عين على الشارع في ساعة الذروة
عبد الرحيم هريوى
حين تجد نفسك وأنت الحائر وسط ضباب الرؤية وحين تحتار في اختيارك للمقال عنوانه، وحين ترى الحياة بعين المتفحص للعالم من حولك وترى كل الناس وهم تائهون.. مذعورون..مضغوطون بالوقت، وهم يصارعون ويتسارعون وكأنهم هاربون من الموت الذي يطاردهم..وتبدو لك الحياة حينذاك في صورتها الأخرى لما ترى ما يجري في شوارعنا الرئيسية من سلوكيات أمست حلبة من حلبات السباق والركض وكل واحد يريد أن يبحث له عن مكان له ضمن الكوكبة الأولى وبأي طريقة كانت.. وحينما يتوقف طابور من العربات على اختلاف اصنافها وأشكالها و أنواعها أمام إشارات المرور الضوئية..فهذا يتحايل على اللون الأحمر والآخر ينتظر لمدة ما؛ ثم يمر في وقت لم يشتعل بعد، والباقي في حالة قلق وترقب وانضغاط نفسي، والعيون كل العيون مشدودة للضوء كي يَخْضَّرَ في أي وقت كي يتحرك الواقفون الصامدون الصابرون ما داموا في عجلة من أمرهم.. ولا يخلو المنظر كذلك في تلك اللحظات اليسيرة من مضايقات من هنا وهناك، فهؤلاء أفارقة من دول الجنوب قد اختاروا لهم هذا المكان بالضبط لطلب العون والدعم ولو في دقائق معدودة عبر الطواف على أكثر من سائق عربة، والقليل القليل من يتجاوب مع الموقف ويناولهم النوال .. وآخرون يظهرون بسرعة البرق ممن احترفوا التسول بشتى الطرق بالمرور بسرعة بين صفوف العربات المتوقفة.. وأطفال في عمر الزهور يلهثون وهم يقدمون بضاعتهم البخيسة للسائقين وهم يتوسَّلون من يشتري منهم .. ولا يخلو المنظر أو المشهد الدراماتيكي بالشارع الكبير من ظاهرة ضجيج أصوات الأبواق والمنبهات حين يتصاعد صوتها نحو فضاء السماء وحسب كل حالة طارئة، قد يمكن تفاديها بأقل الأضرار أو بنوع من الصبر وروح التعامل الإيجابي بين بني البشر مما يجعل الآخر هنا وهناك يحتج بطريقته الخاصة عن أشياء وأشياء لا تحتاج لأي ردة فعل كانت.. أما أصوات الموسيقى الصاخبة وضجيجها المنبعث من كذا سيارات فيبقى مألوفا وجد عادي في شوارعنا لتكراره من طرف البعض الذي يراه وسيلة من وسائل الإثارة والنشاط وإثارة انتباه المارة، إذ يأبى البعض إلا أن يطلق العنان لشريط صوتي لأغنية غربية أو شعبية تصم الأذان و يسمعها كل من حضر سواء كان قريبا أم بعيدا ..
أما الراجلون فهم يتعاملون بمزاجية أو ببرودة أعصاب وهم يمرُّون من أي مكان شاؤوا أو أرادوا، أوهم يسارعون الخطى حينا أويمشون الهوينة حينا آخر ، في غياب أشياء كثيرة تفتقدها سلوكياتنا الحضارية ومن الواجب علينا أن نتَّصف بها ونحن وسط الحاضرة .. وهناك البعض من هؤلاء الراجلين الذين يدخلون في تحدٍّ معلن للراكبين أنفسهم.. ناهيك عن فئة أخرى تراهم يمرون من الممر الخاص بهم
وهم خائفون مذعورون وغير مطمئنين بتاتا على سلامتهم الجسدية عسى أن تنفلت عربة من هنا أو هناك وتفاجئهم لذلك يسارعون الخطى كي يمرون بسرعة خاطفة نحو الرصيف....!!
لكل ما سبق نقول :
◾فجوُّ الهدوء والعيش في سكينة واطمئنان نفسي وروحي، فنحن البشر الذين نصنعه بتطبيقنا للقانون واحترامنا له جميعا، وحُبُّنا للعيش في النظام وذاك يحتاج منا للكثير.أما الضجيج والفوضى وأي مظهر من مظاهر التخلف الأخرى، وفي غياب الضميرالأخلاقي والقيمي والديني ، فيكفينا إتقان مواهب الصراخ والعبث والعويل في وجه بعضنا البعض و بشتى أصنافه وأنواعه في حياتنا اليومية...!!!
