فيروس كورونا وانهيار أسطورة "العالم الغربي المتقدم، المتمدن"

فيروس كورونا وانهيار أسطورة "العالم الغربي المتقدم، المتمدن"

عبدالسلام الموساتي

لماذا تحول هذا العالم "المتحضر"، إلى ما يشبه الغابة..؟

 

هل تفعل بنا "الرغبة في البقاء" كل هذا..؟

 

هل كان العالم الغربي يخدعنا ويخفي حقيقة ضعفه..؟

 

الأسئلة كثيرة، والبحث عن أجوبة قد تكون بدايته هنا والآن.. فما يحدث عبر العالم يحتاج منا أن نقف عنده طويلا لنحاول أن نفهم أين نحن، نحتاج أن نصحح مفاهيم كثيرة، ونحتاج أن نعيد النظر في الطريقة التي نفهم بها العالم والطريقة التي ننظر بها إليه..

 

الحياة مقدسة والمعارك من أجلها يمكن أن تلغي كل الطباع الإنسانية الرحيمة التي اعتقدنا على مدى سنوات الأمن أنها طباع ثابتة ولا يمكن أن تتزحزح مهما كانت المسببات قوية، إلا أن إنتشار فيروس كورونا بشكل مفاجئ ومتسارع أثبت لنا أن كل المبادئ الإنسانية وكل القيم يمكن أن تنهار، يمكن أن تندثر رغبة في البقاء.

 

المدنية أيضا مجرد أكذوبة يمكن أن تنهار في أية لحظة، فالأصل في الإنسان هو البداوة. وهو ما يتأكد اليوم عبر صراع دول عظيمة وتسابقها بنوع من الوحشية نحو الاستيلاء على الكمامات وأجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من الأجهزة التي يمكن أن تساهم في الحد من انتشار الفيروس ومن ثم ربح معركة البقاء. أقصد أنه عندما يتعلق الأمر بالصراع من أجل البقاء، يغدو الإنسان أنانيا وذاتيا جدا، لا قدرة له على تجاوز ذاته والتفكير بمنطق الجماعة، لا قدرة له على أن يتطلع للعالم من خلال نافذة "الإنسانية"، يغلق العالم تلك النافذة ليكتفي بإلقاء نظرات سريعة وخاطفة عبر نافذة "أنا وفقط"..

 

بين مرحلة التسابق نحو التسلح ومرحلة التسابق نحو الكمامات، تنهار أسطورة العالم الغربي المتحضر المتمدن، ويتضح لنا - نحن شعوب العالم الثالث- أننا كنا نمجد أكذوبة عظيمة، أكذوبة خلقها الإعلام بالدرجة الأولى، إعلامهم القوي الذي جعلنا نتوهم ولسنوات أن دولا كالولايات المتحدة وسويسرا وبريطانيا وفرنسا... يعيشون خارج الزمن الذي نعيشه، وأن ما وصلوا له اقتصاديا وصناعيا وعلميا لا يمكن أن يسقط. اعتقدنا بتوهم أنهم فعلا يقرؤون المستقبل وأنهم فعلا يملكون القدرة على مواجهة كل تحديات الطبيعة والعلم.

 

الواضح أنه ضعفنا ما جعلنا نتوهم قوتهم، وتأخرنا ما جعلنا نتوهم تقدمهم..

 

 

كورونا حولت العالم إلى مجموعة وحوش، كلها تصارع من أجل البقاء، سقط قناع الاتحاد الأروبي، وسقط القناع عن الولايات المتحدة... العالم يتجه ليصافح الصين وإن كانت هي مصدر الفيروس، سيصافحها العالم دون خوف هذه المرة. ربما ستتغير موازين القوى، وربما لا.. ربما نتجه نحو إرساء قواعد نظام عالمي جديد، وربما لا.. لكن ما أنا متأكد منه هو أننا نحن العرب سنبقى هنا، مجرد ذيل للعالم.. ربما نعود للخلف قليلا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة