شعور بعض الأحزاب السياسية بأزيز الزلزال السياسي "اقترب"

أقلام حرة

08/10/2019 17:22:00

عبد العزيز الإدريسي

شعور بعض الأحزاب السياسية بأزيز الزلزال السياسي "اقترب"

من الواضح جدا أن بعض الأحزاب السياسية شعرت بأزيز الزلزال السياسي قد اقترب، وبدأت تناوش في الكواليس من أجل جس النبض، هل لازالت هذه الأحزاب مرغوب فيها للمشاركة في الحكومة المرتقب تعديلها، أو أصبحت في عداد الأحزاب السياسية التي سيتم الاستغناء عن خدماتها لدعم الأغلبية الحكومية، وبالتالي منها من أصبح يفكر في الهروب بجلده حتى لا يقع في المحضور من طرف الناخب بصفة خاصة، والمواطن بصفة عامة، وأن هذه الأحزاب اختارت الإعلان المسبق من طرف واحد محاولة تضليل المجتمع المغربي، والمغاربة لم يعد ينطلي عليهم مثل هاته الألاعيب والمراوغات، من خلال الوعي الثقافي والتجارب السياسية التي مورست عليهم في السنوات الأخيرة، وعموما فإن الأحزاب التي سبقت الأحداث وأعلنت سواء بطريقة رسمية أو غير رسمية على أنها لن تشارك في الحكومة المزمع تشكيلها بعد الخطاب السامي لصاحب الجلالة أعز الله أمره بمناسبة الذكرى 20 لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، فهي أحزاب سواء انسحبت أو لم تنسحب لا تأثير لها على الأغلبية الحكومية، وبالتالي لم ولن يكون لها وزن سياسي داخل الأغلبية الحكومية لأسباب سياسية منسجمة مع المصالح العليا للوطن، واليوم، الحاجة إليها لم تبق مطلوبة وهذه الأحزاب التي يمكن إثارتها كمثال هي:

 

1) الاتحاد الدستوري ليس له فريق في مجلس النواب وبالتالي وجوده شبه منعدم، ولم يسمع له صوت أو حديث أو انه تقدم بمشروع طموح يمكن أن يدعم وجوده داخل الأغلبية الحكومية، بل الأكثر من هذا فوجوده مرتبط بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتوفر على مجموعة من النواب لابأس بها داخل مجلس النواب، وهو ذو تأثير سياسي واجتماعي في السياسة العامة وفي المشهد السياسي، وإن قرر هو الانسحاب قد تنشأ أزمة حكومية وبالتالي قد يحدث فراغ سياسي ويصبح التفكير في البديل جدي، ويتجلى ذلك في إعادة النظر في الهندسة الحكومية ومكوناتها السياسية، ومن ثم تشكيل حكومة توافقية مصغرة لتدبير الشأن العام تحت إشراف رئيس حكومة يرى فيه جلالة الملك الكفاءة لتحمل المسؤولية.

 

2) تشكيل حكومة تقنوقراطية تشارك فيها الجهات الاثنى عشر بدون رئيس حكومة، بل تحت الإشراف المباشر لصاحب الجلالة، تهيء لانتخابات 2021، وقد تكون قبل هذا التاريخ تفعيلا لمقتضيات الفصل 42 من دستور 2011.

 

وبالرجوع إلى الأحزاب السياسية التي قررت إن كان صحيحا أو التي قد شعرت بأزيز الزلزال السياسي، يمكن القول أن هذه الأحزاب أو من ينضم اليها تعلم علم اليقين أنها خسرت تموقعها في المشهد السياسي، وهي بهذا الإجراء ترسخ في مخيلتها أنها ستسترجع مكانها لدى المواطن إن هي تموقعت في صف المعارضة، وقد يكون هذا الحزب السياسي واهيا إن هو اعتقد ذلك، (على من تقرأ زبورك يا هذا)، فأنت سواء كنت داخل الحكومة أو خارجها، فالنجم قد أفل، وهذا الخطاب موجه بالأساس إلى الحزبين اللذين ينويان بمحض إرادتهما الخروج من الأغلبية الحكومية، القول لهما، "الضربة القاضية قد سددت يوم أن قررتم محاولة الانسجام والمشاركة في الأغلبية الحكومية" أما الاتحاد الدستوري وعلى وجه الخصوص كانت عافيته قد فتحت باب العودة وبدأ ينتعش سياسيا لولا الشبه انقسامات التي طرأت عليه أثناء المؤتمر الوطني الأخير، وتغيير الأمين العام، بحيث من هنا بدأ تأثير الضربة القاضية الودية ولكنها كانت قاسية عندما دفعته طموحاته السياسية الغير المدروسة والغير المتوازنة إلى المشاركة في الأغلبية الحكومية بنصيب هزيل، وإن ذلك كان فرصة سانحة أمامه لفرض الوجود والهبوط إلى الساحة الشعبية ليشرح موقفه وما يطمح إليه في المستقبل القريب، وانه بصدد تهيئ مشاريع طموحة لفائدة الطبقات الدنيا والمتوسطة من المجتمع المغربي.

 

أما حزب التقدم والاشتراكية، فهو من أقدم الأحزاب السياسية المغربية، وهو أول حزب مغربي تبنى الماركسية اللينية إيديولوجيا وتنظيميا، وتشكل أساسا باعتباره فرعا للحزب الشيوعي الفرنسي مثله مثل الأحزاب الشيوعية في بلدان المغرب العربي وأساسا تونس والجزائر، وقد تأسس هذا الحزب على يد يهودي مغربي اسمه ليون سلطان خلال اجتماع تأسيسي في 14 نونبر 1943 بمدينة الدار البيضاء.

 

واقتصرت العضوية في الحزب آنذاك على أعضاء الجالية الفرنسية والأوروبية المقيمة في المغرب وعلى عدد محدود من المثقفين من أبناء البرجوازية المغربية الذين درسوا في فرنسا، وتسلموا قيادة الحزب فيما بعد، أمثال الأستاذ علي يعتة، والهادي مسواك وعزيز بلال.

 

وللإشارة فقط، في عام 1943 شارك التنظيم الشيوعي المغربي في تشكيل فرع نقابي للنقابات الفرنسية في المغرب باسم الاتحاد العام للنقابات المتحدة بقيادة المرحوم الطيب بن عزة، والتي شكلت الهيكلة الأساسية للاتحاد المغربي للشغل، وكانت القوة الرئيسية للطبقة العاملة المغربية، من مساوئ الحزب التاريخية وسبب من طبيعة تركيبة الحزب وارتباطاته، فقد أعلن معارضته لمبدأ استقلال المغرب عن فرنسا عام 1944، ولكن هذا الموقف تغير بعد عامين، إذ تم إعلان الفرع المغربي للحزب الشيوعي الفرنسي كحزب وطني، وتولى قيادته السيد علي يعتة إلى أن وافته المنية.

 

وجاءت الخطوة الكبرى في 'مغربة الحزب" مع انعقاد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي المغربي بالدار البيضاء فبراير 1949 حيث تم انتخاب مغاربة في معظم المناصب القيادية للحزب، وبعد ذلك تحول الحزب الشيوعي في النصف الثاني من الأربعينيات ليلعب دورا أكثر أهمية من ذي قبل في النضال الوطني والشعبي المضاد للوجود الأجنبي، وكان من ثمار هذا التحول حظر نشاط الحزب في المغرب، ثم شارك الحزب في الكفاح الوطني المسلح الذي انطلق سنة 1953، كما نظم الحزب لجنة الاتحاد الوطني التي أسهمت إلى جانب منظمات مقاومة أخرى في النضال المسلح ولعبت دورا في التعبئة الجماهيرية المطالبة بالاستقلال وإعادة محمد الخامس سنة 1954.

 

وحسب المراجع تقوم المنطلقات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لحزب التقدم والاشتراكية على قاعدة الماركسية اللينية.

 

وخلاصة القول، سيأتي الحديث مطولا على مسار هذا الحزب السياسي، الذي صمد وجوده في المشهد السياسي على الرغم من أنه لم يسبق له أن حصل على مقاعد برلمانية تؤهله ليكون له وزن سياسي حتى يتحمل حقائب وزارية وازنة إلا في الانتخابات الأخيرة حيث حصل على عدد ضئيل من المقاعد سمحت له بالمشاركة في الأغلبية الحكومية، حكومة السيد عبد الإله بنكيران وحكومة الدكتور سعد الدين العثماني، كوديعة من لدن سلفه الأستاذ عبد الإله بنكيران، غير أن جل الوزراء الذين تحملوا المسؤوليات في الأغلبية الحكومية للعدالة والتنمية الأربع لم يعطوا إشعاعا للحزب يعطيه للحزب، يعطيه وزن يفرض به وجوده في المشهد السياسي بل أصابت أمينه العام الغضبة الملكية من خلال الزلزال السياسي التاريخي على اثر تعطيل المشاريع الإنمائية والتي تسببت في أحداث الحسيمة، وجرادة والضواحي القريبة منهما.

 

 

لهذه الأسباب، هذا الحزب لم يكن له وزن سياسي منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، ولن يكون له تأثير على مكونات الأغلبية الحكومية إن انسحب أو لم ينسحب، لا هو ولا الاتحاد الدستوري، أصبحت حظوظهما ضئيلة للحفاظ على مكانتهما في المشهد السياسي كحزب له وزنه وشعبيته، إن لم يتدارك الموقف ويهبط إلى الساحة الشعبية ويتواصل مع مكونات المجتمع المدني المغربي في المدن و القرى، ويحيي مقراته الإقليمية والجهوية قبل فوات الأوان، ويستقطب إن استطاع إلى ذلك سبيلا المناضلين الشباب الجدد ويعمل على عودة المناضلين القدامى وفق استراتيجية شاملة تهم حاجيات المواطنين الملحة من خلال الكلمة الحقيقية والتاريخية للأستاذ المعطي بوعبيد مؤسس الاتحاد الدستوري رحمه الله، والحق يقال إن هذا الرجل لازالت له سمعة طيبة داخل المجتمع المغربي، الرياضي والمثقف، والمحاماة والحرفيين والفلاحين والمزارعين، فشخصية الرجل لازالت محترمة، وتحتم على المكلفين الجدد إلا أن يوظفوها بأسلوب ملائم للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من خلال لقاءات تواصلية، وأجزم أن كل ما سمحت الظروف وتحدثت معه في الموضوع إلا ولمست لديه الحنين إلى أيام الاتحاد الدستوري، وإلى الشخصيات التي ناضلت في صفوفه، إذن الفرصة سانحة لا يخص إلا التواصل والقدرة على التبليغ و بأسلوب حضاري مقنع يتلاءم ومستوى الطبقات "وخاطب الناس على قدر عقولهم". انتهى الكلام.

مجموع المشاهدات: 634 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟