في أول انتخابات تشريعية له على 84 مقعد، لأن النتائج كانت ضئيلة جدا مما جعله يهوى إلى الصفوف الأخيرة للأحزاب السياسية بعدما كان يعد من الأحزاب الكبرى، وهاهو الآن يختفي من الساحة السياسية رويدا رويدا، وإن كان قد شارك في الأغلبية الحكومية للدكتور سعد الدين العثماني لأسباب سياسية لم يستطع أن يعبر عن وجوده ويعيد الاعتبار إلى موقعه داخل المشهد السياسي ولو أنه يتوفر على كفاءات وأطر عليا قادرة على تحمل المسؤولية فهو الآن ليس له وزن داخل الأغلبية الحكومية، وبالتالي فهو مهدد في أي تعديل حكومي بأن يغادر تلك الوزير الواحد وكاتب دولة الذي عرف مصيره من خلال التعديل الحكومي المرتقب بحكم الاستغناء على حقائق كتاب الدولة.

 

· الحكومة 28: السيد ادريس جطو 7 نونبر 2002، السي ادريس جطو رجل ذا فكر تجاري وصناعي لكنه فيما اعتقد تلخبطت عليه الافكار التجارية والصناعية مع المجال السياسي، ولكنه كان نسبيا ناجحا لأنه اكتسب خبرة لاباس بها في المجال التجاري والصناعي، وتحمل حقيبة وزير الداخلية التي هي المدرسة الاساسية في تكوين الوزراء إضافة إلى انه كان وزيرا للتجارة والصناعة، وأبلى الرجل البلاء الحسن، وقد يعود إلى منصبه كوزير اول إذا اقتضى الحال كتقنقراطي أو بجلباب حزب ما.

 

· الحكومة 29: حكومة السيد عباس الفاسي، وهي حكومة لم تغير من الواقع شيء، ولم تترك بعض البصمات على بعض القطاعات التي لها علاقة مباشرة مع المواطن، وبالتالي فالمواطن كان دائما يشعر ببطء حركة هذه الحكومة، بحيث السيد عباس الفاسي لم يف بما وعد به المواطنون قبل ان يصبح وزيرا اولا، وخاصة في قضية ما سمي بقضية النجاة، ولم يعمل على تقليص البطالة، واقتصاد الريع، وفي عهده عرف ما يسمى بالحريك وحرق الاجسام التي يئس أصحابها من الوصول إلى مستوى العيش الكريم، من خلال الولوج إلى مناصب الشغل،وكان من الممكن ان يغطي على هذه العيوب كلها لو حقق اتفاق 20 يوليوز الذي وقعه مع العاطلين من الاطر حاملي الشواهد العليا الذي بمجرد وصول السيد عبد الإله بنكيران تخلى عنه، واحدث ضجة أوساط المعنيين بهذا الاتفاق.

 

· الحكومة 30: حكومة السيد عبد الاله بنكيران وهو ثاني رئيس الحكومة بعد السيد عباس الفاسي، وبعد المصادقة على دستور 2011 الذي غير صفة الوزير الاول إلى رئيس الحكومة، حيث عين السيد عبد الاله بنكيران من لدن جلالة الملك محمد السادس وبناء على مقتضيات الفصل 47-2011، وهو رئيس حزب العدالة والتنمية، 3 يناير 2012، ولقد جدد فيه الثقة جلالة الملك في التعديل الحكومي الاول 10/10/2015، وذلك بعد انسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية عندما صعد حميد شباط كرئيس حزب الاستقلال.

 

· الحكومة 31: الدكتور سعد الدين العثماني 5 ابريل 2017

 

أما في محاولة التعديل الحكومي الثاني لحكومة السيد عبد الاله بنكيران ووضع البلوكاج حيث أعفى صاحب الجلالة الملك محمد السادس السيد عبد الاله بنكيران لما لم يستطع تشكيل الحكومة في النسخة الثانية، إذ استقبل جلالة الملك الدكتور سعد الدين العثماني وعينه رئيسا للحكومة في 5 ابريل 2017 وهكذا تحمل الدكتور سعد الدين العثماني مهمة رئيس الحكومة، إلى أن وقع الزلزال السياسي على إثر أحداث الحسيمة، وجددت فيه الثقة في التعديل الحكومي الاول بعد الغضبة الملكية على بعض الوزراء الذين إما فشلوا في مهامهم أو عجزوا أو تهاونوا في المهام المنوطة بهم.

 

أما التعليق عن الحكومات الأربع لحزب العدالة والتنمية، ارتأيت أن اترك ذلك للقراء الكرام حيث ان جل المغاربة عايشوا وتابعوا أطوار هذه الحكومات الأربعة، وهم يعلمون مدى نجاعة هؤلاء الوزراء او فشلهم سواء فيما يخص مرحلة السيد عبد الإله بنكيران أو الدكتور العثماني، أما من حيث الحكامة الجيدة لبعض الحكومات التي تمت الإشارة إليها في هذا المقال المتواضع، الواقع أن أحسن الحكومات وأنجعها حكمة وتبصرا تلك هي الحكومات التي تراسها المغفور له جلالة الملك محمد الخامس قدس الله روحه، و الحكومات التي تراسها جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني أمطر الله عليه شآبيب الرحمة واسكنه فسيح الجنان، حيث في تلك المرحلة عرف المغرب بداية التقدم والحضارة وتأسست المرافق العمومية والمؤسسات التربوية والتعليمية، وبناء السدود وبالتالي الازدهار الفلاحي والاقتصادي، ولو أن المغرب عرف في مرحلة السبعينيات والثمانينات بعض المطبات وكان سببها بعض المغرضين الانتهازيين من الداخل والخارج، مما جعل المغرب يتأخر في التقدم الإنمائي والبحث العلمي، ولكنه على الرغم من هذا استطاع المغرب أن يشق طريقه إلى مجاورة الدول السائرة في طريق النمو، وعرفت الدبلوماسية المغربية إشعاعا واسعا حيث أصبحت للمغرب في جل دول العالم بعثات دبلوماسية وأساسا الدول الكبرى الصناعية، وفي المقدمة الدول الخمسة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ومن خلال العلاقات الدولية والثنائية استطاع المغرب أن ينشىء جيشا يحسب له ألف حساب، ولقد ساهم في استثبات الأمن الدولي، خصوصا في بعض الدول الإفريقية الشقيقة كما أدى خدمات إنسانية واجتماعية جليلة في هذه الدول الشقيقة، دون أن ننسى بعض الدول الصديقة في آسيا.

 

ويلاحظ من خلال ما جاء وما تمت الإشارة إليه أعلاه أن الحكومات التي كانت ناجحة هي الحكومات التقنوقراطية، كما أن جل الحكومات المذكورة في هذا البحث المتواضع هي تقنوقراطية.

 

والجدير بالإشارة هنا، الأحزاب التي تحملت حقيبة رئيس الحكومة، هي كما يلي:

 

1) حزب الاستقلال: الأستاذ أحمد بلافريج الذي تأسس عام 1944.

 

2) حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية: الأستاذ عبد الله إبراهيم الذي تأسس عام 1959.

 

3) حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد الذي تأسس عام 1981.

 

أما الأحزاب التي سميت بأحزاب الإدارة لم تنل هذا الشرف، غير آن البعض من أسس هذه الأحزاب الإدارية ترأس الحكومة قبل أن يكون رئيسا لحزب ما، وكمثال على ذلك:

 

1) الأستاذ أحمد عصمان

 

2) الأستاذ المعطي بوعبيد

 

الأحزاب الإدارية المعروفة وطنيا هي:

 

· حزب التقدم والاشتراكية اليهودي كيون سلطان.1943.

 

· حزب الشورى والاستقلال، محمد بن الحسن الوزاني.1944.

 

· حزب الحركة الشعبية "أحرضان".1959.

 

· حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية "الدكتور الخطيب" 1967.

 

· منظمة العمل الديمقراطي الشعبية "محمد بن سعيد يدر" 1970.

 

· التجمع الوطني للأحرار "أحمد عصمان".1978.

 

· الحزب الوطني الديمقراطي "ارسلان الجديدي" 1981.

 

· حزب الاتحاد الدستوري. "ذ. المعطي بوعبيد" 1983.

 

وهي أحزاب كانت تحسب من الأحزاب الكبرى في السنوات الأولى من تأسيسها إلا حزب التقدم والاشتراكية.

 

هذه الأحزاب التي سميت بالأحزاب الإدارية كلها شاركت في الحكومات الآنفة الذكر باستثناء حزب الشورى والاستقلال وحزب منظمة العمل الديمقراطي الوطني.

 

وهي أحزاب منها من أحرق أوراقه في نظر المواطنين، وأخرى حافظت نسبيا على سمعتها.

 

 

من خلال ما يشاهد ويقرأ ويسمع، فجل الأحزاب إن لم نقل كلها فقدت ثقة المواطنين وعليها البحث على صيغ جديدة لإقناع هؤلاء المواطنون حتى لا يمتنعوا عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وأنا أقول إن الامتناع ليس هو الحل بحيث هناك من يكون في مصلحته هذا الامتناع.

مجموع المشاهدات: 1897 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟