أخبارنا المغربية
إعداد :عبد السعيد الشرقاوي
"رأس المال غير المادي": اختصاص الخبراء الراسخين في علمه
لا يوجد في البلدان النامية كلها، وضمنها البلدان العربية الإسلامية، و لو خبير واحد في مجال "رأس المال غير المادي"، بمفهومه العالمي و الحضاري الواسع : تنظيرا و تطبيقا، حتى و لو تعلق الأمر به كمادة علمية مدرجة في مقررات معاهد الدراسات و البحوث الاستراتيجية، ذات المستوى الرفيع في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن انعدامه أصلا في بلادنا، و حتى في معظم البلدان المتقدمة، فيما لو تعلق الأمر بعلم "رأس المال غير المادي"، كسر من أسرار الدولة، جميع خطوطه و حواشيه مرسومة "بالحبر السري"، و لا قبل لأحد بفك طلاسمه و ألغازه.. اللهم إلا الراسخون في علمه. و تعتبر نسبتهم في دولة كالولايات المتحدة الأمريكية أقل من نسبة الملح للطعام... جلهم وزراء و سفراء و مستشارون للرئيس و الكنغريس الأمريكي.
الخبرة المتخصصة: طوق النجاة و سر النجاح
و هذا النوع من العلم الاقتصادي الجديد هو الذي تعز الخبرة فيه، نظرا لجدواه في تقرير مصير الأمم العظيمة. و هو ما يشكل همنا الأساسي منذ أربعة عقود، ونصدع به دائما كلما رأينا الفرصة مؤاتية لذلك، وليست "رؤوس الأموال المادية" في صبغتها المحلية و المبتذلة المتجاوزة، التي يمكن لأي كان أن يخوض فيها، بل "يؤلف" فيها الأسفار والمجلدات... و هي متوفرة و كثيرة بصورة فاحشة.
"رأس المال غير المادي": علم جديد و اقتصاد وليد.. و خبرة من نوع جديد
اذ العبرة ليست بالتنظير الوهمي أو اللجوء الى المغالطة كتغطية لسوء الفهم... بل بالتطبيق العملي: بتحويل "خيرات البلاد غير المادية" الى سيولة مالية و تسخيرها لتنمية الرؤوس المالية و توزيعها توزيعا عادلا بين "الرؤوس البشرية غير المادية"، و بخاصة تلك الفئات المهمشة التي تشكو من خلل كبير في التوازن و في توزيع "الثروة غير المادية"؛ و تتساءل من جانبها، استلهاما من الخطاب السامي لعاهل البلاد، باعادة صياغة سؤال جلالته، و الذي جاء على النحو التالي:
- "أين هي هذه الثروة ؟ و هل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط ؟"
و الحقيقة المرة التي لا يمكن السكوت عنها أنه لم يبق من هذه الثروة في المغرب الا نسبة قليلة جدا، لا تستفيد منها الا فئة محدودة العدد...
و ذلك نتيجة انعدام الوعي و الادراك بالمسؤولية و انعدام الأمانة الجسيمة الملقاة على عاتق المسؤولين.. و في غياب روح المسؤولية و الضمير الانساني و المهني و الاجتماعي و الوازع الديني و الخلقي للقيمين و الأوصياء على "ثروة المغرب غير المادية" ...تظل كل الشرائح الاجتماعية على اختلاف مشاربها و أهوئها مهمشة ..تقاوم المرض و الجوع و العجز، تكافح الغبن و الفقر و القهر، وتصارع الموت في صمت..
الخوض بدون علم في القضايا المصيرية: مسؤولية يجب ربطها بالمحاكمة.
فما بال "الناس" (أشباه الخبراء) الذين يثيرون اليوم الكثير من الصخب و اللغط في مختلف وسائل الإعلام، و قد كانوا حتى الأمس القريب يلوذون بالصمت الرهيب أمام صيحات فئات عريضة من "ذوي الحقوق": فقراء و أيتام و أرامل و غيرهم "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف"...
و نحن لا ندري ما إذا كان هؤلاء "الناس" (أشباه الخبراء)، المتطفلون و المتطاولون على اختصاصات الغير، يعلمون و يعون جيدا أن الصمت في مثل هذه المواقف خيانة عظمى يستحق مرتكبوها الملاحقة و المحاسبة و المحاكمة.
و الحالة هذه فلا مجال اذن لأي فضول أو تطفل.
خبير قضائي (الوحيد في المغرب و العالم العربي الاسلامي) لدى وزارة العدل و المنظمات العالمية، وسيط و حكم دولي ...معتمد في ما اصطلح على تسميته بـ "رأس المال غير المادي"
