◾عَنِ اَلْأَرْكَانِ واَلْأَعْمِدَةِ بِاَلصَّحَافَةِ اَلْمَكْتُوبَةِ وَأَقْلاَمِهَا اَلْمُبْدِعَةِ..!!
عبد الرحيم هريوى
في آخرأي صفحة من الجرائد الوطنية أو على واجهاتها تجد من بينها أقلاما تمتلك تقنيات ومؤهلات ذاتية في مجال التحرير الصحفي سواء من حيث أسلوب الكتابة أو اللغة المستعملة..وهاته الفئة المتميزة قد فرضت نفسها عبر أعمدة مشهورة وأركان قارة، من خلال كذا مقالات قصيرة و متنوعة، قد تتصف بالتكثيف الدلالي واللغوي، وقد اكتسب أصحابها عن طريق الممارسة خبرة كبيرة، وأمسوا يمتلكون شبكة واسعة من المعرفة، مما أهلهم لشدِّ القارىء والمهتم، لما يتطرقون إليه من مواضيع هامة حول قضايا العصر وإشكالاته.
وقد نصادف من بين الأقلام الصحافية من يجوب بذكائه وخبرته المعهودة أدغال ومنعرجات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية الوطنية، بكفاءة وقدرة ومهارة المُتَمَكِّن والدَّارس والمُنقِّب عن المعلومة، وهو يُبْدِعُ أيَّ إِبْدَاعٍ في عموده الذي قد يمسى في يوم من الأيام من أيقونات الأعمدة الصحافية المغربية، و التي تبقى شاهدة على أقلامها عبر تاريخ المسار الصحافي الوطني (شوف تشوف - مشاهدات عابرة .. جريدة الأخبار) (مع الشعب. جريدة العلم) (نقط على الحروف – نافذة - عين العقل. جريدة الاتحاد الاشتراكي ).
وفي ظل حديثنا عن العمود الصحافي كمقال قصير يذهب فيه كاتبه إلى صميم الموضوع، وهو يطرح كل جوانبه مستعملا في ذلك أسلوب الإمتاع والمؤانسة والسخرية موظفا العامية والأمثلة الشعبية وغيرها، في غياب الكلام الإنشائي أو الأسلوب التقريري، مستعملا بذلك لغة ثالثة، تتسم بالوضوح والمعنى الدلالي، مما يعطي للمقال زينته وجماليته وإثارته لدى القارىء، وذاك ما مَشَى عليه كل من الجاحظ وابن المقفع وأبي حيان التوحيدي في زمانهم في" أدب الرسائل في تراثنا للأدب العربي " وقد عرفت " أوروبا الحداثة " كتابة المقال مع ظهور الصحافة في القرن 16، وبعدها انتقل إلى الوطن العربي عن طريق الاحتكاك الثقافي والانفتاح الفكري على حضارة الغرب..ونجد من بين الكُتَّاب المشهورين للأعمدة الصحافية في وطننا العربي، هناك صالح منتصر عبر عموده "مجرد رأي"
وفي زماننا الحاضر نلمس أن هناك تراجعا ملحوظا على الإقبال على ما هو مكتوب في عِزِّ أوج الثورة الرقمية والمعلوماتية في مجال الإعلام والتواصل الرقمي.. لكن هناك فئة مثقفة أخرى لا يرتاح لها بال إلا بقراءة كذا جرائد عينها، وهي معدودة عَدَّ الأصابع
على قهوة صباح جديد، وذلك للأقلام المبدعة التي ما فتئت تعمل جاهدة على تقديم الجديد والمفيد عبر منابرها الورقية، والبحث عن التطرق الدائم والمستمر لبعض القضايا والمواضيع الثقافية والاجتماعية والسياسية التي ترى بأن القُرَّاء مازالوا متعطشين لمعرفة المزيد عنها، ومواكبة كل المستجدات الوطنية وما يلازمها من تراجعات و كبوات وأزمات تحتاج لتعريتها والكشف عن أسباب معاناتها وأمراضها المزمنة...
ولذلك تستمر الأقلام المبدعة في العطاء وتزويد القراء بالمفيد من خلال العمل الصحافي الجَادِّ، من أجل التوعية والتثقيف ومشاركة الآخر فيما يهم الوطن والمواطنين ومواكبة الأحداث والمستجدات لأولئك الذين يتحملون مسؤولياته في تدبير شؤونه السياسية والاجتماعية والثقافية وما تعرفه البلاد من تحولات مجتمعية عميقة ، وانتظارات وتحديدات كبرى على أكثر من صعيد نعيشها اليوم، وسنعيشها خلال العقود القادمة بحول الله تعالى وقوته...
