الإدارة من زاوية أخرى؟؟
جواد مطعي
منذ زمن ليس بالقريب ,’’ انتقل مفهوم الإدارةadministration من الأسلوب الذي يعتمد على الرئاسة و التسيير الفردي إلى مفهوم آخر جديد 1Managementيتبنى القيادة الجماعية و التدبير التشاركي gestion participative بحيث يخول قسط كبير من سلطة القرار للمؤسسة نفسها عبر مختلف مجالسها ,وفق مقاربة تشاركية غير متمركزة .
على هذا الأساس فإن المدبر الذي ينهج الأسلوب الأحادي لعدم تبصره أو لفكره التقليدي أو سوء مناخه العقلي و يعتقد أنه سيتحكم في كل شيء , فهو في الحقيقة لا يقوم بأي شيء على الوجه المطلوب ,بل أن الأمر قد ينفلت و في أي لحظة من قبضته بل و قد يرتد عليه .
لقد ظهرت مجموعة من المقاربات الحديثة التي حاولت التنظير لمفهوم التدبير,بهدف
تطوير الأداء الإداري و ضمان الفعالية و النجاعة ,كالتدبير بالمشاريع و التدبير بالأهداف و التدبير بالنتائج وغيرها...لكن ما أروم تسليط الضوء عليه هنا هو مقاربة أخرى تكاد تكون منسية أو مبخسة ,رغم الإعتراف بها أكاديميا, إنها الإدارة بالحب .
فمن بين الرواد الأوائل الذين تناولوا هذه المقاربة نجد كاثلين سانفورد katleen Sanfordمن خلال مؤلفها القيادة بالحب*, إذ تعتقد هذه الأخيرة أن فشل المقاربات الأخرى لا يكمن بالأساس في مناهجها أو عدم مصداقيتها ,بل في البرمجة الذهنية لقادتها و افتقارهم للحب ,تلك العاطفة النبيلة …
تشبه سانفورد هذا النوع من القيادة بالأم التي تفيض بمشاعر الدفئ و العاطفة ,إذ لا تبخل على أبنائها بالعطاء و التكوين المستمر و تقاسم المعارف و الخبرات قصد تنمية كفاياتهم ,كما تعمل على تفويض السلط و المشاركة في اتخاد القرار بهدف إعداد قيادات جديدة للمستقبل ...
إنه ذلك الحب الذي لا ينتظر مقابلا ,فهو غير منتهي و لا مشروط ,ومن جهة أخرى فهي قد لا تتردد في معاقبة أبنائها حفاظا على مصلحتهم. إنه خليط من من الحب و الجد و الحزم.
إن نجاح العظماء الذين بصموا التاريخ , لم يكن مقرونا بشهادات جامعية أو تكوينات أكاديمية بقدر ما كان مرتبطا بحب وولاء أتباعهم لهم .
هذه الفكرة لا تعني أن المدبر ملزم بدعوة الموظفين للإستماع لقطعة موسيقية أو فيلم رومانسي ,بل المقصود هو تثمين الجانب الإنساني في التعامل معهم و عدم تشييئهم ’ مع اعتماد روح القانون و المرونة بهدف حفزهم ومنه رفع المردودية و مستوى الأداء و الجودة .
فرغم اختلاف الإديولوجيات و التلوينات النقابية , فالمؤسسة التربوية ليست حلبة للصراعات المعلنة و الخفية ,بقدر ماهي مجال لنسج علاقات ودية وتمرير رسائل نبيلة و ’’تنشئة تلميذ اليوم و مواطن الغد تنشئة اجتماعية سليمة ليكون فاعلا في خدمة نفسه و أسرته و مجتمعه و وطنه و الإنسانية بأسرها2...
فمن يبتغي إدارة مؤسسته بالحب يجب عليه حب نفسه أولا عبر تطويرها و الإرتقاء بها و أن يكون حريصا كل الحرص على إرضاء الموظفين و المرتفقين و احترامهم و مساعدتهم و تقديم أجود الخدمات بعيدا عن كل طمع أو استغلال ..
فالأجمل هو أن يترك أثرا طيبا في القلوب يكون إرثا ممتدا عبر الحياة و الأزمان ...
1 دليل الحياة المدرسية ;غشت 2008 ;ص 85 page 242-june1998 -scovashon fransi-kathleen sanford -Leading with love * 2 أساليب تدريس التربية الاجتماعية و الوطنية ;عطية عودة أبو سرحان ;دار الخليج ; ص 27
