سينما المضيفات

أقلام حرة

01/11/2019 14:04:00

محمد حسيكي

سينما المضيفات

السينما : le cinéma  قاعة فرجة، يتابع منها المشاهدون الافلام المصورة بإخراج فني من ادوات عمل تقنية، تقدم الواقع الحي في شكل واقع متفرع عن الاصل، بالصور المفعمة بالحركة والنطق، مما يجعلها شاهدة على الواقع كما سجلته الصور الحية من واقع حي .

ومن هذا التحول المنهجي في طريقة العمل الفني، حققت السينما خطوة في مجال العمل المرئي طور الفكر الثقافي، الى صناعة ثقافية من ادوات تقنية تعمل على تحويل المادة الثقافية من فكر مقروء، الى سلع وخدمات مادية مسموعة ومرئية .

وهكذا ظهر الشريط المصور للعمل الفني السينمائي أمام الاعين، بالحلم الواقع من اليقظة العلمية عن طريق الصناعة السينمائية، مما جرى عليه الوصف اللغوي بالتسمية من : فن سابع المستحيلات . 

وقد ظهرت السينما بالمغرب أواخر النصف الاول من القرن العشرين، وهي من الساحة الاجتماعية على مراتب واصناف .

مراتب السينما :

سينما الجدران العارية السقف، وهي سينما العموم غير مصنفة الدرجات، وتشتغل من الاوقات الليلية، ومن غير مضيفات، تعمل بالسعر الموحد من الشباك، مجهزة بمعزل آلي للتقديم، وبالمقاعد الخاصة من مكان الفرجة، خالية من المتاجرين بالتذاكر خارج الشباك .

سينما السقف العادي، وهو الصنف العام من البلد، وتحتوي قاعة خاصة تغلق ابوابها وتنطفئ انوارها حين بداية تقديم الفيلم الخاص بالمشاهدين من الحضور، وقاعة من وراء الستار خاصة بالخدمات التقنية لتقديم العمل السينمائي، تشتغل حين تنطفئ انوار القاعة الأولى، حيث تلوح الانوار بعنوان الشريط من سبورة العرض، مع المقدمة الموسيقية والاسماء المشاركة في الانتاج السينمائي من الفيلم المعروض على الانظار، تتلوها وقائع الشريط المصور، وحين الاختتام تعلن الكتابة الضوئية المصورة عن النهاية، حيث يأخذ المشاهدون فترة استراحة لمتابعة الشريط الثاني، أو نهاية فترة العمل من الشريط الواحد .

سينما السقف المتحرك وهو السقف الذي يكون مفتوحا وقت الدخول، وأخذ المتفرجين أماكنهم من القاعة، وحين وقت الاشتغال، تغلق الأبواب ويغلق السقف، وتنطفئ الأضواء، حيث تلوح من سبورة القاعة أضواء البداية وأصوات العرض السينمائي المقدم للحضور

مضيفات القاعة :

مستخدمات أنيقات مهذبات في ريعان الشباب،  يشتغلن من داخل بوابة قاعة العرض، حيث يسهرن على تموضع المتفرجين بالقاعة، التي ينظم بها الشباك الدخول الى درجات مختلفة من الأثمنة، فهناك : الدرجة الأمامية  l’orchestre، وهناك الخلفية الأعلى منها تسعيرة، ثم الدرجة الشرفية الممتازة balcon،.

من خلال الحجوزات والتصنيف يتواجدن في الخدمة ببدلة العمل مع مسحة تجميلية من شعر الرأس الى أخمص القدمين، يتحلين للعمل بالساعة في يد، والفانوس الضوئي في يد، من اجل دلالة الزبون على مقعد الحجز بالقاعة .

كما يشرفن على ادب متابعة الفرجة من القاعة، وفي حالة الخلل من المتفرجين يبلغن مصلحة الاستقبال لإعادة الهدوء الى القاعة

وإن كن يشتغلن كمستخدمات بالأجر مع صاحب القاعة، فإن اريحية المتفرج لا تبخل عليهن بالإكراميات، من ادب المعاملة .

ويرجع الفضل في دخول المرأة المغربية الى مجال العمل بالساحة العمومية، الى الأوربيين الأوائل الذين اشتغلوا مع العموم، بأسرهم وسلطات ادارتهم، لتأهيل المجتمع الى المستوى الدولي المطلوب .

ومن الوجهة الخدماتية يسهر على الدخول الى السينما شباك الأداء لحجز التذكرة من الدرجة، ومضيفات القاعة اللواتي يقمن على تنظيم الجلوس بالتصنيف من القاعة، وفي التقديم مستخدم تقني، يقوم بتركيب الشريط المصور على الآلة بقاعة الاستخدام المعزولة عن الجمهور من وراء الستار، وتشغيل الآلة التي تسترسل في العرض، بالسرعة الضوئية على سبورة قماش ابيض، تتجلى منه الفرجة بقاعة دامسة، في حركة نابضة بالحياة على الشاشة الكبيرة .

ومن ايجابيات الخدمات السينمائية مشاركة المرأة في الفرجة والأدوار السينمائية، ومن موقع بارز في دور البطولة مع الرجل .

ويرجع ذلك التطور للمستوى الاجتماعي من المعرفة والثقافة، التي وصلت اليها المرأة في مجال العمل والتعليم الى جانب الرجل، وخروج المرأة من البيت الى العمل بالساحة الاجتماعية، إذ اصبح المجتمع يحمي المرأة الى جانب الرجل، ويشغلها كما يشغل الرجل، ويسيدها كما يحب الرجل .

وفي ظل هذا التحول الاجتماعي، من الانفتاح المرئي، تطور مستوى المرأة المغربية اجتماعيا من ربة بيت، الى ربة عمل من الحياة العامة .

أجواء الفرجة السينمائية :

تشتغل القاعات السينمائية بالمغرب، عهد سيادتها من الساحة مرتين في اليوم، الاولى من بعد الظهر، والثانية من الساعة التاسعة ليلا، الى منتصف الليل، تشتغل بسعر الشباك من الدرجات حين يكون الفيلم عادي .

وحين يكون الفيلم متميزا، تجد اثنين أو ثلاثة من المضاربين يشتغلون خارج الشباك في التذاكر بأثمنة سوداوية، تدر على الجيب مداخيل من فائض القيمة، وإن بقيت بأيديهم تذاكر من العرض تعود الى مستخدم الشباك .

وكثيرا ما تعرض الافلام الجيدة في نهاية الاسبوع اقترانا بالعطلة الاسبوعية، حيث يرتفع الاقبال على القاعات السينمائية، ويشتد ال زحام أمام الشباك، مما يؤدي الى ارتفاع في الاثمنة، وتواجد المضاربين بالأسعار.

أصداء الفيلم من الفرجة :

تنعكس اصداء الفيلم السينمائي على ملامح المشاهدين بعد نهاية العرض، إذ تراهم حين الخروج من العرض من احوال مختلفة، حين يكون الشريط مرحا وشيقا، يخرج المتفرجون منشرحين يتبادلون الأحاديث وقسمات الضحك من الشارع .

وحين يكون الفيلم تراجيديا ترى المشاهدين غاضبين متأثرين، منهم من يتحدث بنبرة متأثرة عن مشاهد الفيلم، ومنهم من يخرج مكفهرا محجما عن الحديث، ومن  المشاهدين من يخرج من وسط الفرجة دون اتمام العرض متأثرا من المشاهدة .

أما الأفلام ذات الصدى الثقافي المبني على قصة محبوكة الرواية من الآداب العالمية، غالبا ما يتابعها ويهتم بها صنف القراء، بينما هواة السنيما من الفرجة، وإن لم يفوتوا على انفسهم فرصة المتابعة، فكثيرا ما يتعلقون ببعض القراء من المتفرجين لمعرفة الجوانب المضيئة من الفيلم، والتحصيل منهم على مضمون مقنع من متابعة الفرجة .

العمل السينمائي والانفتاح الاجتماعي :

المغرب في بداية عهده من الاطلاع على الاعمال السينمائية المصورة، تشرب من السينما الأوروبية، والسينما العربية ، والهندية، والأمريكية، وسينما أدوار المصارعة الآسيوية، وخرج من ذلك التنوع الذي انفتح عليه بواسطة الجمهور، بتجارب إنتاج سينمائي مغربي، وإن اصطدم بنكوص سينمائي على الساحة الاجتماعية، وجد الرواج من تنشيط القاعات الى جانب الافلام الدولية، والترقي بالعمل السينمائي من مستوى القوافل السينمائية المتجولة، الى مستوى التنظيم والحضور في المهرجانات الوطنية والدولية . 

ويرجع الفضل في التنوع والانتاج السينمائي التجريبي الى المركز السينمائي المغربي الذي يشكل النواة المحركة للعمل والانتاجات السينمائية في تظاهرات من قوافل سينمائية، أو مهرجانات وطنية أو دولية، أو انتاجات دولية مشتركة، أو مغربية مدعمة .

وقد عملت السينما أيام مجدها الى ظهور اندية الشباب السينمائية، التي لعبت دورا تثقيفيا وفنيا في التأطير وتنمية الذوق الابداعي لدى الشباب .

ومن وجهة أخيرة تكون السينما من وقت ظهورها قد عملت على تنمية الحياة العاطفية في شبيبة المجتمع، الذين اصبح لهم الخيار في شريك الحياة، بدل خيار الاسرة من الحياة التقليدية ، كما وفرت مجال العمل للمرأة من القاعة، ومن المشاركة في العمل الانتاجي .

 

ويبقى تجلي ظهور السينما وكبر اسمها في مجال الانتاج، من صعود نجوميتها بالساحة الدولية في ضوابط قواعد عملها، المبنية على تقنيات فنية رفيعة، تعلي فن القصة من الرؤية المصورة والاخراج في شكل إبداع فني لا يخلو من متعة المشاهدة . 

مجموع المشاهدات: 673 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟