08/04/2020 16:18:00
علي كرزازي
ليس من شاهد كمن سمع
من واقع التجربة الميدانية أشهد وأنا في كامل قواي العقلية والنفسية على أن هذه الفئة من المواطنين تقدم تضحيات جسام، وقد أثبت التاريخ دوما أنهم كانوا من حراس هذا الوطن والساهرين على أمن أفراد شعبه وسلامتهم، قد يقول قائل: إنهم معروفون باستغلال النفوذ وقبض الرشاوى...وما إلى ذلك .
لكني أقول إن هذا الحكم ينطبق على فئة قليلة منهم، تلك التي تعاطت لهذا النوع من السلوكيات المشينة، لكن التحولات التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة جعل هامش هذه الطينة من أعوان السلطة تتقلص إلى حد كبير، ولست أبالغ إذا قلت إن سيرة وسلوك وكذا مردودية أعوان السلطة تتأثر سلبا أو إيجابا بمستوى رؤسائهم في العمل إلى حد كبير، اللهم إذا استثنينا بعض الحالات المعزولة التي يكون فيها عون السلطة مسؤولا عن أعماله بشكل مباشر.
إن الظروف التي يشتغل فيه عون السلطة تكتنفها عدة صعوبات وإكراهات ليس هذا مقام التفصيل فيها، ولعل هذه الظروف تجعله معرضا في الكثير من الحالات لضغط نفسي شديد يوازي الضغط المفروض على رجل السلطة، إن لم يكن أكثر.
ومادام أن المناسبة شرط، فان جائحة كورونا أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن عون السلطة عنصر أساس في معادلة تعاطي السلطات المحلية مع هذه المعضلة، فهو يعمل ليلا نهارا على تطبيق التعليمات الصادرة عن السلطة والرامية إلى إنجاح عملية الحجر الصحي، ولا أحد يجادل في كون المجهودات المبذولة في هذا الشأن من لدن أعوان السلطة على امتداد ربوع المملكة مجهودات جبارة ، لا نملك حيالها إلا أن نقف وقفة إجلال وإكبار لجنود الخفاء هؤلاء. وكم حز في نفسي أن العديد من الدارسين والمتدخلين لم يكلفوا أنفسهم الإشادة بالدور الفعال لأعوان السلطة، والذي لا يقل في شيء عن دور الأطباء ورجال السلطة والشرطة والدرك الملكي والقوات المساعدة ورجال المطافئ. إنهم يعرضون صحتهم وسلامة أسرهم للخطر، ولعله من باب الإنصاف والعدل أن نشيد بعملهم البطولي.
لقد اثبت عون السلطة أنه كان دوما في صلب التحديات والمعارك التي قادتها الدولة في سبيل إرساء دعائم التنمية والأمن والرخاء، فمن الانتخابات إلى مكافحة الجريمة والإرهاب ، ومحاربة البناء العشوائي وكذا الكوارث الطبيعية من زلازل وفياضانات.... وغيرها من أوراش البناء والتنمية، كان عون السلطة العين التي لا تنام، والأذن المنصة للتعليمات...و
لا أحد ينكر أن فطنة ويقظة هذه الفئة المتحلية بالحس الوطني العالي وبحب ملكها ، جنبتنا العديد من المآسي والنكبات...ولنتذكر دائما أن الأمن والأمان الذي نعيش في ظله يعود بنسبة كبيرة لهؤلاء الجنود المجندين دوما لخدمة الوطن...
وبعد، أفلم يحن الوقت لنعيد الاعتبار لجنود الخفاء هؤلاء من خلال إرساء نظام أساسي ينتظم فئتهم ويحدد مهامها ووظائفها، ويكفل لها حقوقها كاملة من خلال إعادة النظر خاصة في نظام التقاعد المعتمد حاليا، وكم يحز في النفس أن أسر بعض هؤلاء الأعوان يعانون في الغالب الأعم بعد وفاتهم من ظروف اجتماعية ومادية قاهرة.
لا أشك أن مرحلة كورونا ستمر إن عاجلا أو آجلا و ستكون التحديات المترتبة عنها كبيرة وكبيرة جدا، وستتم إعادة النظر في الكثير من السياسات والبرامج، كما أن اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي ستكون مدعوة إلى مراجعة طريقة عمله والخلاصات الأولية التي يمكن أن تكون قد توصلت إليها، وآمل أن يتم في هذا السياق إنصاف أعوان السلطة حتى يكونوا في حجم التحديات والطموحات المستقبلية لبناء مغرب حداثي متقدم وآمن، ينعم فيه الجميع بحقوقه ويؤدي واجباته في ظل دولة الحق والقانون.
والله من وراء القصد.
... تفاصيل أكثر
... تفاصيل أكثر
عدد التعليقات (5 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟