كيف بات كوكبنا الأرضي يتكلم لغة واحدة
عبد الرحيم هريوى
كل ما نراه اليوم ونشاهده ليس حلما ..ولا فيلما هيتشكوكيا..ولا رواية عالمية من إبداع جورج أرويل أو غابريال غارسيا ماركيز.. قد يكون ما وقع من وهم الخيال لكن الواقع العالمي على الأرض يكذب ذلك.. وقد يكون كذلك هو عصارة وزبدة زمننا المعاصر و نتيجة طبيعية لعقود كثيرة مرت، من ما أمسى يسمى" بالعولمة أو الكوكبة الجارفة" التي لا تبقي ولا تذر..!! والتي طغت فيها المصالح الكبرى على إنسانية الإنسان وكرامته ، وصرنا نعيش العولمة المالية والتجارية والعسكرية والإعلامية وحتى الثقافية منها، وعيون كبار العالم كلها مشدودة للبورصات المشهورة عبر العالم في الليل و النهار، ومعها غابت القيم والأخلاق وكرامة إنسانية الإنسان، وكل شيء أمسى يباع في الأسواق...!!!؟؟؟
- فهل ما نعيشه اليوم ؛ يعتبر نهاية لجشع عالمنا الجديد الذي عشنا فيه لعقود عديدة. و تابعنا صراعاته وتسابقه المجنون على الاغتناء عبر شركاته العملاقة، همُّها الوحيد بالأساس هو الربح وقهر الضعفاء والفقراء على وجه الأرض...!!؟؟؟
ولا أحد اليوم كان ينتظر هذا السناريو العجيب والغريب ولم يستشرفه عقلاء ومفكرو هذا العصر...ولا أحد كان يتكهن أويعلم ما وقع بالفعل ..ولا ما يقع.. ولا ما سيقع في الغد القريب، ولا ما ينتظره العالم برمته من مفاجآت سارة كانت؛ أم ضارة لا قدر الله..!!؟؟ وكأننا أمام قصة أهل الكهف التي أخبرنا بها الله عز وجل في كتابه الكريم ، والقليلون هم من يعرفون حقيقة عددهم.. هم أولئك الذين ناموا في كهفهم عدد سنين ..ولا المدة الزمنية التي لبثوا فيه؛ أي الكهف...!!
-هل هم خمسة وسادسهم كلبهم ..؟؟
- أم هم ستة وسابعهم كلبهم ؟؟
- أم هم ثمانية وتاسعهم كلبهم ..؟؟
لا يعلم عددهم إلا الله...!!
وكذلك ما أصاب عالمنا اليوم بأسره ، من جنون وحمق غير منتظر..وكأنه فقد ذاكرته من شدة خوفه من الخوف نفسه.. ومن هلعه من الهلع نفسه ..ومن أزمته التي جعلته مهدد بالإفلاس الكلي شرقه وغربه..وكل ذلك بسب عدو غير مرئي لا تراه العين المجردة بل يتم تحديده عبر مختبرات تحليلية جد دقيقة ، إن لم نقل معقدة وبمصاريف
باهضة. نعم؛ إنه فيروس القرن..بل مرعب القرن الواحد والعشرين"كوفيد19" أو كورونا المستجد..أو جائحة عصر العولمة..!!؟؟
وها نحن عشنا كي نرى، بأم أعيننا ، كيف تحولت الفوضى الخلاقة التي كانت أداة من أدوات التدمير لبعض الشعوب بالشرق الأوسط، لتضرب العالم بأسره لكن ليست بالأسلحة المعهودة لدى أقوياء القرن 21..وأمسينا نعيش الصمت والحزن والحذر و الخوف والبكاء ... بعد الفوضى العارمة التي كان يعيشها كوكبنا الأرضي ليلا ونهارا، وكانت لا تتوقف حركته برا وبحر وجوا..!! إنها فوضى كانت تعيشها شعوبه المستضعفة والفقيرة منها لسنين طويلة ويتحكم فيها الأقوياء ..!!
واليوم هاهوالعالم الشاسع الكبير.. الفسيح بكل ما يملكه من قوة عسكرية وأسلحة دمار شامل وقوة اقتصادية كبرى، وأخرى تقنية وخبراء وعلماء وهلم جرا.. قد تقوقع على نفسه بل انطوي على ذاته، وكل دولة تقول : نفسي نفسي نفسي ..!! وتحولت دول العالم العظمى والقوية لتشبه دولا ضعيفة .. وأمسى لا فرق بين هذه وتلك ..وبين من تمتلك قوة المال والسلاح والنفوذ، وبين من لا تمتلك حتى تأمين قوت شعوبها، وقد عاشت وتعيش مع متاعب ومشاكل جمة في كيفية تسديد ديونها المتراكمة لأبناك دولية تلتهم من مواردها الأخضر واليابس باسم الدعم والمساندة التنموية لأقطارها..
لقد انتهى الكلام المباح ، وبدأ العالم في تكلمه للغة جديدة، قد تناسب عصرا جديدا آخر...!!
