أخبارنا المغربية
أخبارنا المغربية- ياسين أوشن
بعد انتهاء انتخابات 8 شتنبر وإعلان أسماء المنتخبين الناجحين فيها؛ لفت انتباه المواطنين، في جل المدن والبوادي المغربية، تواري مرشحيهم الذين صوتوا لصالحهم عن الأنظار دون أن يظهر لهم أثر.
هذا "الحجر السياسي الإرادي" للمنتخبين جعل المواطنين يتساءلون عن دواعي "اختفائهم" منذ ليلة لإعلان عن النتائج، وأين هي وجهتهم، ومتى سيظهرون مجددا. كما أن نشطاء وحقوقيين سلطوا الضوء على هذه الظاهرة في منصات التواصل الاجتماعي، محاولين تحليلها كل من زاوية معالجته.
جل التفسيرات المتداولة في الشوارع والمقاهي تذهب في اتجاه أن الطامحين في تسيير المجالس الجماعية يخبئون المرشحين الموالين لهم؛ تارة في الفنادق وأحيانا أخرى في بيوت مغلقة وخلف الأبواب الموصدة، بمدن وقرى بعيدة بكيلومترات عن الدوائر التي ترشحوا بها مع ضمان المأكل والمشرب، إلى حين حلول موعد التصويت على تشكيلة المجلس، خوفا من إرشاء بعضهم أو شرائهم بالمال أو انقلابهم المفاجئ وغير المتوقع.
وذهبت عدة قراءات إلى أن "الشيكات دون رصيد" هي العملة المتداولة في هذه الفترة من الانتخابات قبل تشكيل المجالس، بل قبل الإعلان عن النتائج أصلا، حتى يضمن المرشح الراغب في رئاسة جماعة معينة تصويت منتخبين عليه، لتحقيق غايته المتمثلة في تسيير المجلس للسنوات الخمس المقبلة.
ولفهم الظاهرة أكثر ووضعها على مشرحة التحليل؛ أفاد عباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن "هذه الظاهرة جاري بها العمل في المعترك السياسي المغربي"، واصفا هذا الاختفاء بـ"الاختطاف المؤنسن" لعدة اعتبارات.
ومن الناحية العملية، يردف الوردي في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، فـ"هذه المسألة متجاوزة وأكل الظهر وشرب عليها، وتنذر باستمرار التعامل بتقليدانية مع المشهد السياسي. كما أنها تضرب حرية الاختيار لدى المنتخب لانتقاء الأصلح لتدبير هذه المرحلة".
وزاد أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط أن "مثل هذه الممارسات غير مقبولة في هذا العهد؛ عهد تكريس المسار الديمقراطي للمغرب، زد على هذا أنها تضرب في العمق مبدأ المساواة الدستوري بين المنتخبين، وضرب للديمقراطية التمثيلية التي عبر عنها من خلال صناديق الاقتراع".
الوردي أوضح في السياق نفسه أن "مثل هذه السلوكيات لا تحدث في البرلمان؛ بل تقتصر، فقط، على مجالس الجماعات الترابية. واستمرار التعامل بهذه الطريقة يعطي صورة قاتمة ويوجه رسالة سوداوية للمواطنين الذين انتخبوا هؤلاء الأشخاص، إذ سيحاسب هؤلاء المنتخبون في حالة دعموا أحد البروفايلات التي لا تليق بانتظاراتهم وتطلعاتهم".
وخلص أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس في الرباط إلى أن "من يمارسون مثل هذه العملية ويكرسونها هم الأشخاص الذين يتوفرون، أولا، على المال؛ ثانيا الأفراد الذين يفتقرون إلى الكفاءة، على اعتبار أن الأكفاء لا يمكنهم أن يلجؤوا إلى مثل هذه "الألاعيب" التي لا تمت بصلة للواقع الديمقراطي". ودعا الوردي، في ختام تصريحه، إلى "ضرورة القطع مع هذه الممارسات التي لن تخدم لا المشهد السياسي ولا الشأن العام وقضاياه المصيرية".
