تقنية التعليم عن بعد بالمغرب

أقلام حرة

08/04/2020 16:05:00

المختار شعيب

تقنية التعليم عن بعد بالمغرب

اتخذت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر قرار إغلاق المدارس منذ ليلة يوم الجمعة 13 مارس 2020 على أن يطبق ذلك يومه 16 من نفس الشهر، كخطة استباقية وطنية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وطرح معها المدرسون كما المتعلمين، عن طريقة التعلم عن بعد، فتم انعقاد مجلس التدبير الساهر على تطوير المؤسسة في دورة استثنائية، لدراسة عملية التدريس عن بعد، اهتدت كل المؤسسات بمختلف مستوياتها كما الجامعات والمعاهد... على اعمال تقنية التواصل الاجتماعي الواتساب والفايسبوك وانشاء صفحة خاصة بكل مؤسسة توضع فيها الدروس المصورة والمكتوبة لتسهيل فهم المتعلمين والطلبة، فالجانب المتعلق بمسؤولية الدولة خاصة قطاع التربية الوطنية، فقد هدفت الوزارة الوصية على إبقاء المتعلمين والطلبة في منازلهم، حفاضا على صحتهم والحد من الاختلاط على ينتشر الفيروس، لقد لوحظ خلال الأيام الأولى إن الدولة قامت بواجبها وأوقفت الدراسة وتعهدت بتوفير الدروس الحضورية عن بعد (كيف؟ سنرى، وليس هذا الأهم حاليا)، الآن على المواطنين تحمل مسؤولياتهم وإبقاء أطفالهم وحتى أبنائهم الأكبر سنا في المنازل قدر الإمكان وليس تركهم يخرجون إلى الشوارع كما يتوجب عليهم تجنب التفكير في السفر والزيارات العائلية والخروج للمقاهي والمطاعم...، لأن مستقبل المغرب وحياة الناس متعلقة بالوقاية الآن وحالا وفورا هذه ليست عطلة استثنائية فهذا هذا إجراء وقائي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وظهرت معها شعارات " بقاو فداركم" الخ وبكل اللغات وبالكبسولات أيضا.

 

أما الجانب المتعلق بالممارسين (المدرسين) فقد طرح المدرسون عبر التراب الوطني سؤالا عريضا، عن قانونية استعمال الوسائل الاجتماعية في التعامل مع المتعلمين وفي مرحلة المراهقة، وتؤكد بقانونيتها لأنه قرار اتخذ عن مجلس مهم داخل المؤسسات واطلعت عليه المديريات ومنها إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وأنها مرحلة خاصة، هذا وقد أوضحت الوزارة أن الدروس ستدرج عبر القناة الثقافية المغربية، وعبر منصات تابعة للوزارة.

 

ويشير ويتحدث الأساتذة أنه بعد قرابة أسبوعين من العمل بما سمي حديثا - على الأقل عندنا - التعلم عن بعد خصوصا مستعملي الواتساب صار من اللازم أن نقف وقفة مصارحة ومكاشفة للوقوف على حصيلة

 

هذه العملية وجدواها بعيدا عن مبررات الظرفية الوبائية على العالم بأسره وبعيدا عن الحماس الوطني الذي أجج في نساء ورجال التعليم الرغبة في خدمة الوطن وأبناء الوطن وبعيدا حتى عن هاجس لغة الأرقام والاحصائيات والتسويق الإعلامي الذي يحرك غالبا مسؤولي الشأن التربوي.

 

فالوزارة كما أنها تضع المدرسين في وجه المدفع إن صح التعبير، ألا يساهم المدرسون في تعميق جراح المنظومة التربوية التعليمية، بتكريس تعليم طبقي يلغي مبدأ تكافؤ الفرص لأنه يتوجه إلى أبناء الأسر التي تستطيع توفير الحاسوب والهاتف والربط بشبكة الأنترنيت بينما يدير ظهره لأبناء الأسر الهشة التي لا تستطيع شراء حتى تعبئة الهاتف أية جودة وأية بيداغوجية للتعليم عن بعد، وكان من اللازم إيجاد حلول لتقليص فوارق وذلك بتغطية مصاريف الأسر بإعلان اطلاق الأنترنيت مجانا وتقوية الصبيب، وليس تغطية مصاريف كورونا بأموال الطبقات الهشة والضعيفة بعد مرور أيام قليلة جدا من بداية تطبيق الطوارئ الصحية، وبعد ان أبلت فئة عريضة من نساء و رجال التعليم البلاء الحسن في إنجاح تطبيق كل التدابير الاحترازية لهذه الطوارئ، خاصة ما يتعلق بالانخراط في مختلف أنشطة التعليم عن بعد، سواء من خلال الاستمرار في تقديم خدمات التدريس والتتبع والتقويم من منازلهم بوسائلهم وإمكاناتهم الخاصة، أو عبر إنتاج موارد تربوية رقمية وتوفيرها لمصالح الوزارة من أجل تعميمها على التلاميذ، او من خلال التنقل لمقرات العمل بغاية السهر على تصوير وتسجيل الدروس لبثها على القنوات التلفزية...

 

إن الأسر المغربية ملزمة بالجلوس مع أبنائهم لفترة طويلة خلال اليوم، ويتحملون غضبهم واحتياجاتهم، والظرفية التي تفرض عدم اخراجهم إلى الشارع حماية لهم وللأنفسهم، وعليه إيجاد حلول فمثلا ابتعاد عن المعارك مع أطفالهم لأنهم لا يريدون أن يقوموا بالواجبات المدرسية، ولا يجب أن يصرخوا على أطفالهم لعدم إتباعهم البرنامج الذي حددوه لهم سلفا، لا يلزم اجبارهم على قضاء ساعتين في التعلم إذا لم يرغبوا في ذلك فالفكرة التي نريد أن نوصلها في هذه الظرفية الحساسة ، أن الصحة النفسية والعقلية لأطفال أكثر أهمية من مهاراتهم الأكاديمية.

 

فالأسر المغربية يلزمها مدرب نفسي عبر برامج تلفزية يومية لفن التعامل مع هذا الوباء وفي ظل الحجر الصحي، لإعطاء أفكار كالقيام بنشاطات ممتعة معهم مثل لعب الورق، الرسم، الغناء، الأشغال اليدوية، ثم الطبخ والخبز او مشاهدة الأفلام، هذا أمر طبيعي في هذه الظروف ما يحتاجه الأطفال الآن هو الشعور بالراحة والحب، هم بحاجة للشعور بأن كل شيء سيكون على ما يرام في قادم الأيام.

 

ومن المؤسف كما لوحظ في العديد من التدوينات للمدرسين وبلاغات النقابات إغفال دورهم لما يقدموه، حيث أن رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، شكر الجميع مستثنيا جنودا هم مربوا الأجيال، وأن قرار تأجيل ترقية موظفي الدولة باستثناء أعوان الأمن الداخلي ومهنيي قطاع الصحة، لا يستند على أي تبرير مقنع، بل فيه تمييز صارخ في الحقوق بين موظفي وأعوان الدولة، وهو قرار يحمل فئة معينة من

 

الموظفين الكلفة المالية للأزمة... فضلا عن أنه قرار يمرر مطلب المجتمع بضرورة تحفيز موظفي واعوان قطاعات الامن والصحة على مجهوداتهم الاستثنائية خلال هذه المرحلة بأسلوب عادل، حيث استثناء ترقية موظفي التربية الوطنية يعد تصغيرا لمجهوداتهم والخدمات التي يقدمون، بل كان ينبغي تمكينهم من تعويضات اضافية واستثنائية تقابل حجم تضحياتهم... الحكومة لم تتعلم الدرس بعد في ظل هذا الوباء، لأنها لم تغير نظرتها للقطاعات الاجتماعية العمومية الاساسية، وعلى رأسها قطاع التربية والتكوين، الذي تأكدت الاولوية للاهتمام به في هذه المرحلة الراهنة التي تستدعي تقوية الدولة والمجتمع بالكفاءات والاطر لمواجهة الأزمات المستجدة.

 

 

فالكل كان ينادي بأن على الجميع ان يتحد لمواجهة جائحة فيروس كورونا، ظهر مع الأسف حالات تغرد خارج السرب من بعض رجالات السلطة وكذلك المواطنين بل ومن بعض الأسر، وهي ممارسات التي تبين الأنانية، ولانغفل موقف رئيس الحكومة المغربية السيد سعد الدين العثماني، ولم توفر الحكومة إلى اليوم شروط التعليم عن بعد، في ظل حالة الطوارئ، والتي نرجو أن تنتهي في القريب العاجل.

مجموع المشاهدات: 2360 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟